لقد سعدت بالاستماع أمس إلى الرئيس قيس سعيّد وهو يتحدّث إلى جانب الرئيس الفرنسي ماكرون في حديقة قصر الإيليزي عن حلم يتمنّى تحقيقه أثناء عهدته ألا وهو القطار ذو السرعة الفائقة "TGV " والذي يربط شمال البلاد بجنوبها. هذه السعادة هي مضاعفة بالنسبة لي إذ أنّني كنت قد أشرت فيما أشرت منذ العشريّة الأولى للقرن الحالي إلى ضرورة هذا الربط بفضل هذه الوسيلة المستعملة في أوروبا منذ ثمانينيات القرن الماضي والتي أضحى اعتمادها أمرا واقعا في القارات الأخرى (المغرب الأقصى في إفريقيا والسعودية في آسيا نموذجان). كان ذلك منذ سنة 2009 لمّا نشرتُ في مجلة جون أفريك سانحة "reflexion " حول تونس في أفق عام 2030 تحت عنوان "النفيضة عاصمة للقرن الواحد والعشرين". ثمّ عندما وقعت استضافتي صحبة الصديق مرشد الشابي رئيس الجمعية التونسية لمخططي المدن من طرف المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية بإدارة الدكتور الطيب الحضري كنت قدّمت بيانات مستفيضة حول هيكلة التراب الوطني من طرقات سيّارة ومطارات وموانئ وقطارات سريعة وآخر فائق السرعة "TGV " يربط بين بنزرتوتونسوالنفيضة وصفاقس وقابس ومدنين وتطاوين ( أنظر شذرات عيسى البكوش على قناة Youtube). هذا القطار هو مكوّن ضمن هاته الهيكلة التي نراها ضرورية للنهوض بالبلاد والعباد في أواخر العشرية القادمة وهو إن كان مثلما وصفه الرئيس -وهو الذي ما فتئ يذكّر مستمعيه بماهية مفهوم المشروعية- بالحلم فإنّما هو حلم مشروع. والمشروع هنا هو حمّال لوجهين إذ أنّه إلى جانب ذلك فهو بالنسبة لمعشر أصحاب الاختصاص -التهيئة الترابية- إنّما هو يعني أيضا الشيء المرجو الشروع فيه. وقد كان حصل لي شرف العودة كرّة أخرى لهذه المسألة عندما دعاني الدكتور عبد الجليل التميمي للحديث على منبر مؤسسته العلمية حول العاصمة الجديدة ولعلّها إن انبعثت بمشيئة الله وبقدرة أهل الحلّ والعقد أن تكون العاصمة الوحيدة التي ينشئها أبناء هذا البلد إذ من المعلوم أنّ العواصم الأخرى إنّما ابتناها الوافدون علينا: أوتيك، قرطاج، القيروان، المهدية وتونس. مرحى بالعاصمة الجديدة وبالقطار الذي يعبر جلّ العواصم العتيقة.