اذا كانت عبير موسي قد عرفت في جميع تدخلاتها وفي الحديث عن رغبتها في تصفية حساباتها السياسية ضد خصومها السياسيين النهضويين وفي مقدمتهم زعيمهم راشد الغنوشي بعبارة سجل يا تاريخ فلا شك ان الملاحظين ايضا قد سجلوا لها في دفاتر التاريخ التونسي العديد من التسجيلات التي ستبقى حتما ملتصقة بها في تاريخ سياسة هذه البلاد الى حين ان تفنى الدنيا وان تدك الأرض وان تنفطر السماوات... ومما سيسجلها لها التاريخ انها اول سياسية تونسية خاطبت رئيس مجلس نواب التونسيين في جلسة علنية رسمية دون التلفظ بالبروتوكول المعروف خطابيا بسيدي الرئيس ثانيا ان عبير موسي سيسجل لها التاريخ انها اول نائبة تونسية في تاريخ مجالس النواب التونسية كلها قد اتهمت رئيس مجلس نواب التونسيين بالكذب وبالمغالطة وبالتلاعب وبالتمويه ثالثا انها اول نائبة تونسية ارتدت هي وجماعتها نوعا من الثياب كتب عليها جملة تدعو الى سحب الثقة من رئيس مجلس النواب وهذه سابقة في تاريخ مجلس النواب رابعا ان عبير موسي تحتل المرتبة الأولى في تاريخ مجالس النواب التونسية من حيث عدد الصراعات وعدد المشاكسات التي وقعت بينها وبين رئيس مجلس النواب وبين زملائها النواب خامسا ان عبير موسى قد اكدت انها لا تريد ابدا ان تتنازل وان تقتنع بما يقوله مجادلها او خصمها في كل حوار وفي كل نقاش وفي كل جدال ولا يستطيع احد ان يقنعها بخلاف ما تقول حتى ولو كان في مستوى قوة افلاطون وتلميذه ارسطو في الحوار وفي النقاش وفي الجدال وحتى لو جاءها محاورها المسكين بحجج وبراهين ودلائل في قوة وفي ثقل البحار والجبال والسبع ارضين سادسا ان عبير موسي حسب ما سمعناه وما رايناه منها ليلة امس في جلسة المساءلة التاريخية ستعتبر منذ تلك الليلة التاريخية اول خصم واول معارض سياسي في تاريخ هذه البلاد يهاجم مباشرة وعلى الهواء بكل غضب وبكل عصبية شخصية تونسية تتولى رئاسة منصب النواب وتسمعه كلاما جارحا في شخصه دون انقطاع وبكل استرسال جعل المشاهدين ينسون انهم يستمعون الى حوار والى نقاش والى مساءلة سياسية عادية برلمانية ويتصورون ويظنون انهم يشاهدون محاكمة قضائية يقف امام القضاء متهم خطيرتوجهت اليه اصابع الادانة والاتهام ابتداء من اول حياته العلمية والثقافية والسياسية الى ان بلغ مبلغ الشيخوخة واقترب من نقطة النهاية البشرية الطبيعية الحتمية سادسا سيسجل التاريخ السياسي التونسي برودة اعصاب وهدوء ورصانة ورحابة صدر وصبر رئيس مجلس النواب الذي استمع الى اتهامات عشوائية وتقبل ما يشبه القذفات الصاروخية وتحمل ما يشبه التسديدات المدفعية التي ارسلتها عبير موسي وكان في خصمها في مابهتها كالصخرة الثابتة الصماء او ككتلة ثلج كبيرة عالية ملساء في قطب ثلجي يتجمد فيه كل من يحاول ان يلمسه ولو باقل وباخف اللمسات سابعا ان خروج عبير موسي عن موضوع المساءلة المحدد المضبوط ودخولها في زوبعة وفي هستيريا ذكر قائمة الاتهامات المباشرة التي يبدو انها بقيت تنبش في ملفاتها طويلا وتبحث عنها في ما عندها من دفاتر تاريخ رئيس مجلس النواب قد جعل اغلب العقلاء يتاكدون ان عبير تحمل حقدا قديما وكرها دفينا لهذا الرجل الذي اصرت على فرض بند مساءلته وان اصرارها على فرض هذه المساءلة قد يكون لاسباب شخصية نفسية خفية اكثر منها لاسباب موضوعية تتعلق بالمصلحة الوطنية الشعبية من اجل ذلك وغيره نقول لعبير موسي ان التاريخ التونسي سيسجل هذه المساءلة التاريخية ولكن قد لا يكون تسجيله لها يصب في مصلحتها وغايتها وانما سيصب في واد اخر قد يعاكسها وقد يرواغها واد سيرتوي منه المؤرخون القادمون الذين سيستنطقون سجلات تاريخ تونس وسيتبين لهم حتما الكثير من الحقائق التي يعرفها العقلاء اليوم ولكن اكثرهم مع الأسف الشديد صامتون ولاشك انهم في قرارة انفسهم يقولون ويرددون تلك القولة التي قد تجعل صاحبها كثيرا ما يتحسر وياسف ويندم (ان الجلوس على الربوة اسلم) فليجلس هؤلاء على الربوة كما يشاؤون وليت جلوسهم عليها لا ينقلب عليهم يوما بما لم يكونوا يتوقعون وبما لم يكونوا يحتسبون ويتصورون ولله في خلقه شؤون...