اندست ابواق دعاية، وهي اقلام مشبوهة تكتب في الصحافة بأنواعها، مهمتها في الظاهر الكتابة في كل المواضيع، حتى ولوكان على" أتالي"، و حتى لو لا يعرفونه عن قرب، ولا عن بعد، لانهم غير مؤهلين في الكتابة بالفرنسية، وغير دارسيها، ثقافتهم اذا ككتاباتهم مغلوطة، تمول غالبا من المال الفاسد، وتروج في كل الوسائل، لا يعترفون اصلا انهم من عملاء النهضة، و هم ينتمون اليها قلبا وقالبا، و في يوم ما، ستكشف اوراقهم، ويظهر للعيان، كيف تحصلوا على المراتب، نتيجة ادائهم واجبهم الخفي، وهو الدفاع، لا عن تونس ورجالاتها الاوفياء، بل تمجيد من اغترب، ودرت عليه الاموال من الحلال والحرام، ولو كانوا اوفياء لما طالبوا بإلحاح، الكشف عن تمويل الاحزاب، و كذلك الجمعيات المتسترة تحت حماية القانون، ومطاردتهم بالقلم والقانون، لان اغلبهم، باسم نضال مزيف، تنقصه الحجج الدامغة، افقروا البلاد، واتوا على ثرواتها، للبلوغ الى كرسي الحكم، مهما كانت التكاليف، التي يؤديها المواطن البسيط، الذي يعاني اليوم من سوء تصرفهم، و قلة شجاعتهم للاعتراف بأخطائهم المتواصلة، ولو كانت الجباية سيدة الموقف كما طالبنا به مرارا، لاطلعنا على ثروة كل من جعل من السياسة مهنة، ونشرت للعموم، لا الاحتفاظ بها في ملفات في خزائن مغلقة، او ارسالها الى العدالة التي اصبحت الملجأ لان فيها تراكم للملفات، لقلة مواردها المالية والبشرية، و لكان ايضا اصحاب الاقلام تحت المجهر، يصرحون بمكاسبهم حتى يكون القارئ على بينة من وضعيتهم الحقيقية، وكفانا من الترهات و التمجيد لأشخاص لا يستحقون ذلك، تاريخهم مظلم، وعلاقاتهم مريبة، ولا يمكن مقارنتهم بمن ناضل في سبيل تونس، ودافع بكل ما يملك من عبقرية، لرفع رايتها بين الامم، ومخاطبتهم بالند للند، ولا التجاء الى بلدان او اقطار لحضانة مصيرهم، ومصير اهلهم وقرباهم، ولما نالهم الحظ لحكم البلاد، ازدادت الرشوة، و عم الفساد، وما وصلت اليه البلاد اليوم، هي نتيجة نفوذهم، اقتصاد موازي، دمار واموال غير شرعية تجوب الجهات، لا تخضع للقانون، وللرجوع بمقارنة أمسهم بيومهم، وبؤسهم البارحة بثروتهم الطائلة اليوم، وهم في بحبوحة عيش لم يحلموا بها حتى في احلامهم، تناسوا التاريخ رغم ان لهم في مصير الانقلاب الطبي مغزى، انتهجوا، ان كانوا لا يفقهون، اساليب الرداءة بأنواعها، باطنها قمع اهل الفكر والاستنباط، لانهم دخلوا البلاط، بدون استحقاق يذكر، يحكمون ويكتبون لتمجيد حزب ديني وقادته، الاخوان المسلمون دليلهم، في البحث عن الاستيلاء على الحكم، واليوم كل بوسائل غيره، و تحت غطاء ولي نعمته، وبحصانة غير ملزمة للدولة، يبعث برسائل القدرة على التصور والوعد بالإنجاز، لمجتمع سلبوا منه أمواله، ورموا به في الحضيض، ارضاء لمن كانوا يؤازرونهم في الخفاء، ولو كان هؤلاء القوم صادقين في نواياهم، لأرجعوا أموال الشعب الى الخزينة، التي اغدقت عليهم الكثير لقضاء شؤونهم، فهذا المرزوقي الذي يتبجح وهو يتقاضى جراية رئيس دولة، ويدافع على الفقراء والمساكين، ولم يفصح لنا عن ما يتقاضاه عندما يؤم شاشة الجزيرة، للتنكر لما بثه من حقد وكراهية، لشعب لم يشارك ولا أهله في نضاله، واغتنم ما فتحه النظام البورقيبي من افق ليزاول فيه تعليمه، ويصبح استاذا في الطب، لقربه من اهل النفوذ آنذاك، ولنا في كتب رفاقه وتصرفاتهم، زمن مرورهم بقرطاج، أدلة على عملهم لانهيار الدولة، والعبث بقوانينها، والتنكر لتاريخ تونس ورجالاتها، ولو كان حقا مثالا يقتدى به، في خدمة الشعب، لما صرح على وجه الملاء، بممتلكاته، ولرفض تقاضى اجرة رئيس دولة، و اجرة من قناة، فاقدة المصداقية، واكتفى بجراية ما قبل الرئاسة، ووزارة الصحة، حيث يوجد ملفه الإداري والصحي، على دراية بالتقييم، وبالرجوع الى الحكم على مستحقاته، أشعل النيران في كل مبادئ تونس، وفي كل برامجها حتى اصبحت مزرية، فاقدة الرشد كمثله، وللتذكير ان انتخابه يرجع للفاصل العددي من ناحية، ومن ناحية اخرى، كما فعل بن جعفر لبلوغ رئاسة المجلس، الى الركوع لإرادة النهضة واخواتها، و يؤكد المرزوقي ان النهضة عملت كل ما في وسعها لتعيين مناضليها في منافذ الدولة، ويعترف ان السلفيين يتمتعون برغدة العيش، و يتحصلون على اموال طائلة، استولوا على قنوات تبث خطبهم، وتدعوا الفقراء للتضحية والموت في سبيل الجهاد ولم يحرك اذ ذاك ساكنا، وهو في قيادة البلاد ورفض الشعب "التريكا" بأجزائها، عند أول فرصة انتخابات، وبعث بها وبشركائها الى الجحيم والى النسيان، وكان من المتوقع محاسبتهم على ادائهم الغير مشرف لتاريخ تونس، يلوحون بالديمقراطية ويتشدقون اليوم بمزاياها، ويلومون غيرهم على اعتناقها، وهم الذين افسدوا مسارها، وادخلوا فيها الغث والسمين، وكونوا ازلاما تبحث عن الجاه، مهما كان ثمنه، ومهما كان الممول لإجهاض التجربة الثورية التونسية، واليوم يطرح سؤال بمرارة، اين حلولهم، ودراساتهم، و عبقرياهم، وقد تواصلت الازمة، وارتفعت البطالة، وضعفت التنمية في الجهات الداخلية، وتغيبت العدالة الاجتماعية و الجبائية، وتعطلت مبادرة الحكومة، وتبعثرت كتل مجلس الشعب، وانقضت على بعضها بالويل والتنديد، فغابت عنهم تونس ومصيرها، واغتروا بالوعود البراقة، والدوام في ركاب الحكم، مما يبعث على الحيرة، ويشكل الخطر على المستقبل بآفاقه، والواجب يدعو التصدي لمن ولاؤه لغير تونس، ولمن اغتنم فرصة المنصب، للإثراء الغير مشروع، والواجب يملي الرجوع الى "من أين لك هذا ؟" والعمل على اعادة اشراق راية تونس التي ضحى في سبيلها الكثيرون، وليس من كان لاجئا ينعم بنعمة غيره، تطارده اشباح الخوف من عدالة بلاده، ويدعي الثورية وينعم بمزاياها، وبما تدر عليه من أموال الشعب ان الخطر كل الخطر الذي يترقب بلادنا هو من اختيار فريق مرجعته الليبرالية المطلقة، والنظام الرأسمالي الذي يتحكم فيه السوق، تحت سيطرة قانون العرض والطلب، والهدف المعلن هو القضاء ولو تدريجيا على مهام الدولة في ادارتها للاقتصاد، تلك هي المدرسة الفكرية التي يراد تركيزها، واتت جائحة الكورونا، فانقلب الوضع راسا على عقب، وفندت تصوراتهم، واصبحت الدولة هي الكفيلة وحدها بإنقاض الاقتصاد ودواليبه، واعطت فرنسا المثل لذلك، ورجعت لإعادة الدورة الدموية في اقتصادها، اعتمادا على اروبا وثقلها، وامكانياتها في التداين، لفائدة من اضرتهم الكورونا، اما في بلادنا ونحن بأشد الحاجة الى الانفاق والتمويل، نجبر المواطن ونضغط على جرايته لجبره على المساهمة في صندوق 18-18، لايعرف مصير تبرعاته، بعث باسم التضامن لانقاض قطاع الصحة، لكن دار لقمان على حالها الى اليوم، ولمشاهد الوطنية الاولى على رداءتها، وما تقوم به من نقل للحالة التي عليها البنية التحتية للصحة، ومعاناة العامين فيها، بينما يجوب الوزير وجماعته وسائل الاعلام بتنوير مغلوط، لحقيقة خيالية، لوضع صحي يزداد بؤسا يوما بعد يوم، ويجد من يتجنى على الصحافة، ليكتب على الوضع بإطراء للتغليط، وتلك هي المأمورية المكلف بها بمقابل يعرفه هو، ولن يعلن عنه إن الصحافة تؤدي دور هام في تدعيم الثورة، لكن السؤال المطروح لماذا تنطلق الألسن في انتقادها بلا هوادة، ووقع الخلط بين غثها وسمينها بدون تمييز، ولا روية ؟ لماذا تألب عليها كل الساسة من كل الاتجاهات الفكرية والعقائدية ؟ هل تجاهل بعضهم أنها تعاني الأمرين في الدفاع عن استقلاليتها من الذين يريدون الحد من حريتها بإخضاعها لإملاءاتهم ؟ هل انفردت وحدها بالإثراء والبلاد في أزمة أمنية واقتصادية واجتماعية لا تزال على أبواب الافلاس ؟ هل انكبت الحكومات المتتالية على مشاكلها بجدية؟ تلك هي أسئلة مطروحة للبحث قد اثرناها في كتاباتنا منذ الثورة ومما يزيد لوعة اضمحلال الصحافة بمجملها، وتدهور قواتها، من جراء تصرفات معاكسة لكونها السلطة الرابعة، ويرجع اهلها اليوم للدولة لإخراجهم من المأزق، بعد ان بذروا اموال شركاتهم تبذيرا في بناء النزل، وغيرها من اجل البحث عن الثروة، وفتح الافق للتبوء للمناصب السياسية، و قد اختلطت المسؤوليات في هرم الدولة، فهذا الوزير يتجرا بإعلان ان الدولة لا تعرف ممتلكاتها ولا يبحث عن المسؤول عن الوضع؟ ويعلن ايضا بكل عفوية مثلا ان اذاعة الزيتونة التي تعد حوالي 35 عاملا سيتم الحاقها بالقطاع العمومي (مؤسسة الاذاعة التونسية) وهو قرار من لجنة التصرف في الاملاك المصادرة، ولو يعرف المواطن اين وصلت هذه اللجنة في اعمالها؟ واين تقاريرها التي يلزمها بها قانونها؟ ودار الصباح المأسوف على زوالها، لأنها تمثل ردحا طويلا من تاريخ تونس، يعمل فيها اكثر من 145 عونا، لها رصيد عقاري واملاك تتجاوز 14 مليون دينار، لكن ديونها وصلت الى 21 مليون دينار، وكذلك شمس اف ام التي ستبدد ثروتها وتضخ فيها الدولة 4 ملايين دينار سنويا، وديونها تقدر ب11 مليون دينار ومداخيلها في حدود مليون دينار وما الى ذلك من تعهدات لإنقاذ الاعلام الخاص، والخوف كل الخوف ان يصرف مال لجنة الهبات والتبرعات بالوزارة في حصيلة عملها خلال الأسابيع التسعة والتي وصلت الى 27.209174 مليون دينار وتعهدت اللجنة للمتبرعين بتوجيهها إلى الهياكل الصحية العمومية حسب رغبتهم، ووفق متطلبات برنامج مكافحة تفشي الوباء، وهلم جر من فضائح لا احد من مروا بالحكم حاول ايجاد الحلول الكفيلة بوقف جرف المصاريف، فاين البنوك ومسؤولياتها في هذا التصرف؟ "الصمت عظيم فقط وكل شيء آخر ضعيف"، والبوح بالأسرار مخيف لأنه في خدمة ركاب اولي الامر، واغلبهم اصحاب صفر فاصل في الانتخابات التي عرفتها تونس بعد الثورة، وخلاصة القول ان المواطن هو الذي يمول اذا سوء التصرف، ويجبر في خلاص الفاتورة، ولو اهتمت الصحافة بموضوع كهذه لما وجدت فيها زاد من النقد النزيه والاقتراح البناء، ولو اهتمت الصحافة بموضوع كهذه، لما وجدت فيها زاد من النقد النزيه، والاقتراح البناء، وأثبتت التجربة أن السياسيين المبوبين لقيادة البلاد لتحقيق أهداف الثورة، هم غير قادرين على تصور مستقبل البلاد، إذ فقدت في تدخلاتهم في الإذاعة وعلى الصحافة برامجهم الاقتصادية والاجتماعية المستقبلية، قل منهم أو من أحزابهم من له برنامج يشفي الغليل، حول بناء مجتمع متفتح على واقعه، ومتطور مع عصره، يمتاز بغزارة الأفكار وشمولية المشاركة، يطيب فيه العيش لكل التونسيين مهما كانت مشاربهم ،وتتجلى فيه روح البذل والإخاء، وإن الصحافة تشكوا نقصا ولا أحد يخالف ذلك، والكل يجمع على ضرورة إعادة بناءها على أسس جديدة مستوحاة من مبادئ الثورة المباركة، لكن لا أحد ينكر لها نضالها اليومي في البحث عن الحقيقة، ولنتساءل ولو لبضع ثوان׃ هل من له مسؤولية الحكم مستعد لقبول حقيقة يكتبها الصحفيون وهي تتعارض مع تفكيره ؟هل يقبل اهل الكراسي بأريحية انتقاداتهم وتصوراتهم التي لا تتفق مع افتراضاتهم ؟هل يلام الصحافي المحترف عن كشف الحقائق والبحث عن المعلومة الصحيحة وهي من أوليات مهنته ومن أوكد واجباته؟ من الواضح ان الجواب سيكون بالنفي طبقا لمثلنا: "العزوزة هازها الواد وهي تقول العام صابة"! هوامش رجب حاجي : دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- شهادة تكوين مستمر بجامعة هارفارد الأمريكية - ألف أربع كتب في علم الاحصاء في المستوى الجامعي- اول رئيس بلدية ملولش- شغل رئيس ديوان المرحوم محمد الصياح عشرات السنين و رئيس ديوان وزيرة الصحة ومكلف بمهمة في اختصاصاته لدى رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر اطال الله عمره الى غيرها من المسؤوليات الوطنية.