"وزير الصحة يؤكد استجابة الوزارة لأغلب مطالب الأطباء الشبان ويؤكد "فتح باب الحوار بعيدا عن منطق الابتزاز    ترامب يعلن بدء العمل لإنهاء الأزمة في السودان فوراً    ألمانيا تناور تحت الأرض.. تدريبات عسكرية خاصة بأنفاق مترو برلين    وزير الصحة يؤكد الاستجابة لعدد كبير من مطالب الأطباء الشبان بينها الزيادة في الأجور بداية من 2026    أمطار مؤقتا رعدية وأحيانا غزيرة بالوسط والجنوب مع رياح قوية تتجاوز سرعتهتا ال90 كلم في الساعة    الفنان السوري قيس الشيخ نجيب أول سفير لليونيسيف في سوريا    رونالدو يخرج عن صمته.. وينشر صورا مع جورجينا وترامب    سيدي بوزيد : حجز 150 صفيحة من مخدر "القنب الهندي"    استعدادات مكثّفة لإعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكر بقرطاج يوم 2 ديسمبر 2025    أيام قرطاج المسرحية...مهرجان تجاوز الثقافة لينعش السياحة    المتحف المسيحي المبكر بقرطاج يفتح أبوابه من جديد يوم 2 ديسمبر 2025    وجوه الحبّ الأخرى    ماسك: خلال 20 عاما.. العمل لن يكون ضروريا والمال سيفقد قيمته    عاجل/ مباراة ودية بين النادي الافريقي والمنتخب الفلسطيني.. وهذا موعدها    للتوانسة: فجر وصباح السبت 22 نوفمبر...طقس بارد    عاجل/ تونس تنجح في تسجيل تمورها ضمن المواصفة الدولية للدستور الغذائي    اخر التطورات الصحية لتامر حسني    صادرات القطاع الفلاحي والصناعات الغذائيّة نحو المغرب تجاوزت 338 مليون دينار    مدنين: حركية هامة بالميناء التجاري بجرجيس ودخول نشاط تصدير الجبس الحجري وتوريد حجر الرخام    عاجل/ نتنياهو يتجوّل داخل الأراضي السورية    تطاوين: تواصل حملات التقصي المبكر عن مرض السكري والأمراض غير المعدية طيلة شهر نوفمبر    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    غرّة ديسمبر.. انطلاق حصّة التجنيد الرابعة لسنة 2025    مؤلم: تفاصيل صادمة لجريمة قتل أب طفلته بعد ''تعذيبها بوحشية''    عاجل-وزارة التجهيز: بلاغ هام للمترشحين المقبولين..كل ما يجب معرفته قبل 7 ديسمبر    قمّة تغيّر المناخ 30: تونس ترفع من أهدافها المناخية في أفق سنة 2035    كرة اليد: المنتخب الوطني للسيدات يلاقي نظيره الكوري الجنوبي وديا    عاجل/ قانون المالية: هؤلاء معفيون من ضريبة خدمات النقل    عاجل/ الكشف عن عدد الحجيج التونسيين لهذا الموسم    الترجي الرياضي: اصابة عضلية لكايتا وراحة ب21 يوما    ألعاب التضامن الاسلامي: مروى البراهمي تتوج بذهبية رمي الصولجان    إضراب وطني في المدارس الابتدائية يوم 26 جانفي 2026    انطلاق الدورة العاشرة ل" أيام المطالعة بالارياف " لتعزيز ثقافة القراءة والكتاب لدى الاطفال في المدارس الابتدائية بالمناطق الريفية    الديوان الوطني للصناعات التقليدية يشارك في الدورة الأولى لصالون الصناعات التقليدية والسياحة التونسي الايفواري من 05 إلى 08 فيفري بأبيدجان    هام/ انتداب 4000 عون بهذه الوزارة سنة 2026..#خبر_عاجل    اتحاد الفلاحة: سعر الكاكاوية لا يجب ان يقلّ عن 6 دينارات    شنيا يصير لبدنك إذا مضغت القرنفل كل يوم؟ برشا أسرار    عاجل/عثر عليها جثة هامدة في منزلها: تفاصيل ومعطيات جديدة بخصوص واقعة الوفاة المسترابة لمحامية..    عاجل: رجّة أرضية في الجزائر    فرصة باش تشري دقلة نور ''بأسوام مرفقة'' بالعاصمة...شوفوا التفاصيل    ترتيب الفيفا: المنتخب الوطني يرتقي من جديد في التصنيف العالمي    عاجل/ منخفضات جوّية مصحوبة بأمطار خلال الأيام المقبلة بهذه المناطق..    عاجل: تامر حسني يفجر مفاجأة بخصوص حالته الصحية..شنيا الحكاية؟    مريض سكّري فاقد الوعي قدّامك: هاو كيفاش تنقذه    دراسة: التونسي ما يعرفش يتصرّف إذا تعرّض لإشكاليات كيف يشري حاجة    شنيا حقيقة فيديو ''الحمار'' الي يدور في المدرسة؟    الكحل التونسي القديم يترشّح لليونسكو ويشدّ أنظار العالم!...شنوا الحكاية ؟    وزير الشباب والرياضة: التزامنا ثابت بدعم أحمد الجوادي على غرار سائر الرياضيين ذوي المستوى العالي    عاجل: وزيرة المرأة أسماء الجابري تحسم الجدل و تردّ على مقترح تعدّد الزوجات    ترامب يصنّف السعودية حليفا رئيسيا من خارج 'الناتو'    اختتام مهرجان تيميمون للفيلم القصير: الفيلم الجزائري "كولاتيرال" يتوج بجائزة القورارة الذهبية وتنويه خاص للفيلم التونسي "عالحافة" لسحر العشي    كل ما يلزمك تعرفوا على حفل جوائز كاف 2025 : وقتاش و شكون المترشحين ؟    سيلفي'ثمين'من البيت الأبيض يشعل الإنترنت    تأهل كوراساو وهايتي وبنما إلى كأس العالم    التونسية آمنة قويدر تتوج بجائزة الانجاز مدى الحياة 2025 بالمدينة المنورة    العلم اثبت قيمتها لكن يقع تجاهلها: «تعليم الأطفال وهم يلعبون» .. بيداغوجيا مهملة في مدارسنا    الكوتش وليد زليلة يكتب: ضغط المدرسة.. ضحاياه الاولياء كما التلاميذ    المعهد القومي العربي للفلك يعلن عن غرة جمادى الثانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الهرقام يكتب لكم: الأستاذ الشاذلي القليبي...رحيل الرجل الصالح
نشر في الصريح يوم 17 - 05 - 2020

نزل عليّ خبر رحيل الأستاذ الجليل، الصالح، الشاذلي القليبي ، فزلزل كياني وأفقدني بعض توازني .. فبالرغم من كونه خبرا منتظرا ، عن الأجل المحتوم " ولكل أجل كتاب"فإنني كدت أعتقد لفرط معرفتي بالرجل ومودّتي نحوه ، أنه "لن يموت" بعد هذا العمر المديد فقد كان رحمه الله عميق الثقافة ، واسع الأفق فكريا ودينيا وإنسانيا، وهي صفات يتزيّن بالقليل منها الإنسان العادي ويفخر بها .. إلا أن الاستاذ القليبي من شدة ورعه وتواضعه كان يخفيها بتلقائية، ويطويها في صمته وهمّته العالية..
عاش الرّجل في مفترق القرنين، وخاض غمار احداث وأهوال ميلاد دولة الإستقلال وتطورات الأوضاع السياسية طيلة الحقبة البورقيبية. وشارك في بناء صرح السياسة الثقافية فيها. فأدخل الأساليب العصرية لنهضة الثقافة التونسية الحديثة، وأشاع بالخصوص ثقافة السينما والمسرح في عموم الأرياف والمدن البعيدة وفتح المكتبات العمومية وجعلها في متناول الأجيال في كل مكان .
وكان بذلك وزيرا وطنيا رائدا، وصديقا لأهل الفكر والقلم طيلة عقود.
ثم شاءت الأقدار أن ترشحه تونس في ظرف دقيق للأمانة جامعة الدول العربية فكانت فرصة فريدة ليكشف الرجل عن مواهب حقيقية مارس بفضلها السياسة العربية والدولية بعقلية المثقف الواعي بواجباته الوطنية والقومية. فكان يعالج أدقّ القضايا وأعقدها، من حرب العراق إيران إلى الحرب الأهلية اللبنانية إلى إنجاز إتفاق الطائف المشهور. وكان دؤوبا في سعيه المضني لإيجاد أبسط قطعة أرض من " الوفاق العربي" ليقف عليها ويحاول توسيعها ويبني انطلاقا منها جسور التوافق المستحيل بين الرجال والسياسات المتناقضة..
وكانت الأمانة العامة في عهده في تونس خلية حية يجد فيها كل أبناء الوطن العربي مواقعهم، ممثلين لجنسياتهم وأجناسهم وثقافاتهم المختلفة..
كانت جولاته وإتصالاته الواسعة والنشطة خيمة تتّسع لمحاولة إنشاء أسس لديبلوماسية عربية مشتركة – وإن كانت متواضعة - إنبثق عنها في حينه العديد من الإنجازات نذكر منها:
- الحوار العربي الأوروبي وما جلبه من منافع واعتراف دولي بشرعية القضية الفلسطينية.
- والتعاون العربي الإفريقي وما رافقه من إنشاء بنوك وصناديق تنمية عربية في إفريقيا وكذلك مثلها في آسيا وأمريكا اللاتينية وكان من أهم إنجازاته "رحمه الله" العمل على إقناع قادة الدول العربية بإرساء دورية دائمة وثابتة لإنعقاد القمة العربية، وتدعيم منظمات العمل العربي المتخصصة، ثم تولى تجميع العديد من فرق الخبراء العرب في مختلف التخصصات وجمعهم في تونس للعمل في ورشات تنكبّ لعدّة أشهر بغية تعصير أعمال ومؤسسات هياكل الجامعة العربية وإنشاء محكمة العدل العربية وإقتراح مناهج جديدة للتعاون المشترك على غرار ما جرى منظمات الإتحاد الأوروبي .
وبعد كارثة الزلزال الذي حلّ بالوطن العربي إثر غزو العراق للكويت وما تلاه من إنفراط لأحلام الوفاق العربي، وما جدّ من كوارث أدّت فيما أدّت إليه من أهوال إلى الواقع العربي الراهن.
استقال الأمين العام من مهامه في تونس، وانزوى الرجل في بيته وتفرّغ للكتابة والتأمل لكنه لم يستسلم لمنطق الهزيمة السائدة من حوله فكان يجمع أوراقه ويكتب ويفكر وينشر آرائه في كتب ومقالات مختلفة.
وكان في الأثناء يستقبل زائريه ومحبيه في بيته بودّ حقيقي وبإبتسامة غامضة، فلا يلقي برأي متهوّر، ولا يذكر إسما ، مهما كان، بسوء، وكان أغلب الحوار معه يدور حول الكتب والأفكار والتحولات السياسية في العالم وما يتّصل منها بالعالم العربي وبتونس على وجه الخصوص كان عفيف اللسان وكثيرا ما يترك الإنطباع عند سامعيه بأنه لا يستمتع – مثل غيره –بإذاية الآخرين والحدّ من قدرهم .. ولكن كثيرا ما يكتشف الزائر عنده خفة الرّوح وسلاسة الدعابة الرفيعة التي يتمتع بها بأسلوب ساخر فيه نظرة عالية الذوق، كل ذلك بدون إسفاف أو تجاوز للأعراف.
ومن الأكيد أنه كان مقدّسا لروح الصداقة و" العشرة"، بدون تملق أو إصرار. كان دقيق الملاحظة في تحليل الشخصيات من حوله دون أن يلجأ إلى سهولة التحقير والتشفي حتى مع من عاداه وأضرّه سوف يحفظ التاريخ للأستاذ الشاذلي القليبي نصاعة وطنيته وحبه الدفين لتونس وأهلها وحرصه على تقدّم ومناعة الدولة التونسية الحديثة، رحم الله الرجل الصالح ،الصبور الوفيّ الذي عرفته واشتغلت تحت إمرته طيلة عقدين من الزمن ، فقد كان إنسانا بكل ضعفه وعنفوانه ورقّة قلبه ونصاعة سريرته ، رحمه رحمة واسعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.