اتركونا من بن علي ومن المرزوقي ومن امثالهما وردوا عليهم بالنسيان لانهم ادوا بالبلاد الى الخراب، وفقدان الثقة في المستقبل، انتهجوا اساليب الرداءة بأنواعها، لقمع اهل الفكر والاستنباط، ونسوا كيف آل اليهم الحكم امتطى الأول العرش بالانقلاب الطبي تحت الضغط، والتهديد بالموت للأطباء،كما رواه احدهم، و دخل الثاني البلاط بالانسياق وراء حزب ديني، مرجعيته الاخوان المسلمين، في ما امتازوا به من تفسير مخطئ للقرآن الكريم، ومن أدلة غير ثابتة لمسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم،ومن خطة للاستيلاء على الحكم،واليوم كل بوسائله و تحت غطاء ولي نعمته، و بحصانة غير ملزمة للدولة،يبعث برسائل القدرة على التصور والوعد بالإنجاز، لمجتمع سلبوا منه أمواله، ورموا به في الحضيض،ارضاء لمن كانوا يؤازرونهم في الخفاء، ولو كان هؤلاء القوم صادقين في نواياهم،لأرجعواأموال الشعب الى الخزينة، التي اغدقت عليهم الكثير لقضاء شؤونهم، فهذا المرزوقي الذي يتبجح ويكتب عن "الديمقراطية الشكلانية"،وهو مشارك في بعثها في "اكس مرسيليا"، مع شرذمة فاقدة للوطنية، له ان يروي لنا ذلك قبل ان يفضحه التاريخ، ولنا في كتب رفاقه وتصرفاتهم، زمن مرورهم بقرطاج،أدلة على انهيار الدولة، والعبث بقوانينها، والتنكر لتاريخ تونس ورجالاتها، ولو كان حقا مثالا يقتدى به، في خدمة الشعب، لما صرح بممتلكاته، ولرفض تقاضى اجرة رئيس دولة،و اجرة من قناة، فاقدة المصداقية،واكتفى بجراية ما قبل الرئاسة، ووزارة الصحة، حيث يوجد ملفه الإداري والصحي،على دراية بالتقييم،وبالرجوع الى حكمهفكان ظلاميا بدون شك،وبكل المقاييس المعروفة،أشعل النيران في كل مبادئ تونس وفي كلبرامجها حتى اصبحت مزرية، فاقدة الرشد كمثله،وللتذكير ان انتخابه يرجع للفاصل العددي من ناحية، ومن ناحية اخرى، كما فعل بن جعفر لبلوغ رئاسة المجلس، الى الركوع لإرادة النهضة واخواتها،و يؤكد المرزوقي ان النهضة عملت كل ما في وسعها لتعيين مناضليها في منافذ الدولة، ويعترف ان السلفيين يتمتعون برغدة العيش، و يتحصلون على اموال طائلة، استولوا على قنوات تبث خطبهم، وتدعوا الفقراء للتضحية والموت في سبيل الجهاد (كتاب المنصف المرزوقي ص 100)ولم يحرك اذ ذاك ساكنا وهو في قيادة البلاد ورفض الشعب "التريكا" بأجزائها، عند أول فرصة انتخابات،وبعث بها وبشركائها الى الجحيم، والى النسيان، وكان من المتوقع محاسبتهم على ادائهم الغير مشرف لتاريخ تونس، يلوحون بالديمقراطيةويتشدقون اليوم بمزاياها،ويلومون غيرهم على اعتناقها،وهم الذين افسدوا مسارها، وادخلوا عيها الغث والسمين، وكونوا ازلاما تبحث عن الجاه، مهما كان ثمنه، ومهما كان الممول لإجهاض التجربة الثورية التونسية، واليوم يطرح سؤال بمرارة، اين حلولهم، ودراساتهم، و عبقرياهم، وقد تواصلت الازمة،وارتفعت البطالة،وضعفت التنمية في الجهات الداخلية، وتغيب العدالة الاجتماعيةوالجبائية، وتعطلت مبادرة الحكومة، وتبعثرت كتل مجلس الشعب،وانقضت على بعضها بالويل والتنديد،فغابت عنهم تونس ومصيرها،واغتروا بالوعود البراقة،والدوام في ركاب الحكم،مما يبعث على الحيرة، ويشكل الخطر على المستقبل بآفاقه، والواجب يدعوا التصدي لمن ولاؤه لغير تونس، ولمن اغتنم فرصة المنصب،للإثراء الغير مشروع،و الواجب يملي العمل على اعادة اشراق رايتها التي ضحى في سبيلها الكثيرون، وليس من كان لاجئا ينعم بنعمة غيره، تطارده اشباح الخوف من عدالة بلاده، ويدعي الثوريةوينعم بمزاياها، وبما تدر عليه من أموال الشعب،بدون روية ولا استحقاق من العدالة، هو المرجع او المنقذ المنتظر،ان الخطر كل الخطر الذي يترقب بلادنا يكمن هو عدم المشاركة في الانتخابات التي هي على الابواب،وترك البلاد بلا قائد سفينة، تلوح بها امواج الاستعمار المقنع، الذي تديره المؤسسات المالية العالمية، بمدها وجزرها في تمويلها لمشاريع مستقبلية حياتية، وحرصها على اختيار حكام البلاد، تحت نفوذها، مرجعهم الليبرالية المطلقة، والنظام الرأسمالي الذي يتحكم فيه السوق،تحت سيطرة قانونالعرض والطلب، و الهدف المعلن هو القضاء ولو تدريجيا على مهام الدولة في ادارتها للاقتصاد، تلك هي المدرسة الفكرية التي يراد تركيزها من جديد، وقد فشلت التجربة في تونس، في الماضي،في وجود الحلول الملائمة للمشاكل والقضايا التي تعاني منها، والاحصائيات اكبر دليل على تدهور موازينها، و انتشار الفقر فيها، وتفاقم البطالة في كل جهاتها.