أروع معاني الذكرى الثالثة من بداية الحصار الجائر المضروب على الشعب القطري هي أنها كانت سنوات النصر! لا نصر قطر على المحاصرين فحسب بل نصر الحق على الباطل ونصر الخير على الشر و نصر القانون الدولي على الفوضى و نصر السلام على العنف! يا لها من عبر غالية يقف عندها المرء متأملا سنن الله تعالى منذ أن وعد المظلومين بالنصر و منذ أن وعد الصابرين بالفوز و منذ أن توعد الظالمين و المنافقين بالدرك الأسفل من النار. إنها سنوات ثلاثة تأكد العالم خلالها من أن انطلاق جريمة قرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية منذ ثلاثة أعوام كان إشارة إنطلاق مخطط شرير للنيل من دولة شقيقة جارة حليفة لم تتردد يوما في نجدتهم و التضامن معهم واحترام ما وقعته و وقعوه هم ذات يوم من أيام 1980 في ميثاق مجلس التعاون لدول الخليج العربي ثم خانوه هم و التزمت به دولة قطر. يتلخص موقفنا و موقف الشرفاء من الناس اليوم لإحياء ذكرى العدوان الثالثة في كلمة (الاعتبار)، نعم (الاعتبار)، فصاحب السمو المفدى حفظه الله لم يكتف باستعراض المكاسب والإنجازات في خطبه السامية أمام مجلس الشورى أو على منبر منظمة الأممالمتحدة وهي عديدة بلا شك، لكنه أراد أن يتجاوز اللحظة الراهنة التي يمر بها الخليج والعالم العربي عموما، إلى ما بعدها، فقدم درسا راقيا في السياسة وفلسفة الأخلاق وضرورة إرساء منظومة العلاقات الدولية على احترام القانون الدولي و الالتزام التام ببنوده متى وقع خلاف أو اختلاف في تفسير الأزمات و إدارتها. فقد أنزل الرأي العام العالمي هذه الخطب القيمة و المرجعية منزلتها الحقيقية بل صنفها في هذا الفلك الأخلاقي الراقي الذي حدد الأبعاد الدولية لخارطة الطريق القطرية، كما رسمها صاحب السمو..الأكيد أننا، نحن العرب، وبخاصة أهل الخليج، نعيش مفترق سبل تاريخية في أعقاب أزمات مزلزلة هزت كيان العرب، وحطت من منزلتهم، وصادرت ليس استقلالهم فقط، بل قيمهم وتراثهم وإرادتهم، فلم نعد نتحكم في مصائرنا بفعل السفهاء منا، وخذ يا قارئي الكريم مثال الحصار الجائر الذي مرت عليه سنوات ثلاثة لأنه تحول إلى انتصارات عديدة سجلتها دولة قطر بفضل قيادتها الوطنية الرشيدة واليوم لم يعد للحصار معنى بل أصبح وصمة عار على جبين دول يشار إليها اليوم بالبنان لأنها تتدخل في دول عربية عديدة بالسلاح و المال الفاسد بقصد تغيير أنظمة حكمها و إرادة جماهيرها و إخضاعها من جديد لطاغوت الاستبداد المستنسخ من الكارثة المصرية و اغتيال الرئيس المدني المنتخب الشهيد محمد مرسي! بعد أن سمعنا خلال السنوات الثلاثة تقديرا صادقا من المنظمات العالمية و الأممية لتقدم قطر ومناعتها يأتيك أحيانا من أفواه الذين أعلنوا الحصار أنفسهم، وراهنوا على انهيار دولة قطر، واختاروا إخضاعها ومصادرة سيادتها، وإسكات صوت جزيرتها، ففوجئوا بالعالم يحاصرهم وعشنا حتى شهدنا على إدانة الرأي العام العالمي لممارسات دول الحصار، وعلى الخرس الذي أصاب تلك الأصوات الناعقة المأجورة نفسها، والتي طالما ملأت وسائل الإعلام، فبررت الحصار وصنعت الأكاذيب تلو الأباطيل لتلقي التهم جزافا على دولة قطر وتذكروا فحيح تلك الأفاعي الإعلامية في القنوات المصرية تطلع علينا باالبهتان المزيف ، ليقول بعضها بلا حياء أو خجل بأن قطر أحيانا عميلة لإسرائيل بينما يتكلم الإخوة الفلسطينيون بلسان الحق الناصع، بأن قطر تعيد إعمار القطاع، وتشيد المشافي وتعيد شبكات الكهرباء، أو ذلك المعلق المصري المهووس المعروف، يؤكد لجمهوره المسكين بأن قطر تؤوي الإرهاب والإرهابيين، ثم يصاب فجأة بخرس، فيصبح أبكم وتغيب عنا طلعته البهية من الشاشات، لأن العالم استيقظ على حقيقة ساطعة، تجلت بوضوح، وهي أن إرهاب الدولة لم يصدر عن دوحة الخير والسلام، بل صدر في أفظع تجلياته عن عواصم أخرى، بل إن منظمة الأممالمتحدة و رئيس الولاياتالمتحدة أجمعا على أن دولة قطر شريك ناجع و حليف متميز في الحرب على الإرهاب و اجتثاث جذوره! ولعل الخير قادم من حيث لا نعلم كما وعد صاحب السمو شعبه الوفي حين قال "أبشروا بالعز و الخير" لأن هذه المحنة الكيدية التي حدثت يوم 5 حزيران 2017 لعلها تعجل بانتهاء الحصارلأنه فاجأهم بنتائج عكسية لم يتوقعها المحاصرون! ولعله يعجل بانتهاء الحرب العبثية القاتلة في اليمن الشقيق، الذي كان ذات يوم صرحا سعيدا و...هوى! لعل الأمن قادم للخليج بعد أن تأكد لدى المتهورين أن المؤامرات لم تجد نفعا و أنها عادت عليهم بالوبال بعد أن تعيد شعوب مجلس التعاون ، التي نكن لها كل المحبة، ترتيب بيتها الأسري، فيعود عامل استقرار للمنطقة كما كان ولعل الرأي العام العربي يدرك أخيرا أن قوة الأمم لا تضمن بالتهور الأخرق، ولا بالمغامرات المستهترة، بل بالأخلاق الأصيلة التي لا تتردد عن الرجوع للحق والفضيلة، حين تختلط السبل وتضيع البوصلة وتَدْلَهِمُّ الطرق ويعسعس الليل فقد تأكد العالم اليوم أن الموازين الدولية بدأت تتغير بسرعة، لتنصف المظلوم من الظالم… إنه أوان الحصار الأكبر الذي يضربه العالم كله حول أعناق من خرجوا عن القانون الدولي، وهددوا السلام العالمي على خلفية وباء الكورونا الذي أيقظ العالم من سباته فأعاد تشكيل العلاقات الدولية على قيم التضامن و العدالة و ربما تبزغ شمس الغد الأفضل حتى جراء فاجعة الفيروس الذي وحد شعوب العالم مهما اختلفت أعراقه و أديانه و راح ضحيته مئات الألاف من البشر..