كشف رئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي في الذكرى الأولى لرحيل الرئيس الباجي قايد السبسي عن بعض الأسرار في علاقة «الشيخين»، وروى الغنوشي في مقال نشرته مجلة «ليدرز» بمناسبة ذكرى رحيل «سي الباجي» مسيرة التوافق بين الرجلين والحزبين وكيف نجحت تونس في تجاوز أصعب وأعسر فترات تاريخها بفضل هذا التوافق الذي يقول الغنوشي أنه مازال حيّا… يقول الغنوشي أن لقاء باريس لم يكن لقاء الصدفة أو الصفقة بل كان محطة في مسيرة التقت فيها الهمم على تأكيد الاستثناء التونسي. بعد لقاء باريس الذي أذبنا فيه الجليد واتفقنا على المبادئ العامة اَي ضرورة الحوار للخروج من الأزمة وتجنب الإقصاء زارني سي الباجي في منزلي في النحلي في إشارة واضحة بأنّ الأيادي ممدودة وأنّ طورا جديدا بدأ في علاقتنا التي شهدت 3 أطوار: الأوّل خلال رئاسته للحكومة سنة 2011 وكان طور الاحترام المتبادل والحوار وجمعتني به لقاءات عديدة في مكتبه بالقصبة. وأذكر هنا أنّي زرته في منزله بسكرة يوم 22 اكتوبر عشية الانتخابات التشريعية وأكّد لي أنّ الدولة ستحترم إرادة الشعب. الطور الثاني والذي لم يطل والحمد لله هو طور "الجفوة". النهضة اختارت الترويكا وهو اختار المعارضة. ونطرح اليوم سؤالا : هل كانت أزمة 2013 لتكون لو اخترنا مشهدا سياسيا أساسه تحالف استراتيجي بين قوى الثورة وقوى النظام القديم بقيادة سي الباجي؟ الصفحة طويت بسرعة في أوت 2013 والدليل حصل على أنّ استقرار تونس سياسيا يحتاج مصالحة شاملة أساسها المصالحة بين الإسلاميين والدساترة. لم يكن من اليسير الإقناع بهذا الخيار في النهضة والنداء بعد انتخابات 2014. ولئن وجدنا الحلّ في البرلمان بتصويت النهضة لمرشح النداء في الرئاسة السيد محمد الناصر وتصويت النداء للاستاذ عبد الفتاح مورو نائبا له، فقد كان تشكيل الحكومة محنة، وامتحانا في ظلّ إصرار بعض القوى في النداء على إقصاء النهضة حتى لا يخون النداء ناخبيه. يواصل الغنوشي بالقول: في آخر لقاء بيني وبيني سي الباجي في منزله بسكرة يوما قبل الإعلان عن حكومة الصيد الأولى كان ثمة صراع بين خياري التوافق والإقصاء وكان سي الباجي مع التوافق بالطبع، وكنت مقتنعا بأنّ المطلوب ليس عدد الوزارات التي ستحصل عليها النهضة بل هزم مشروع الإقصاء والاستئصال. قبلنا في الحقيقة بوزير واحد في الحكومة لأنّنا كنا ندرك أنّ المعركة كانت رمزية وأن النهضة التي قد تكون فوتت فرصة توافق نوعي سنة 2011، مدعوة للتفكير بعقل إبداعي يتجاوز الحسابات الفئوية الضيقة ويلتقط لحظة وطنية طوت صفحة الانقسام الحاد الذي خلفته الانتخابات الرئاسية والتشريعية. ثم يختم بالقول: من يقرأ هذه الكلمات سيدرك أنّ التوافق الذي صنعناه حيّ وأنه الخيار الأفضل لتونس وعنوان نجاح ثورتها. توافق انبنى على علاقة وجدانية منزّهة عن المصالح الضيقة و"تخديم المخ". كانت لكل منا رؤيته في كثير من الملفات، ولكن التقينا تحت خيمة المصلحة الوطنية والمحبة الشخصية، فكان خلافنا رحمة ولقاؤنا فرصة للتقدم بتونس نحو المزيد من الأمن والاستقرار. أذكر ونحن في بيته في سكرة أنّ أحد الحاضرين في اللقاء المضيق قال " سي الباجي انت والشيخ أخوة"، فأجابه "بل نحن أصدقاء لان الأخ لا يختار شقيقه وقد لا يتفق معه ولكن الصديق يختار صديقه". كان خيارا صائبا مني ومنه ، استفادت منه تونس والحمد لله، في الماضي ولكن في أنّه سيبقى بمشيئة الله أحد مفاتيح الحاضر والمستقبل. رحمك الله أخي وصديقي سي الباجي العزيز.