العمل الصالح شرعا هو كل قول أو فعل يرضي الله جل وعلا , وهو كل عمل يؤتيه الإنسان إيمانا واحتسابا حبا في الله وطاعة وإرضاء له وتأسيا برسوله الكريم صلى الله عليه وسلم , وهو من شعب الإيمان والتقوى ويعتبر من أهم الأسباب في سعادة الإنسان وراحة القلب وطمأنينة النفس. يقول الله تعالى في فضائل العمل الصالح : ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ) س الكهف 110 , ( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ... ) س فاطر 10 , والكلم الطيب هو ذكر الله بأنواعه والعمل الصالح هو أداء العبادات والفرائض كما جاءت في الكتاب والسنة , وبالعمل الصالح يفوز الصالحون وتتنزل عليهم الرحمة والبركة وبه يثقل الميزان يوم الحساب وهو يشفع لصاحبه في الدنيا والاخرة . والنية هي روح العمل الصالح وقوامه وهي المعيار لتصحيح الأفعال والأقوال وتثبيتها , ولذلك وجب إخلاص النية لله تعالى في الأقوال والأفعال على معنى الآية الكريمة ( قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين ) س الزمر 11 , وكما جاء في الحديث النبوي الشريف " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " ( رواه مسلم ) , والقلب هو محل النية , وإنما الأعمال بالنيات . والله يتقبل من العمل أخلصه وأصوبه, فأخلصه ما كان لله خالصا وأصوبه ما كان على السنة المشرفة, والله يتقبل العمل من المتقين كما جاء في الآية الكريمة ( إنما يتقبل الله من المتقين ) س المائدة 27 . ويأتي فعل الحسنات وعلى رأسها الصلاة في مقدمة العمل الصالح كما جاء في الآية الكريمة ( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ) س هود 114 , ومن بين الأعمال الصالحة التي تعد من باب فعل الحسنات كما جاء في الكتاب والسنة يذكر ما يلي : ° المثابرة على الصلوات المكتوبة في وقتها لأنها قمة الحسنات في ذكر الله تعالى مصداقا لقوله ( إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري ) س طه 14 , وفي السنة سئل الرسول صلى الله عليه وسلم " أي العمل أحب إلى الله فقال الصلاة على وقتها... " ( رواه البخاري ومسلم ), وتفضل صلاة الجماعة شرعا على صلاة الفرد وخاصة صلاة الجمعة, ثم تأتي الصلوات التطوعية والسنن بأنواعها كصلاة التراويح في رمضان وقيام الليل والشفع والوتر والسنن الرواتب قبل الفجر والضحى وغيرها . ° المواظبة على قراءة القرآن حينا بعد حين وحفظ ما تيسر منه كما دعا لذلك عز وجل في علاقة مع قيام الليل ( ورتل القرآن ترتيلا ) , ( (فاقرءوا ما تيسر من القرآن) س المزمل 4 و 20 , وعملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم " من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول ( الم ) حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف " ( رواه الترمذي ), وفي نفس السياق يتنزل الإكثار من ذكر الله تعالى عملا بتعاليم كتاب الله العزيز ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ) ( وسبحوه بكرة وأصيلا ) س الأحزاب 41 و 42 , وسيرا على هدي السنة النبوية المشرفة وكما جاء في الحديث القدسي " إن الله تعالى يقول : أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ", ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككموأرفعها في درجاتكم ... ذكر الله تعالى " ( رواه الترمذي ) . ° صوم رمضان وهو ركن من أركان الدين وصوم النافلة على مدار السنة عملا بما جاء في الكتاب والسنة , وإفطار الصائمين وإطعام الطعام بصورة عامة من أحسن الأعمال عند الله تعالى, وقيام رمضان وتحري ليلة القدر والقيام لها إيمانا واحتسابا وتأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم عسى أن يغفر الله جل وعلا ما تقدم من ذنوبنا كما جاء في الحديث النبوي الشريف . ° الدعوة إلى الله والنصح للآخرين باتباع هدي كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم : " من دعا إلى هدى الله كان له من الأجر مثل أجر من تبعه لا ينقص ذلك من أجره شيئا ... " ( رواه مسلم ), فدعوة الآخرين لاتباع هدى الله جل وعلا وهدى نبيه المصطفى صلى الله عليم وسلم يجري ثوابها ما ينتفع بها إلى يوم القيامة بإذن الله تعالى , نسأل الله السداد والهداية والحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على رسوله الكريم . ° ملازمة الأذكار بأنواعها من تسبيح وتحميد وتهليل وتكبير تلبية لدعوة الله تعالى في سورة الأحزاب 41 و 42 ( أعلاه ), ( والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا ) س الكهف 46 , ومعقبات الصلاة ,والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغ الواردة في السنة المشرفة وخاصة الصيغ المأثورة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم, ومن ضمنها ما سمي بالإستغفارالمضاعف " اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات , من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة " ( رواه الطبراني ),وما سمي بالصلاة الإبراهمية المضاعفة عشر مرات ويكون مرددها من أولى العباد به يوم القيامة ومن الفائزين بالشفاعة بإذن الله تعالى . ° بذل الجهد في الصدقة تزكية للأموال والأعمال, وتعد الصدقة الجارية من أحسن الأعمال عند الله تعالى فلا ينقطع ثوابها وأجرها بموت الإنسان كما ورد في الحديث الشريف " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية وولد صالح يدعو له وعلم ينتفع به " ( رواه مسلم ), ومن الصدقة الجارية المساعدة في بناء المساجد وبناء المدارس وفي طلب العلم وإقامة المشاريع الخيرية ونحوها . ° ومن الأعمال الصالحة التي تجلب الحسنات وتذهب السيئات عيادة المريض وحضور الجنائز وكفالة الأيتام والإصلاح بين الناس وصيانة صلة الرحم وفعل الخير بأنواعه وإفشاء السلام والعفو عن الناس والتسامح وطيب القلب وغيرها من الأعمال التي ترضي الله جل وعلا ونبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا مع النية الصادقة التي هي روح العمل الصالح وقوامه فإنما الأعمال بالنيات . الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله , الحمد لله رب العالمين , اللهم اهدنا إلى العمل الصالح وإلى فعل الحسنات واذهب بها عنا السيئات إنك حليم كريم تحب العفو فاعف عنا واغفر لنا وتب علينا إنك أنت الغفور الرحيم وأنت أرحم الراحمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين وسيد المرسلين وأصحابه أجمعين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته وعلينا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين . اللهم آمين