هناك فرق شاسع بين أغنية تُبَثّ مرّة في الشّهر أو السّنة و أخرى تُمرَّر مرارا و تكرارا في اليوم الواحد و في أوقات الذُّروة و على إمتداد فصول العام..... فالأغنية الأولى ، و إن كانت جميلة ، لن تكسب النّجاح المأمول و لن ترسخ في ذاكرة المستمعين و لن تعيش أطول من مدّة بثّها النّادر العَرَضِيّ المقتضب ، أمّا الثّانية المبجَّلة المدعَّمة المالئة أصداء الأثير صباحا مساء و بإصرار جليّ مُثير ، فمآلها ، مهما كان مستواها الفنّي ، الإنتشار السّريع و النّجاح الجماهيريّ الواسع الكبير.... هكذا تُصنع " النّجوم" و تخترق التّفاهات الفنّية أسواق الغناء و يتعوّد النّاس على التّلذّذ بما لا طعم له ، كما يتعوّد المصابون بذلك المرض المانع أكل الطّعام المالح ، عافاكم الله، على "المَسُّوس". إنّها "قاعدة التّكرار" " la loi de la répétition " التي تحوّل الحنظل إلى عسل و الأُجاج إلى عذْب ، و قلّة الأدب ، حاشاكم ، إلى فضيلة وموضة عليها الكثير من الطّلب و النّشاز البيّن الصّارخ إلى عبقرية و إبداع و طرب.