قد أفاجئ القارئ الكريم حين أرجع حصريا، كلّ ما تعيشه بلادنا من نكسات و معضلات و مطبات و أمراض و حبّ الكراسي و جنون السياسي و هزّان و نفضان من ركبوا الثورة و جعلوا منها مطية كالحصان و بقرة حلوب تدر عليهم حليبا و مالا فيه ربح بلا خسران، فأدخلوا البلاد في "حيط " على تشقشيقة بو سعدية و تخميرة خال علجية فضاعت الثنية و رقصت البدوية على صوت زغاريد سعدية ، أرجع ذلك كما ذكرت حصريا إلى النّاخب و النّائب و اعتبرهما هما سبب البلية في تونس .و بعدها يتساءل البعض غباء و بهتانا من أين حلّت بنا هذه البليّة...؟ فالبليّة أنت سببها أيّها الناخب الذي باع مستقبل وطنه و مستقبل أبنائه و أحفاده برطل مقرونة و دبوزة زيت و حكّة طماطم و حكيكة هريسة و" طرف صرف بو دينار " مقابل أن تنتخب بو الشنب الذي باع لك الأوهام و وزع عليك الأحلام و وعدك بتغيير حالك ووضعك من حال إلى حال بعد أن تختاره عند الانتخابات ليكون النائب و السلطان و سبب البليّة أيضا مجموعة الناخبين الصامتة التي تركت ساحة القتال عارية فتسرّب العدو من عيوبنا لا من حدودنا " و غيب يا قط و العب يا فار " و إلاّ كيف نفسر هذا الانفصام الذي أصابنا و الفرصة كانت سانحة لنغيّر بالفعل حال البلاد و العباد لا بالكلام و لكن خيّرنا العزوف على التصدي و الوقوف وقفة المتفرج من فوق الربوة فتحاك تباعا الدسائس و تجذب الملفات التي تنام على الرفوف فيتصدر المشهد المحفوف و المرخوف و الخذروف و المقذوف و من لا يؤمن أصلا بسيادة الأوطان فتتيه السفينة لقذارة الربّان فترتطم الأشرعة بالصخور و تعلو أمواج الشطآن فيرتمي البعض طوعا في البحر و يدرك و أنّ للبحر أسنان و يعمّ الفقر و فكر الغنيمة و يستشري الفساد ليخرب الأوطان.. النّائب أيضا سبب البلاء و ضياع البوصلة و تسرّب الهواء لقمرة القيادة، و كأنّ عنوان المرحلة استفحال الفساد لا خدمة الوطن و العباد بل خدمة مصالح السادة، فساد النفاق و عمّ الشقاق و تاهت الأهداف النبيلة و ضاع المواطن و السيادة.، هذا يمدح شيخه و ذاك يمجّد أصله و فصله و احتدم الصدام و العراك على حساب الرّأي السداد و حلّ العواء و الصياح و الصراخ و فاحت رائحة الفم الأبخر رغم وجود "السواك" و بدأت المناورات و المشاحنات و المناكفات و خذ هذا اللاعب و فرّط لي في ذلك. و أصبح «المزلس» مجلس خصام وعراك و لم ينفع فيه لا القانون و لا الدستور ولا وصفة السواك الحار، فبان الخنّار و هاج جبّار و ماج الطبال و الزكار و أصبح «المزلس» مهرجان القط و الفار و عمّت المناورات و المخططات و التكنبينات مسرحها «المزلس» و الشارع و كامور و الكلّ يهدّد الكل و الكلّ أصبح يتساءل ما الحلّ؟ الحلّ أن يدرك الناخب أنّ دوره مفصلي عند الاختيار، فيراعي فيه مصلحة الوطن و العباد بعيدا عن الطمع و الحسابات الضيقة و خدمة الأشخاص و الأجندات و إلاّ كان هو أوّل ضحيّة فيكسر في يده كأس "البلار"؟ و الحلّ في يد أولئك الذين غابوا عن موعد الانتخابات فتركوا للفاسدين الفراغات فعاثوا في البلاد كذبا و نهبا تحت يافطة الشعارات و أخيرا للنائب دور هام في قيادة الأوطان و الدفاع عن مصلحة الشعب بعيدا عن الشعارات ، فيتم اختياره على أساس نظافة يده حتى لا يكون سارقا و لا مجرما و لا مهربا و لا جوعان ليفرغ من المال العام " الكاسات " و أيضا على أساس المستوى العلمي و التجربة في قيادة الأوطان، لا لاتخاذ المجلس ملاذا من العقوبات و الملاحقات لما ارتكبت أياديهم من قذارات لأنّ مكانهم ليس ب«المزلس» بل بالزنزنات.