سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو الرحمة المهداة من الله جل وعلا لأمة الإسلام ولعباده المؤمنين, وأفضل كلام المؤمن ما كان فيه ذكر نعمة الله تعالى والثناء عليه بإحسانه عز وجل, وأفضل النعم التي أنعم بها علينا سبحانه وتعالى أن جعلنا من أمة الإسلام, أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم , والحديث عنه هو مفتاح القلوب وانشراح الصدور وراحة النفس, فأسعد العباد من يوفق في عبادته لله تعالى بالصلاة والسلام على النبي المصطفى, فهي من أجل العبادات التي أمر بها الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين ليتقربوا بها منه وينالوا مناهم في الدنيا والآخرة, فهو الذي يصلي عليه هو وملائكته ويأمر المؤمنين بالصلاة عليه كما جاء في الآية الكريمة : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) س الأحزاب 56, والمقصود من الآية أن الله جل وعلا أكرم نبيه وخصه بالصلاة عليه وأخبر عباده بمنزلة عبده ورسوله عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة يصلون عليه ويباركون عليه أي يدعون له, ثم أمر عز وجل أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه, ليجتمع عليه الثناء من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا, ونزلت هذه الآية على إثر سؤال قوم موسى عليه السلام لنبيهم " هل يصلي ربك " فنزل عليه الجواب " فقل نعم إنما أصلي أنا وملائكتي على أنبيائي ورسلي ", ونزلت الآية مخصوصة بالنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تكريما له وتأكيدا على منزلته عند ربه سبحانه وتعالى. وقد أمر الله جل وعلا عباده المؤمنين بالذكر والتسبيح وهو يصلي عليهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ), ( وسبحوه بكرة وأصيلا ), ( هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما ) س الأحزاب 41-42-43 , وفي نفس السياق كان قول الله تعالى : ( ... وبشر الصابرين ) ( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون )(أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) س البقرة 155-156-157. وجاءت الأحاديث النبوية متواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالحث على الصلاة والتسليم عليه " صلوا علي فإنها زكاة لكم ... " (رواه أحمد) وببيان كيفية الصلاة عليه, وكان يعلم أصحابه كيفية التسليم عليه كما يعلمهم السورة من القرآن وهي " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " كما جاءت في التشهد, وفي الرد عن الاستفسار عن صيغة الصلاة عليه على إثر نزول أمر الله تعالى بالصلاة عليه قال صلى الله عليه وسلم قولوا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد, وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد " ( رواه الترمذي ). ومن كرامات الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم وعلى أمته ما روي عنه أنه أطل ذات يوم على أصحابه والبشر على وجهه فقال لهم " جاءني جبريل عليه السلام وقال لي إن ربك يقول لك أما يرضيك يا محمد أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد إلا سلمت عليه عشرا ", ثم قال "من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات" (رواه أحمد), وقال صلى الله عليه وسلم " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " (رواه النسائي), " من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة " (رواه الطبراني), " من صلى علي في يوم ألف مرة لم يمت حتى يبشر بالجنة " (رواه أبو الشيخ), " كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي, اجعلوني في أول الدعاء وفي وسط الدعاء وفي آخر الدعاء " (رواه البخاري) فيه تأكيد على أهمية الصلاة على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم لتأمين قبول الدعاء. وجاء في السنة الشريفة أن حب النبي صلى الله عليه وسلم من الإيمان وأن من حب الرسول الإكثار من الصلاة عليه, وتأكيدا على تكريس الإيمان في علاقة بحب الرسول يقول صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ومن ولده ووالده والناس أجمعيين " (رواه البخاري), ومن أفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه يوم الجمعة كما جاء في حديثه: " من أفضل أيامكم يوم الجمعة, فيه ولد آدم وفيه قبض, وفيه النفخة وفيه الصعقة, فأكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة, فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة " (رواه أحمد والبيهقي), " من صلى علي يوم الجمعة مائة مرة جاء يوم القيامة ومعه نور لو قسم بين الخلق كلهم لوسعهم " (رواه أبو نعيم). ومصداقا لقوله جل وعلا ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ي الأنبياء 107, فإن الرسول صلى الله عليه وسلم هو رحمة الرحمان الرحيم لعباده, وما أمر الله عز وجل بالصلاة والتسليم عليه إلا رحمة بعباده لشرح صدورهم وتيسير أمورهم وتكفير سيئاتهم وتزكية أعمالهم وتفريج كرباتهم ورفع درجاتهم, ومن فضائلها إجابة الدعاء وكفاية هموم الدنيا, والشفاعة في الآخرة والبراءة من النفاق والعتق من النار, وإن ملازمها من أولى الناس بالشافع المشفع صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ويسكنه الله جل وعلا مع الشهداء كرما وحلما من لدنه إنه كريم حليم. والمقصود من الصلاة والسلام على رسول الإسلام ورسول الإيمان صلى الله عليه وسلم والإكثار منها يعني صحبته ومحبته, فإذا أكثرنا ذكره والصلاة والسلام عليه كما أمرنا الله عز وجل أصبحت صورته في قلوبنا بمثابة النور الذي نهتدي به إلى ذكر الله ومحبته نتيجة الصلاة والسلام على الحبيب المجتبى وصلتنا الدائمة به لأن الصلاة صلة, ومن دلائل محبته الإكثار من الصلاة والسلام عليه إمتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى. فلنكثر من الصلاة والتسليم على النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم ولنثابر عليها إيمانا واحتسابا وطاعة وتقوى, عسى أن نفوز برضاء المولى عز وجل وبرضاء الحبيب صلى الله عليه وسلم وبشفاعته يوم الدين بإذن الله تعالى, وعملا بتوجيهه عليه الصلاة والسلام فلنجعل صلاتنا عليه في بداية الدعاء وفي أوسطه وندعو ونسأل حاجتنا ونختم بالصلاة عليه, فإن الله جل وعلا يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما, كما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم , الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه. اللهم صل وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم الدين، بسر الفاتحة (…) اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم, الحمد لله الذي هدانا للإسلام والحمد لله الذي جعلنا من أمة سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام, سبحان ربك رب العزة عما يصفون, وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.