في مسيرة إحياء ذكرى اغتيال حشاد، الطبوبي: "خيار الإضراب العام مطروح"    لمجابهة البرد: تخصيص مساعدات لأكثر من 1000 عائلة بهذه الولاية    عاجل: مسوؤل في النجم الساحلي يُعلن نهاية المشوار    عاجل : منصة موحدة ...المطاعم السياحية التوسية تدخل عالم الرقمنة    تفاصيل برنامج الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية..    تشكيلة المنتخب التونسي في مواجهة فلسطين..#خبر_عاجل    عاجل/ مقتل ياسر أبو شباب.. زعيم ميليشيا مدعومة من اسرائيل في غزة    إتحاد الفلاحة يكشف عن حجم صابة البرتقال المالطي لهذا العام..#خبر_عاجل    عاجل : إيقاف أحمد نجيب الشابي في ملف التآمر على أمن الدولة    لا تفوتوا اليوم مباراة تونس وفلسطين..بث مباشر..    بطولة العالم للتايكواندو: معتز العيفاوي يرفع الراية الوطنية .. ويحرز الميدالية البرونزية    استعدادا للتقلبات المناخية المحتملة: اللّجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها بتوزر تتّخذ جملة من الإجراءات    مونديال كرة اليد للسيدات: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الهولندي    الدورة السابعة للأيام التجارية للصناعات التقليدية بسيدي بوزيد من 16 الى 20 ديسمبر 2025    بطاقات إيداع بالسجن في حق فتاة متهمة بترهيب النساء وسرقة هواتفهن في حي ابن خلدون*    حي ابن خلدون: فتح بحث تحقيقي في وفاة مسترابة لامرأة    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في المونديال في هذا التاريخ    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    يوم صحي تحسيسي مجاني يوم الاحد 7 ديسمبر 2025 بالمدرسة الاعدادية 2 مارس الزهراء    المستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس ينطلق في العمل بآلة جديدة لقياس كثافة العظام    وزير التجارة يؤكد حرص الدولة على مساندة المؤسسات الناشطة في مجال زيت الزيتون والدور الهام للبحث العلمي في القطاع    النائب محمد زياد الماهر: نقاشات تحضيرية جارية بشأن الفصول قبل استئناف الجلسة العامة    أرملة نور الدين بن عيّاد: كلّفت لسعد عثمان بالتواصل باسم العائلة...    زلزال بقوة 6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    ساطور في وجه الموظفين: شاب يفشل في سرقة فرع بنكي بحمام الأنف    شوف سرّ ''الكاكوية'' لصحتك ؟!    مشروبات تؤثر على أمعائك.. تشرب فيها بالطريقة الصحيحة؟    عاجل: رياح تتعدّى 70 كلم/س... وإشعار بالاحتياط للسواحل والمرتفعات    الفنانة لطيفة: "سر جمالي قربي من الله"    من لا يحترم الضمان القانوني...محلّه مهدّد بالإغلاق!    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    العسيري في لجنة تحكيم المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    عاجل: الصيادلة يوقفوا صرف أدوية ''الكنام'' ابتداءً من 8 ديسمبر!    مناظرة هامة: إنتداب 90 عونا وإطارا بهذه المؤسسة..#خبر_عاجل    عاجل/ انقلاب حافلة بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل/ بسبب التقلبات الجوية: تنبيه لمستعملي لود قرقنة…    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    محرز الغنوشي يُبشر: ''امطار متفرقة متوقعة في هذه المناطق''    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    تونس من ابرز الوجهات السياحية العالمية خلال ديسمبر 2025..    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجب حاجي يكتب لكم : التحرر الفكري ضمان بناء دولة تكون فيها السيادة للشعب
نشر في الصريح يوم 15 - 04 - 2020

دمرت الاحزاب والجمعيات التي برزت بعد الثورة بعددها الغير ضروري، والغير معقول، المشهد، اذ انتشرت كالجراد، مبرزة فقدان أهل السياسة والسياسيين، ولوحت لنا بمن ليس له وتر الوطنية، بل له جنسيات اخرى، يخدم ركابها، لأنها توفر له الملجأ، عند النكسة، والحصانة عند العدالة، والانخراط مع الغالب، والتنكر للمغلوب، والتباهي بالسيرة المغلوطة، والدفاع المستميت عن اولياء الامر، والاختفاء عند المحاسبة، حاول بعضهم القضاء على اجيال ولدت مع نهضة تونس تؤمن بالتحرر الفكري لبناء دولة تكون فيها السيادة للشعب، كنت كغيري من محبي تونس المجد والكرامة، اترقب من زعيم النهضة راشد الغنوشي الذي حقق حلمه بتوليه رئاسة مجلس نواب الشعب، وسيبوح لنا التاريخ بحقيقة خفايا ما وراء الستار، اترقب اذا مشروعا يعزز نظام المؤسسات، لبنائها على مزيد من الحريات، واعمال الفكر، وتظهر بذلك للعيان جدية النوايا الصادقة في خدمة تونس، وشاطرته اليد المفتوحة للجميع، التي ترددها كل الاوساط السياسية كمفتاح الفرج، وتداولت طيلة أشهر الاسماء، لحكم البلاد الذي ليس هو بهين، وان تجربة السنوات الاخيرة بقيادة احزاب، همها الحكم، ادت بالبلاد الى كوارث لا يمكن طمسها بمرور الزمن، لكن الدهشة التي تلت الثّورة اتت" الكورونا " لإزالتها، وكشفت المستور، وزال القناع، وان اجمع الشعب، وأحل محلها اتجاه آخر، حث فيه الناخب على منوال جديد للحكم، يقاسي منها اليوم مرارة عدم التجربة على جميع الاصعدة، وان اطنبوا على اعتمادهم على الائتلاف والوفاق، وكنت من الذين دافعوا في كتاباتهم على هذا المسار في البداية، و انطلت علي الحيلة كغيري، اذ كنا نؤمن بان دوام الدولة يكون بالرجوع الى ما يمليه من تنازلات عن التوجهات العقائدية، والطموحات الفردية، وكنت اذا أحلم كغيري، ان يغتنم اولي الحكم من تجربة الاخذ والرد، واختيار الوفاق، والرجوع الى الجادة في تسيير شؤون الدولة، مسارا يمر بالبلاد الى شاطئ الامان، واتت ذكرى شهداء 9 افريل، و ذكرى الزعيم الفذ الحبيب بورقيبة، لتحثنا على وقفة تأمل جديدة، والنظر بعمق وعقلانية الى ما صلت اليه البلاد من عناء، نتيجة عدم الاعتراف بالتضحيات الجسيمة في تخليص البلاد من وطأة الاستعمار، و في بناء دولة حديثة قواعدها صماء اسسها فكر اصلاحي نير، والى ما ادى بانشغال المواطن بصفة عامة والناخب بصفة اخص الى رفض السياسة ودواليبها، والالتجاء الى "فايس بوك" وما يحمله في طياته من مخاطر، تبعث بالمشارك الى هاوية البذاءة، والانحطاط المعنوي والاخلاقي، وفقدان اصالته و مبادئه، وهو امر مخيف ومزعج، يؤدي الى ما لا يحمد عقباه، اذا تواصلت نزعة الحقد والكراهية من الحكام الجدد، وهذه النزعة ليست من شيم الزعماء التي يذكر لهم التاريخ اعمالهم في سبيل رقي أممهم، ودفعهم في مسايرة التطور والازدهار لمن يريدون ذكرهم في التاريخ بالتمجيد والتبجيل، كما هو الشأن لبورقيبة ومناصريه في افكاره، وطرق عمله، وشفافيته في الحكم، وحرصه على بنائه، طول حياته، على اسس نشر التعليم، وتوفير الصحة، و حقوق المرأة، ومساواتها مع الرجل، وحمايتها من السقوط في هوة الرجعية، واتخاذ اصول المعرفة منهجا والنهوض بالطبقات الاجتماعية البائسة الى مستوى افضل هدفا، حتى لا تتسع الهوية بين مكونات الشعب كانت الذكرى فرصة ثانية لطي صفحات الماضي، وتصور مستقبل زاهر، يشترك فيه أعداء الامس، وخلان اليوم لبناء جمهورية ثانية حداثية، تناسى بعضهم أن الثورة من نبات بورقيبي، كان مناصروه على يقين من اندلاعها، طال الزمان أو قصر، نظرا لما آلت اليه أوضاع البلاد تحت حكم الانقلاب الطبي من تدهور، ومن ما سطا عليها من طغيان، من شرذمة جعلت مطيتها التملق، والاثراء، ولازالت على الربوة تترقب الفرص، للسير بالبلاد مجددا في طريق مظلم، كهؤلاء الذين استحوذوا على الثورة، واستولوا على الحكم في جميع مفاصله في السنوات الاخيرة، واستخدموا الاغراء المادي والمعنوي بأصنافه، متحدين الادارة، ومغتنمين الفرص لتزييف مسيراتهم الذاتية وتنويرها، مما يجلب لهم الاحتقار، وكم كنت حزينا لما ورد علي من وصف لمراحل حياة وزير الصحة، متمنيا ان تكون المعلومة خاطئة، ورجائي أن يفندها، لان في صدق مسيرته دعم للحقيقة، وكم وزارة الصحة في اوكد حاجة اليها، و منجزاتنا هي مفاخرنا لما تولى فريقنا العمل فيها، مقارنة بمن تولى ادارتها من بعدنا، وكفانا خدعا وخيبة امل من الذين يخدمون في الخفاء مصالح احزابهم، واغتنامهم الحكم، من شرعية احزابهم الوهمية، لتتبع من آمن بالفكر البورقيبي، ودافع عنه، وتحمل من أجله الاقصاء، والمتابعة في حياته الشخصية والمهنية، وكنت من بين هؤلاء، اذ بعد أسبوعين من التحول المشؤوم، أرجعت الى التدريس بعد خمسة عشر سنة من الالحاق بوزارات مختلفة، الوزارة الاولى، وزارة الشباب والرياضة، وزارة التجهيز، وآخرها وزارة الصحة، وأغلقت امامي كل ابواب التدرج في مهنتي، وكذلك الامر لزوجتي، وهي مساعدة في الطب، من ذوي الاختصاص في علم الدم، أوصدت أمامها أبواب التبريز على خلاف غيرها الذي تحمل مسؤولية في الوزارة. ثبتنا، على مر الزمن، على مبادئنا وتحملنا الامرين، وأتت الثورة المباركة، فأزاحت بن علي، وبعثت الأمل من جديد، وظهرت الحقائق ناصعة، وأصبحت مصلحة تونس، ونجاح تجربتها، فوق كل الاعتبارات، ولا شك ان الاحزاب السياسية، مهما كانت خلفياتها، ستؤكد على عدم قدرتها على بناء تونس الحديثة، لفقدانها برامج وتصورات للمستقبل، وارثها الايديولوجي، مهما كان نوعه، اثبت فشله على محك التجربة، ومن هذا المنطلق كان على الشيخ راشد ان يتصالح مع أجيال كانت فاعلة في بناء تونس، آمنت بالمنهج البورقيبي، ودافعت عنه، لأن الالتفاف حوله كان من واجب البناء والتشييد، ولم تكن تترقب من ذلك جزاء و لا شكورا، بل تعتبره تلبية لنداء الواجب، وخوض معركة التخلف، فكانت الانجازات، ولا أحد ينكرها الا الحاقدون الذين لم يشاركوا في رسمها، ولم يعملوا على تحقيقها، وان وقعت سلبيات أو انحرافات فهي من العمل البشري، يجب وضعها في اطارها الزمني لفهم مقاصدها ويقول مثلنا "من زرع المعروف حصد الشكر"، ولمن غابت عنهم الذاكرة أو اغتروا بالزعامة الظرفية، ان التاريخ لا يرحم، والاقتداء برئيس الدولة قيس سعيد لزيارة ضريح زعيم الامة الا نبراس امل لبناء المستقبل المشترك في صفحة جديدة، فيها الاعتراف بأمجادها، وبورقيبة سيبقى حاضرا كما ذكره الرئيس، بإرثه الثري، وفكره التنويري، ولنترك للمؤرخين المجال للحكم على ما كانت عليه تونس قبل الاستقلال وما أصبحت عليه في العهد البورقيبي، وكفانا من الذين يحاولون تزييف الحقائق، ولنا في السنوات المنقضية تجربة، وجب علينا، كل من مكانه تقويمها وتثمينها، ولا يمكن التهرب من المسؤولية على مخلفاتها سلبا او ايجابا، عند ذلك يمكن توارد الخواطر في مخطط منهجي للبناء والتشييد من جديد، يهم القضاء على الفقر، وعلى توفير المرافق الاساسية في كل المناطق، وعلى الحاجيات الحقيقية، التي تنبثق من المشاركة الفردية والجماعية في عمل التنمية، وعلينا جميعا ومن الضروري، مجابهة تقشي وباء الكورونا، بتنظيم محكم، و على غاية من المسؤولية، ونقول "شد دارك" لمن يجوب وسائل الاعلام، للتصدي لمن يخالفه الراي، او لحسابات سياسية لم يحن وقتها، فالوضع الصحي حرج للغاية، وسينجر عنه وضع اقتصادي صعب، لم يعرفه تاريخ البلاد من قبل، لذلك وجب على نواب الشعب و الوزراء ومعينيهم التخلي عن النشاط الحزبي، وكشف سيرهم الذاتية الحقيقية، ونشر ممتلكاتهم بكل شفافية، وللمزيد من شفافية الحكومة بيان صرف التمويلات التي تحصلت عليها تونس مؤخرا، والمقدرة بما يزيد عن 3900 مليار دينار وطوبى لكل النوايا الصادقة التي تصب في اعادة الصفوة الى اهلنا، وكلنا كالرجل الواحد في خدمة تونس لا غير...
* دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- شهادة تكوين مستمر بجامعة هارفارد- شغل رئيس ديوان وزيرة الصحة...

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.