"نظامنا أردناه ان يقوم على اساس تنظيم الحوار والتشاور في كل المجالات بين القيادة والقاعدة الشعبية" الحبيب بورقيبة- 10 افريل1981 نقلت الصحافة ان وفدا من البنك العالمي حل ببلادنا كالعادة، لقضاء بضعة ايام ليس للنقاهة، بل لمراقبة مدى ادخال حيز التنفيذ القرارات التي امضت عليها حكومة تسيير الاعمال، ورئيسها يتصرف كان شيئا لم يكن، رغم الرسالة التي بعثت له وللأحزاب المشاركة وللمستقلين وحتى للمجتمع المدني من الشعب، عند اختياره للدور الاول للرئاسية،وأعاد الكرة في اختياره لمجلس النواب، وعزف من جديد على صناديق الاقتراع، وكانت فشل التجربة بمجملها و يا خيبة المسعى لبلاد عرفت ثورة مميزة في العالم خرجت فيها الآلاف من الجماهير الى الشارع، واودت بالحكام المفسدين الذين طغوا على المشهد السياسي، واداروه حسب اهوائهم، ارضاء لأزلامهم، واليوم وقد جرب الشعب من جديد عصابة بدون تاريخ، تجمعهم الغنيمة،فتصرفوا في البلاد بدون وعي، لانهم فاقدي التجربة، وغير مؤهلين لمواصلة بناء الدولة الحديثة، ومسارهم لم يكن مردوده الاصلاح والشفافية والحوكمة الرشيدة، ولم ينجزوا وعودهم التي على اسسها تحصلوا على ثقة الشعب، ولكن اعتبروا مصالحهم الشخصية فوق كل الاعتبار، واغتنموا الفرصة وذويهم، للتبجح بالثورية، والنضال المفقود، ولو رجعنا لكل من تقلد مسؤولية الحكم، وطالبناهم بوجاهة من اين لك هذا؟لوجدنا ان ثروة البلاد نهبت، وكان ذلك سبباللالتجاء الى المديونية، والىالمؤسسات العالمية للاقتراض، ولكسب ودها، والاستنجاد بها لانقاض ما يمكن انقاضه، واطفاء الحريق السياسي الذي اتى على الاخضر واليابس،منذ تولي المخلوع الحكم، ومن اتى بعده من "تريكا" فاقدة الثوابت، و من الاجماع اللاعقلاني بين شركاء لاتجمعهم المصلحة المفروضة للامة،بل مصالح فئاتصرفت من اجلها اموال طائلة، بدون مرجعية ولا رصيد، وما لعقود التي كشف عنها واصحابها الا دليل قاطع على المراوغة، وازدواجية التصرف لسياسيين يبحثون عن الحصانة، للهروب من العدالة التي ستلاحقهم، طال الزمان اوقصر،ومن اهم ما يجب اتخاذه في الفترة النيابية التي هي على الابواب، اولا الغاء الحصانة بأنواعها، ومن تحمل مسؤولية يجب الحكم له او عليه، بدون هوادة، و من المطلوب أيضا بعث قانون هيكلي لسبر الآراء،و بمناسبة الانتخابات، عادت من جديد قضيته على الركح، وتشتت الآراء في منفعته كما هو عليه اليوم منحاز الى الاقتصاد الموازي،فمن القوم من يرفضه، باعتباره غير محايد، ومنهم من يؤيده، لما يحمله في طياته من قضايا، يجب طرحها، والاهتمام بها، ووجود الحلول الملائمة لها، ويتفق الجميع انه في متناول أي حكومة الاعتناء بهذا الميدان الحيوي في البلدان الديمقراطية في توجيه النوايا،وطرح المواضيع للنقاش ، وقد تناولتهبالدرس،اكثر من مرة، منذ سنة 2011 ، واثرت في شانه قضايا مرجعية، واعدت الكرة، في جريدة الصريح الورقية، وآخر مقال عنونته عن قصد "هل لسبر الآراء مصداقية في تونس؟"، لكن هيهات،لم توجد آذان صاغية لبحث الموضوع، والاعتناء به، لان الاولية "السياسوية" لاتزال تطغوا على المشهد الحالي، ومؤثرة في كل مظاهره، ولايزال اولى الامر همهم البحث عن النفوذ، ومحاولة الظفر بالغنيمة مهما كان مأتاها، لإرضاء وعودهم لا نصارهم، فترك الاقتصاد جانبا، وكان ذلك كذلك منذ الثورة، التي اتت لتصحيح المسار، وارجاع القطار الى السكة،و قيادة البلاد نحو الوعي لما هو افضل للعباد،وقال الشعب من جديد كلمته في الاحزاب وحلفائهم، ومسيريهم الذين يظنون ان بأيديهم الحل والعقد، والذين استولت على مراكز النفوذ احزابهمالفئوية،عوض الرجوع الى الواقع، واستخلاص الدروس من نتائج الانتخابات، ونبذ الاتخاذ من حرية الراي ملاذا، ومن الضبابية غطاء، ومن التمويل الفاقد للأخلاق طريقة، واصبحت نتيجة فقدان المراقبة و التحري، بلادنا مرتعا لكل من هب ودب،ظهر اليوم للعيان خطورتها على كل المحطات، فتبا لمن كان لهؤلاء مساندالازادة البلاد توترا، والاوضاع تشنجا، والانقسام شغلا،والتنمية صعوبة، والوحدة تصدعا،والاعمال الاجرامية سلوكا، والاقتصاد الموازي منهجا، والبطالة تفاقما،والفقر انتشارا (7،8 في المائة)... ثبتنا على مبادئنا وتحملنا الامرين، في عهد المخلوع، وبعثت الثورة فينا الأمل من جديد، وظهرت الحقائق ناصعة للتاريخ، وأصبحت مصلحة تونس، ونجاح تجربتها تعتبر لنا فوق كل الاعتبارات، ولا شك ان الفسيفساء التي اختارها الشعب وهي ارادته، وجب احترامها، وتحليلها بكل رصانة لمن يريد بناء المستقبل الزاهرلتونس الحديثة التي بنيت على لحمة قومية، متحررة من الارث الايديولوجي، مهما كان نوعه، ومن هذا المنطلق،واثر اختيار الشعب، من الواجبالتصالح مع أجيال كانت فاعلة في بناء تونس، آمنت بالمنهج البورقيبي، ودافعت عنه، لأن الالتفاف حوله كان لفائدة البناء والتشييد، وما ترقبت تلك الاجيال المتتالية يوماجزاء و لا شكورا، بل كانت تلبي نداء الواجب، وخوض معركة التخلف، فكانت انجازاتهم لا تحص ولا تعد، ولا أحد ينكرها الا الحاقدون الذين لم يشاركوا في رسمها، ولم يعملوا على تحقيقها، وان وقعت سلبيات أو انحرافات فهي من العمل البشري، يجب وضعها في اطارها الزمني، و لا ننس أن نذكر بأن "من زرع المعروف حصد الشكر" و أن "من لانت كلمته وجب محبته"، تلك هي أمثالنا نسوقها لمن غابت عنهم الذاكرة، حان الوقت في الختام ،لمن اختارهم الشعب، كتابة صفحة جديدة في تاريخ تونس، والاعتراف بأمجادها، وزعمائها، طاب ثراهم،بورقيبة والباجي قائد السبسي ومحمد الصياح ورفاقهم، ارثهم ثري، وفكرهم تنويري على مدى الدهر، وكفانا من الذين يحاولون تزييف الحقائق،وكتابة تاريخهم، وتمجيد دورهم،وللمؤرخين وحدهم، المجال للحكم على ما كانت عليه تونس قبل الاستقلال وما أصبحت عليه في العهد البورقيبيوفي عهد الثورة،فحكم البلاد ليس بهين والائتلاف والوفاق لامفر منه، ونبذ الكراهية يمكن من مشاركة اعداء الامس ان يكونوا خلان اليوم لمصلحة تونس ودفعها وازدهارها لا غير، فالوقت ثمين وحاسم "وخذوا المناصب والمكاسب لكن خلو لي الوطن..." كما رددها الفنان لطفي بوشناق