تعيش مدينة الهوارية وجوارها منذ مدة طويلة مشاكل بيئية لا تطاق عجزت السلطة المتعاقبة في حكم البلاد مركزيا وجهويا ومحليا على حلها نظرا لغياب الارادة السياسية والهروب من تحمل المسؤولية. لا فائدة من الرجوع إلى الوراء لنعدد الزيارات الكثيرة التي قاموا بها إلى الهوارية وزراء وولاة ولا أحد منهم جلب معه الوصفة المطلوبة للقضاء على هذا المشكل الذي أرق المواطنين والمسؤولين على حد السواء، لأن الإجراءات المتخذة هي مسكنات ظرفية لإسكات الأصوات المتعالية التي رفضت التهميش واللامبالاة والمطالبة بحقوقها المشروعة المتمثلة في العيش في بيئة سليمة لا أكثر ولا أقل . وكان في الحسبان أن يشرف وزير البيئة على مجلس جهوي للبيئة في ولاية نابل في الأيام الماضية لكن لظروف ما تأجلت الزيارة و كان في الحسبان كذلك أن يزور الوزير الولاية غدا الأربعاء 16 جويلية لكن تأجلت الزيارة مرة أخرى، لأن ملفات حارقة على طاولة الوزير «حرقت» ملفات جهة ولاية نابل ولو مؤقتا، ونحن في عز أيام الصيف الملتهبة وفي عز موسم تحويل مادة الطماطم المعدة للتصنيع، حيث تضخ المعامل المنتصبة في الجهة مياهها الملوثة في وادي القرعة الذي "تقرع" نظرا لنسبة المياه الكبيرة المضخة فيه والموصلة بالبحر في شاطيء من احسن الشواطيء في جهة ولاية نابل إن لم نقل في الجمهورية، من جهة اخرى نجد وادي الصيادي شمالا الذي يحمل مياه إحدى مصانع تحويل مادة الطماطم كذلك الذي ينطلق من منطقة صاحب الجبل الجميلة مرورا ببعض المساكن ليحط الرحال في طنارة سيدي داود حيث اعشاش الوشواشة والناموس تطلق سمومها على السكان بلا رحمة ولا شفقة مرفوقة بالروائح الكريهة للمياه الراكدة المتعفنة، هذا كله يعتبر تعديا على حقوق المواطنين القاطنين على حواشي هذه الاودية وما جاورها رغم تبويب هذه الحقوق في الدستور التونسي بوضوح لكنه بقي حبر على ورق في غياب تطبيقه من قبل المسؤول الشجاع وغياب الارادة السياسية التي كبلت الجميع من أجل كرسي "دوار" لن يدوم لأحد، زد على ذلك غياب المحامي من نواب الجهة في مجلس النواب التي بدت اصواتهم خافتة في هذا الموضوع الهام وكأن الأمر لا يعنيهم لأن حمى الانتخابات قد زالت. الجميع هنا في الهوارية ملوا من الوعود الزائفة وملوا من الإنتظار وصبروا بما فيه الكفاية حتى مل الصبر من صبرهم في انتظار الفرج الذي تأخر قطاره كثيرا لكن ما دامت هناك حياة مازال هناك أمل. لننتظر..