تفاجأ الجميع في هذا الظرف الصعب و البلاد تعيش على وقع جائحة وبائية حلت بالبلاد وباتت تهدد صحة المواطن وما رافقها من إجراءات حكومية لقرار الحجر الصحي الذي أقرته لمنع انتشار فيروس كورونا بصدور الرائد الرسمي للجمهورية التونسية المؤرخ في يوم 6 أفريل الجاري والذي نشر فيه قرار السيد وزير الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية القاضي بالزيادة في تسعيرة الماء الصالح للشراب بطريقة تدريجية تفاضلية حسب الكميات المستهلكة لكل موطن تبدأ ب 200 مليم للمتر المكعب بالنسبة للعائلة التي تستهلك كمية من الماء تقل أو تساوي 20 مترا مكعبا خلال مدة ثلاثة أشهر وتنتهي ب 1.490 مليم للمتر المكعب بالنسبة للمواطنين الذين يستهلكون خلال المدة المحددة كميات من الماء تفوق 500 متر مكعب. وقد بررت السيدة " عاسقة البحري " كاتبة الدولة للفلاحة والموارد المائية هذا القرار بأن هذه الزيادة لا مفر منها أمام تراجع موارد الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه التي تشكو عجزا في مداخليها شأنها شأن بقية المؤسسات العمومية وهو وضع أثر بصفة ملحوظة على أدائها و قدرتها على التدخل لتلبية حاجيات الناس من التزود بالماء الصالح للشراب حيث كانت التغطية بالشبكة وصلت حدود المائة بالمائة خلاف سنة 2000 لنجد أنفسنا اليوم في حدود 60 % وهي وضعية غير مريحة ولا يمكن أن تتواصل فضلا على أن الشركة هي اليوم عاجزة على القيام بإصلاح أو صيانة الشبكة الموجودة نتيجة قلة الموارد والإمكانيات التي لا تمكن من تغطية كل النفقات المطلوبة وهذا يقودنا حسب قولها إلى أن الدولة مضطرة إلى الترفيع في سعر الماء الصالح للشراب الذي يبقى في كل الأحوال زهيدا مقارنة بأسعار استهلاك الماء في دول عربية وغربية ومقارنة كذلك بسعر الماء المعلب والذي يباع في المغازات وبالتالي فإن سعر الماء المتأتي من الحنفية هو زهيد مقارنة بالماء المعلب والذي دخل في عادات المواطن التونسي وتعود على شرائه دون تذمر ولا اعتراض وتواصل فتذكر بأن تونس تعد من البلدان التي تشكو نقصا في مياهها الجوفية وهي مصنفة ضمن البلدان الفقيرة مائيا ما يجعل الدولة تتوخى سياسة مائية تحفز المواطن على عدم إهدار الماء والتعامل معه بحكمة ومن بين الحلول المتوخاة في التحكم في استعمال الماء هذه الطريقة التفاضلية في تسعير استهلاك الماء حسب الكمية المستعملة . في الحقيقة فإن من يسمع السيدة كاتبة الدولة للفلاحة وهي تدافع عن قرار الزيادة في تسعيرة استهلاك الماء الصالح للشراب يقول بأنها لا تعيش معنا وتتكلم من كوكب آخر غير كوكبنا ويأخذنا الظن بأن هذه الوزيرة لم تسمع بالجائحة التي حلت بالبلاد أو ما أصاب الناس من اضطراب في حياتهم وصل إلى حد غلق الكثير من الشركات والمصانع وخسارة الكثير من الوظائف وأماكن الشغل بما يهدد البلاد بأزمة كبيرة جراء البطالة الفنية وما سوف ينجر عنها من تداعيات خطيرة على عيش المواطنين بعد أن يخسروا مرتباتهم وموارد رزقهم. ويبدو أن كاتبة الدولة لم تبلغها الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة و التي أعلن عنها السيد إلياس الفخفاخ للوقوف مع الفئات المتضررة ولمجابهة مخلفات هذه الجائحة وهي قرارات سخرت لها الدولة موارد مالية كبيرة وصلت إلى حدود 2.2 مليار دينار صرفت في إعانات اجتماعية على الفئات الضعيفة والتي تضرر وضعها المالي جراء هذا الوباء وإجراءات أخرى لأصحاب المشاريع الذين اضطروا إلى تعليق نشاطهم مع مواصلة تسديد أجور عمالهم وإجراءات مالية أخرى للأخذ بيد أصحاب الحرف والمهن الصغرى حتى يبقوا على نشاطهم وإجراءات أخرى لتأجيل دفع أقساط القروض التي يحل أجلها وتخص كل شخص له تعهدات مالية تجاه البنوك ومعاملات جارية معها بما يعني أن الدولة في هذا الظرف العصيب قد اتخذت حزمة من الاجراءات لتخفيف العبء المالي عن المواطنين حتى لا يرهق كاهلهم بمزيد من الأعباء ولكن يبدو أن وزارة الفلاحة والموارد المائية ليست على علم بأننا نمر بظرف صعب وليس لها خبر بما اتخذنه الحكومة من اجراءات لمساعدة الفئات الشعبية المتضررة بما في ذلك تأجيل دفع معاليم استهلاك الماء واستهلاك الكهرباء وكذلك دفع كل الأداءات المستوجبة . إن الغريب في الأمر أن كاتبة الدولة وهي تشرح مبررات هذه الزيادة تذكر بأن التسعيرة الجديدة هي قرار تم اتخاذه منذ سنة 2016 وتم تفعيله الآن فهل تعلم ماذا تقول ؟ وهي تعي أن هذا الظرف الذي تعيشه البلاد لا يسمح باتخاذ مثل هذه القرارات ؟ في الحقيقة لم نعد نفهم كيف تفكر ولا تتصرف هذه الحكومة ؟ وزارات تتصرف بمفردها وتقرر خارج المسار العام الذي تعيش عليه البلاد وتتخذ اجراءات لا علاقة لها بما نحن فيه فلا الظرف مناسب ولا الإطار مناسب كذلك و لا الحال يسمح بزيادات أخرى تزيد من ارهاق جيب المواطن ومع ذلك نجد من الوزارات من يتخذ من القرارات خارج الزمان والمكان والتاريخ وتجد لها من الجرأة للدفاع عنها .