عاجل/ تراجع بنسبة 50% في كميات اللحوم الحمراء بالمسلخ البلدي لهذه الولاية    طيران الإمارات تتصدّر الترتيب العالمي لأقوى العلامات التجارية    "لا مفر منه".. تحذيرات في كاليفورنيا من "الزلزال الكبير"    تحت مظلة الأمم المتحدة... مؤتمر "حل الدولتين" يُعقد أواخر الشهر الجاري    عاجل/ اصطدام سيارة بمحل حلاقة وهذه حصيلة المصابين    عاجل - تونس: أمطار بين 20 و40 ملم متوقعة اليوم في هذه المناطق    مهم للناجحين في الباك 2025: كيفاش تاخو كلمة السر للتوجيه الجامعي؟    صدمة في العالم : يقتل ابنته ''لاعبة التنس'' بسبب شهرتها على السوشيال ميديا    هند النعيرة: اسم لامع في عالم موسيقى "القناوة" يتجاوز الحدود الجندرية والثقافية ويلهم الأجيال القادمة من النساء    علاش الكليماتيزور يخرج في هواء سخون وهو في وضع التبريد؟    شنوة الحاجات اللي ما لازمش تدخل لغسالة المواعن؟    ليفربول يحجب رقم 20 الخاص بجوتا إلى الأبد    التمديد مجدّدا في منحة تسليم الشعير الى حدود هذا الأجل..#خبر_عاجل    ندوة صحفية بمقر النقابة الوطنية للصحفيين لكشف وتوضيح ما يحدث من اجرام بيئي في خليج المنستير    أبرز الأحداث السياسية في تونس في أسبوع (من 5 إلى 11 جويلية 2025)    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات: المنتخب الوطني يواجه اليوم منتخب جمهورية الدومينيكان    الترجي الجرجيسي: تربصات بالجملة .. ومواجهتين وديتين في البرنامج    عاجل/ السجن 20 عاما ضد كاتب عام سابق بنقابة الحرس الوطني من اجل هذه التهم    الدوري الماسي – ملتقى موناكو: التونسي محمد أمين الجهيناوي في المركز الثامن بسباق 3000 متر موانع    عاجل/ عاصفة قبلي وتوزر: مهندس بالرصد الجوي يقدّم تفسيرا للظاهرة    من الكراء للملكية... مشروع قانون جديد على طاولة مجلس الوزراء بش يسهّل الحلم بالمسكن للتونسيين !    عاجل – للتونسيين: ''يوم عطلة'' في جويلية للموظفين في القطاعين العام والخاص    شهداء في قصف متواصل على غزة منذ فجر اليوم.. #خبر_عاجل    عاجل/ البنتاغون: صاروخ إيراني أصاب قاعدة "العديد" في قطر    عاجل/ فرنسا ترحّل تونسيا محكوم بالسجن 132 عاما    لافروف: نحذر الولايات المتحدة وحلفاءها من خلق تهديدات أمنية لروسيا وكوريا الشمالية    بالقفطان والبرنس.. نجل زيدان وزوجته يحييان التراث المغربي    كارلسون لا يستبعد احتمال عمل إبستين مع الموساد وممارسة الابتزاز لصالح إسرائيل    المنستير: توسعة ميناء الصيد البحري بطبلبة وانجاز مركّب تقني وتأهيل مركز التكوين محور اجتماع اللجنة الجهوية للتسريع في المشاريع العمومية    ترامب يكشف عن طريقة جديدة لتسليح أوكرانيا    جلسة بوزارة التجهيز لمتابعة تقدم تنفيذ مشاريع الجسور والطرقات لسنة 2025    تاريخ الخيانات السياسية (12) بين الحجّاج و ابن الأشعث    مخطط التنمية 2026 – 2030: اقتراح 132 مشروع بمدينة الحمامات    معالم وآثار: توزر... دار بن عزوز .. منارة داخل المدينة العتيقة    تونس – القلعة الكبرى: العثور على فتاة ميتة في منزلها بحبل ملتف حول رقبتها    قرطاج لا يُغَنَّى فيه مجانًا... تصريح رسمي يحسم الجدل حول مشاركة الفنانة أحلام    الحكومات العربية باتت مهتمة بالاستخدمات السلمية للتكنولوجيات النووية    بالمناسبة .. .مهازل مهرجان قرطاج وفضائحه    في ظلّ غياب الخصوصية والتميّز والإمكانيات: ما الهدف من كثرة المهرجانات في سوسة؟    منظمة الصحة العالمية تكرّم سعيّد    الاسباني كارولوس ألكاراز يتأهل الى الدور النهائي لبطولة ويمبلدون    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    ما ترقدش بكري؟ المخ، القلب، والمعدة يدفعوا الثمن!    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    كأس العالم للأندية 2025: صراع محتدم على الحذاء الذهبي قبل االمباراة النهائية    أزمة ديون جديدة تهدد انطلاقة النادي الإفريقي قبل موسم 2025-2026    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصدق الشريف يكتب لكم : هذه بضاعتكم تُردّ إليكم
نشر في الصريح يوم 07 - 04 - 2020

شاهدنا عبر القنوات التلفزية كلّها ولا نزال كيف أن رجال الأمن والجيش لا تنام لهم عيون من أجل فرض احترام الحجر الصحي العام والذاتي في الشوارع، في الأنهج، في الأزقة، أمام المؤسسات الحكومية وفي كل التجمعات السكنية. ولاحظنا جيدا أن هذه المتابعة الأمنية والعسكرية قد اُستعملت فيها الطائرات لحصر التجاوزات وضبط أماكنها وذلك بالتنسيق مع قاعة العمليات. كما اُستعملت مكبرات الصوت مطالبة بالتي هي أحسن المواطنين بالالتزام بالبقاء في بيوتهم حتى لا يزداد وباء الكورونا انتشارا فتكون العواقب لا قدّر الله وخيمة على صحة التونسيين وحياتهم: "يرحم والديكم و والدين والديكم شدوا دياركم"، إيبارك فيكم شدوا دياركم". لكن ومع الأسف الشديد، تطالعنا المشاهد وتأتينا الأخبار من كل حدب وصوب بأن الشارع التونسي تسير فيه الحركة بصفة شبه طبيعية في عديد من مناطق بالبلاد شمالا وجنوبا، شرقا وغربا وأن المجهودات المبذولة من مختلف الأطراف وعلى رأسها وزارات الصحة والداخلية والدفاع قد تذهب هباء منثورا.
وهنا نتساءل: لماذا لم تستجب مجموعة كبيرة من المواطنين إلى واجب البقاء في البيت والخروج فقط في الحالات القصوى؟ أ لا تعي هذه الفئة بأنها تلقي بأيديها إلى التهلكة وأنها تسوق لنفسها الأخطار؟
ورغم أن المشهد في الحقيقة مزعج ويبعث على عدم الاطمئنان نقول بكل هدوء ودون انفعالات: هذه بضاعتنا تردّ إلينا، هذا زرعنا يعطي حصاده وثماره.
إنّ الوعي لا يُكتسب بين عشية وضحاها. وأولى لنا ثم أولى أن نجد المواطن في الصورة التي نريدها ونأملها بمجرد أن نضغط على الزر.
مواطن اليوم اللاّمسؤول هو نتاج ما تلقاه من تربية داخل أسرته لسنوات منذ الولادة مرورا بالطفولة وصولا إلى الشباب. فهل كان للعائلة حضور؟ وهل تحملت مسؤوليتها في تربية أبنائها كأن يفرض الأبوان الانضباط والاحترام في الأسرة عن طريق الحوار والاقناع دون التسلط والقمع؟ هل تخلّت الأسرة عن دورها؟ ماذا قدمت الأسرة لأبنائها؟ كيف نريد اليوم أن يُعير المواطن أهمية واعتبارا لأوامر رجال الأمن والجيش وأن يلزم بيته وقد تجاوز طيلة حياته هيبة الأبوين؟ ثم هل كان بإمكان العائلة أن تُؤطّر أبناءها أم حالت الظروف الاجتماعية والمادية بينها وبين ذلك فالأبوان يلهثان وراء القوت من طلوع الشمس إلى غروبها وشمل العائلة لا يُجمع في أغلب الأسر التونسية إلا في ساعات الليل هذا إن قٌدر لها أن تتحلق حول مائدة العشاء أو أمام شاشة التلفاز بعد اجتياح مواقع التواصل الاجتماعي لكل زاوية في الدار حتى صار كل فرد في شأن يغنيه؟
مواطن اليوم اللاّمسؤول هو كذلك نتاج ما قدّمته له وسائل الاعلام السمعية والبصرية وما تنهض به من دور في تكوين الوعي والارتقاء بمستوى المواطن فكرا وذهنا وذوقا. فهل عملت وسائل الاعلام على الأخذ بيد المستمع والمشاهد حتى ينضج ويدرك جيدا ما له وما عليه؟ هل قدّمت نقاشات وحوارات يحضرها رجال أكفاء في جميع المجالات؟ هل دفع الإعلام وزارة الثقافة إلى أن تكون برامجها ونشاطاتها هادفة إلى السمو بذائقة المواطن فكريا وفنيا؟ وهل حال دون أن تكون هيكليا لا تتعدى مسؤولياته القيام بحفلات ومهرجانات يختلط فيها الحابل بالنابل لا همّ له سوى تأثيث الأمسيات والسهرات بأي عرض موسيقي أو مسرحي يعترض طريقه؟ هل شدّدت وسائل الإعلام بصفة يومية على جعل المطالعة ضرورة حياتية بالتنسيق مع وزارة الثقافة حتى لا يتحول تناول الكتاب إلى سلوك غريب وعجيب؟
مواطن اليوم اللاّمسؤول هو أيضا نتاج المنظومة التربوية. فإلى أيّ مدى ارتقت المنظومة التربوية بوعي التلميذ وعمّقت فيه الشعور بالمواطنة وعلّمته أساليب ممارستها؟ لقد حوّلت البرامج التعليمية التلميذ إلى وعاء يُملأ بمعلومات صالحة وطالحة يتحصل بفضلها على أعداد يرتقي بها من قسم إلى آخر ومن مرحلة تعليمية إلى أخرى. ناشئتنا تفتقر للفكر التحليلي والنقدي والموضوعي بعد أن أُجبرت على الحفظ والحفظ وتحبير ما حفظته على أوراق الامتحانات لا تلوي على شيء غير ذلك ولو في مراحل متقدمة من التعليم العالي.
مواطن اليوم اللامسؤول هو كذلك نتاج النظام السياسي التونسي. إذ لطالما أرغم أصحاب السلطة الشعب بعصاهم الغليظة على الطاعة والانصياع دون أن ينبس ببنت شفة. فنشأ المواطنون على قهر الدّولة والخوف والذعر والرعب منها لينقلب ذلك بعد 14 جانفي 2011 إلى تمرّد على الدولة وعصيان لها وخرق صارخ لقوانينها في غياب شبه تام للدور التحسيسي لمختلف مكونات المشهد السياسي والنقابي والمدني.

وعلى العموم، فإن درجة الوعي المتدنية لدى أغلب التونسيين التي أدّت بهم إلى خرق واجب احترام الحجر الصحي الذاتي والعام سببها انغماس العائلة في ما هو يومي طوعا أوكرها وما قدّمته أغلب وسائل الإعلام ووزارة الثقافة من برامج تهريجية لا تزيد المتلقي إلا سذاجة و سطحية في مجملها إضافة إلى السياسة التي انتهجتها المنظومة التربوية في تعليب المعلومة و سلعنتها والسلطة الحاكمة خاصة قبل 14 جانفي 2011 في ترهيب المواطنين وحملهم على تطبيق القانون خوفا لا استبطانا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.