ختمنا مقالنا الأول عن فضائل وتاريخ السحور بالقول المأثور(تسحروا فان في السحور بركة) ونزيد في هذا المقال الثاني فنسال ونقول وما المراد وما المقصود بهذا البركة؟ والجواب ان علماء الاسلام قد ذكروا في معنى هذه البركة خمسة اقوال اولها ان يبارك الله في اليسير من السحور بحيث تحصل به القوة على الصوم ويؤكد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم(ولو بجرعة ماء ولو بتمرة) وثاني هذه الأقوال ان المراد بالبركة نفي المحاسبة او التبعة في السحور فقد جاء في حديث ابي هريرة رضي الله عنه(ثلاثة لا يحاسب عليها العبد أكلة السحور وما افطر عليه وما اكل الاخوان) وثالثها ان المراد بالبركة القوة على الصيام وغيره من أعمال النهار ورابعها قول القاضي عياض قد تكون هذه البركة ما يتفق للمتسحر من ذكر او صلاة او استغفار او دعاء او غيره من زيادة الأعمال التي لولا القيام للسحور لكان الإنسان نائما عنها وتاركا لها وتجديد النية للصوم ليخرج من الخلاف) أما خامس هذه الأقوال فهو قول ابن دقيق العيد (ان هذه البركة يجوز ان تعود إلى الأمور الأخروية فان إقامة السنة توجب الأجر وزيادته ويحتمل أن تعود الى الأمور الدنيوية كقوة البدن على الصوم وتيسيره من غير إضرار بالصائم قال ومما يعلل به استحباب السحور المخالفة لأهل الكتاب لأنه ممتنع عندهم وهذا احد الوجوه المقتضية للزيادة في الأجور الأخروية) والسحور كما هو معلوم من خصائص وفضل الديانة الاسلامية على غيرها من الأديان فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال(فضل ما بين صيامنا وصيام اهل الكتاب أكلة السحور)(رواه الامام مسلم) وعن عبد الله بن الحارث يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر فقال(انها بركة أعطاكم الله اياها فلا تدعوه) وعن العرباض بن سارية قال (دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان فقال (هلم الى الغداء المبارك)(رواه ابو داود) وكانوا يقولون قوام الصوم بثلاث من أطاقهن فقد ضبط الصوم من تسحر وقال (من القيلولة) واكل قبل ان يشرب وقيل لا يقوى على الصوم إلا من كبر لقمه وطاب أدمه اما عن مشروعية وحكم السحور في الإسلام فهو مندوب بإجماع العلماء وهو ليس بواجب لما ثبت عن رسول الله صلى الله ليه وسلم وعن أصحابه انهم واصلوا والوصال هو ان يصل الصائم صوم يوم بصيام يوم آخر او أكثر من غير أكل او شرب بينهما ويحصل الندب بقليل الطعام والشراب ولو بجرعة ماء ففي حديث عبد الله بن سراقة مرفوعا (تسحروا ولو بجرعة ماء) فاللهم بارك لنا في اكلة السحور ويسر لنا به الصوم المبرور وسهل علينا به كل ما تعسر علينا من الأمور واغفر لنا وتب علينا وارحمنا انك أنت العزيز التواب الغفور.