بَعْدَ انضِمام الجماهيريّة الليبيّة سنة 2004 إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية بدأت طرابلس بالتخلص فعليّا مِن كميّات الغازات السامة كغاز خردل الكبريت وغاز السارين التي تمتلكها، إلا أن العملية المعقدة للتخلُّص من هذه الترسانة الكيميائية تتطلب وقتا ، بينما عرّاب ومهندس ومموّل ومنفّذ ثورات الفوضى الخلاقة على عجَلةٍ مِن أمرِهِم ولا يأبهون لتداعيات الأعمال التدميرية التي قامت عليها فلسفةُ "ثوراتهم" ، ولذا بعد أن تَمَكَّنَ النظام الجماهيري من إتلاف 60بالمائة مِن هذه الترسانة فإنّ 40بالمائة مِنها وقعت في أيدي "ثوار الأطلسي" الذين سقطت أقنعتهم لتكشف عن أنّهم ميليشيات تكفيرية إرهابية مسلحة الكثير مِن قادتها وعناصرها الفاعلة مِن ذوي الخدمة السابقة خارج ليبيا في تنظيمات إرهابية كالقاعدة وداعش .وكان جزء من هذه الأسلحة في منطقة الجفرة وسط الصحراء الليبية وجزء منها في قبضة جماعات مسلحة تكفيرية بقيادة المدعو"صلاح بادي" داخل مدينة مصراتة. وعندما كانت ليبيا المحكومة بِعُملاء الناتو الإسلاميين محطة وخزّاناً للإرهابيين الذين يُجَنَّدون للقتالِ ضد الدولة الوطنية السورية بغية إلحاقها بمصائر ليبيا وتونس ومصر(في فترة حكم الإخونجي مرسي)، فيَتمّ ترحيل هؤلاء القَتَلة المُرتزقة جوّاً إلى تركيا وعَبرَ الحدود البرّيّة للأخيرة إلى الأراضي السورية، عندئذً تَمّ نَقْل كميات مِن غاز السارين خاصة ، بالطائرات التي تنقل "المجاهدين المرتزقة" و"مجاهدات النكاح" إلى تركيا ومنها إلى الأراضي السورية (وبِعِلم وحماية المخابرات التركية) ، وسَبَقَ للصحف التركية أن وَثقَت اعترافات بعض ناقليّ الأسلحة الكيميائية هؤلاء لاستخدامها ضد الجيش السوري مِن جهة ولاستخدامها ضدّ المدنيين السوريين في المناطق التي لا تسيطر عليها الدولة السورية واتهام الجيش السوري وبالتالي قائده العام الرئيس الدكتور بشار الأسد باستخدام أسلحة حرب محرّمة دوليا تمهيدا لفبركة اتهامات للجيش وقائده بارتكاب جرائم حرب ضدّ الإنسانية. وقد نَفَّذوا سيناريوهات فاشلة عديدة في هذا السياق رافقتها حملات إعلامية، وشملت هذه الحملة توقيع بيانات تتهم الحكومة السورية باستخدام أسلحة دمار شامل (على الرغم مِن أن الحكومة السورية كانت قد تخلت تماما عن مخزونها مِن الأسلحة الكيميائية بإشراف وتأكيد وإقرار الأممالمتحدة والمنظمة المتفرعة عنها لهذا الغرَض) على غرار اتهام العراق في عهد صدام حسين بامتلاك أسلحة دمار شامل واتخاذ ذلك ذريعة لغزو العراق واحتلاله وقتل الملايين مِن أطفاله ونسائه وشيوخه وتدمير بناه التحتية ومتاحفه وأوابده الحضاريّة ليعترف "كولن باول" بَعْدَ خراب البصرة بأنّ مخابرات بلاده اعتمدت وثائق مزوّرة لتبرير هذه الحرب القذرة. الآن وبعد انقلاب السحْر على الساحر، بِسَوْقِ المرتزقة السوريين ومَن شاركهم جرائمهم الإرهابية على الأراضي السوريّة إلى ليبيا ، يَتم تنفيذ السيناريوهات نفسها ضدّ أعدائهم على الساحة الليبية مُمثّلين هُنا بالجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر (لا أُخفي شكوكي تجاه اللواء المتقاعد حفتر وتاريخه الرّمادي لكنّه أخفّ الضرَرَيْن مُقارَنَة بالسرّاج وميليشياته الإرهابية)، وهنا أداة الجريمة مُتَوفّرة بل وفائضة على الحاجة الإجراميّة ، ذلكَ أنّ الإرهابيين لن يحتاجوا إلى تهريب أسلحة كيميائية مِن خارج ليبيا لأنهم يمتلكون كميات هائلة منها سيطروا عليها في الفوضى التي أعقبت اغتيال العقيد القذافي وسقوط نظامه ومعه الدولة الوطنية الليبية، فقد سيطروا على "ثلاثة مواقع على الأقل في أنحاء البلاد، كانت تضم أكثر من 1000 طن مكعب من مواد تستخدم في صنع أسلحة كيميائية، ونحو 20 طنا مكعبا من الخردل، إضافة إلى عدة ألوف من القنابل المصممة للاستخدام مع غاز خردل الكبريت"، وأكدت مقاطع فيديو على الأنترنت أنّ المسلحين كانوا بصدد إعداد صواريخ تمّ تذخير رؤوسها بِغازَيّ السارين والخردل لاستخدامها في الحرب ضدّ قوّات حفتر جنوبيّ طرابلس بانتظار المدد التركي. وعلى الطريقة الإخوانية النمطيّة سارع وزير خارجية حكومة"الوفاق" المدعو "فتحي باشا آغا" ليتهم الجيش الوطني الليبي باستخدام غاز الأعصاب ضد ميليشيات "الوفاق". والتجربة السورية تُنَبّه إلى أنّ ذلك ما هو إلّا مُقَدِّمات تُمهِّدُ لِعَزْمٍ تركي على استخدام الأسلحة الكيميائية ضد قوّات الجيش الوطني الليبي لصالح ميليشيات "فائز السرّاج" رئيس ما يُسَمّى حكومة "الوفاق"(الوفاق على ماذا وبين مَن وَمَن؟)، لِفَرْضِ أمر واقع جديد لصالحِ حلفائه الذين يُوظّفهم لخدمة مصالحه. وكذلك استخدام أسلحة كيميائية في المناطق التي تُسيطِرُ عليها ميليشيات "الوفاق" ضد المدنيّين واتهام الجيش الوطني الليبي وحلفائه بارتكابها .