أيام الله تعالى هي نعمه على عباده المسلمين والمؤمنين وهي متعددة ومتوزعة على مدار السنة, ولعل أفضلها في العشر الأواخر من شهر رمضان لأن فيها ليلة القدر, ذلك أن من فضل الله سبحانه وتعالى على عباده أن جعل أياما من أيامه يضاعف فيها الأجر والثواب ومنها أيام رمضان الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتوصد فيه أبواب النار, وتصفد فيه الشياطين, ويتفاوت الفضل في أيام رمضان فتأتي العشر الأواخر كأفضل الأيام ولياليها أفضل من نهارها لوجود ليلة القدر فيها, وتقابلها في أيام السنة العشر الأوائل من ذي الحجة وهي أيام الحج وأيامها تفضل لياليها لأن فيها يوم عرفة جعلنا الله تعالى من عتقائه وهي أيام مباركة أقسم بها الله تعالى وينصح بالإكثار فيها من العبادات والطاعات والحسنات . وليلة القدر فضلها الله تعالى على أيام وليالي السنة وعلى أيام وليالي رمضان, فهي ليلة ( خير من ألف شهر ) س القدر3 , و ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) س الدخان 4 , وهي ليلة خاصة بأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم, وفيها نزل القرآن الكريم عليه, ومن وفق لقيامها فكأنما قام نحو 83 سنة وثلاثة أشهر, ويكون تحري ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر أي ليالي الحادي والعشرين والثالث والعشرين والخامس والعشرين وقد تكون ( والله أعلم ) في ليلة السابع والعشرين أو التاسع والعشرين , وجاء إخفاؤها دفعا للاجتهاد في العبادات خلال العشر الأواخر بأكملها حتى يحصل العباد على أكبر الأجر والثواب برحمة العزيز الوهاب كما جاء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله ما تقدم من ذنبه " ( رواه الشيخان ) عن أبي هريرة رضي الله عنه . ويشرع في العشر الأواخر وفي ليالي تحري ليلة القدر بالخصوص الاجتهاد في كل الأعمال الصالحة والطاعات من إقامة الصلاة وقراءة القرآن والذكر والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار والدعاء والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وسلم وغيرها من صالح الأعمال كالصدقة وصلة الأرحام, أسوة بالنبي المصطفى الذي كان يجتهد في هذه الأيام والليالي المباركة ما لا يجتهد في غيرها كما جاء عن عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره " و " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقض أهله " ( رواه مسلم ) استعدادا للاجتهاد في العبادة, وفي رده عن سؤال عائشة عما تقول عند الظفر بليلة القدر كان قوله صلى الله عليه وسلم قولي " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني " ( عن عائشة ) . وفي "ليلة العتق" ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله : " إن لله عتقاء في كل يوم وليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة " ويعني بذلك في رمضان ( رواه أحمد ), وفي رواية ( غير مسندة ) فإن ليلة العتق من النار هي الليلة الأخيرة من العشر كما نسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم " العامل إنما يوفى أجره عند نهاية عمله ". فعلى المسلمين والمؤمنين الاقتداء بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم في الاجتهاد والطاعة في الأيام المباركة التي قام الدليل على فضلها سعيا للظفر بنفحات الله تعالى فيها عسى أن تناله نفحة منه سبحانه وتعالى تغشاه رحمة ومغفرة تزيل عنه كروب الدنيا وهمومها وينال بها الرضا والرضوان والخلد في أعالي جنان الفردوس مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في جوار الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم , نسأل الله السداد والتوفيق والعفو والعافية وأن يجعلنا من عتقاء ليلة القدر إنه سميع مجيب , الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين.