اذا كان فينا من يقضي ايام العيد في هذه الأيام وهو في تمام الصحة وموفور النعم متمتعا بالكثير من الخيرات ففينا ايضا من يقضي ايام هذا العيد الجديد وهو حزين النفس موجوع القلب يعاني تحت وطاة الفواجع و الآلام والأسقام وهذا حال الدنيا كما عرفها وكما خبرها الأولون فهي بلا شك ولا ريب مزيج بين افراح واتراح الى يوم يبعثون... وقد ترك المتقدمون من الشعراء اشعارا حزينة جميلة رائعة في نفس الان لا بد انهم قد قالوها لينفسوا بها شيئا من كربهم والامهم و اوجاعهم في ذلك الزمان ولا شك ان في ذكر شيء منها في هذا العيد الجديد تنفيسا على من يعانون فينا وبيننا الحزن في هذه الأيام ويشكون بعضا من الوان وصنوف الكرب والهم والتسهيد...فهذا الملك المشهور في تاريخ ملوك القرون والدهور المعتمد بن عباد رحمه الله وغفر لنا وله وهو العزيز الغفور لما خرج من ملكه وفارق نعيمه وتغير عنده الحال وطافت به الفواجع والمت به الحسرات وثقل عليه حملها حتى صارت كالجبال ونفي الى المغرب الأقصى وحل ببلدة (اغمات ) دخل عليه من بنيه من يريدون تهنئته في عيد من الأعياد وفيهم بناته وعليهن اطمار بالية كانهن الكسوف بعد ان كن نيرات كالأقمار يبكين عند التساؤل ويبدين الذل والمسكنة بعد التبختر والتخايل وقد غيرت الأيام العصيبة العجيبة صورهن من النضارة الى البؤس والحقارة وصارت اقدامهن عارية حافية واثار نعيمهن مطموسة عافية فلما نظر اليهن مليا حزينا مصفرا متحسرا متغيرا قال وهو يكاد من هول ما اصابه وما اصابهن لا يصدق ولا يستوعب ما وقع له وما وقع لهن وما حل به وما حل بهن وما كان من امره وامرهن وماحصل وما جرى فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا فسالت العيد في اغمات ماسورا ترى بناتك في الأطمار جائعة يغزلن للناس ما يملكن قطميرا برزن نحوك للتسليم خاشعة ابصارهن حسيرات مكاسيرا يطان في الطين والأقدام حافية كانها لم تطا مسكا وكافورا لاخذ الا تشكي الجدب ظاهره وليس الا مع الأنفاس ممطروا افطرت في العيد لا عادت اساءته فكان فطرك للاكباد تفطيرا قد كان دهرك ان تامره ممتثلا فردك الدهر منهيا ومامورا من بات بعد في ملك يسر به فانما بات بالأحلام مغمورا اما اخوكم ابو ذاكر كاتب هذه السطور فلا يجد ما يختم به هذا المقال افضل من قول ربنا ذي العزة والجلال القدير الحكيم الفعال(قل اللهم مالك الملك توتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) كما لايجد افضل من تذكر ومن تدبر قوله تعالى مغير الأحوال في كل ان وفي كل حين ليجعل في ذلك موعظة للعقلاء وذكرى للذاكرين(وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين) ولا حول ولا قوة الا بالله رب العالمين.