إنها ليست ببدعة فكرت فيها وأنا أتابع اختلاف الآراء حول تشكيل حكومة بالكفاءات وأصحاب الشهادات العليا الرفيعة المستوى. ذلك ما بات يُشاع عندنا ويشجع عليه هذه الأيام بمناسبة المشاورات التي يجريها المكلف بتشكيل حكومة جديدة لتونس التي باتت تعيش بحكومة مستقيلة لتصريف الأعمال وبعضا من الوزراء المستقيلين ينوبون وزراء مقالين مرة ثانية. انها تونس الخضراء التي مازالت تنفرد بجديد الآراء الظريفة التي يمكن ان تسجل ملكيتها الفكرية حتى لا تقع سرقتها. لذلك رأيت أن أقترح على رئيس الحكومة المكلف بالإسراع بإعلان دعوة في وسائل الإعلام والوسائط الافتراضية إن لزم لإنتداب وزراء حسب كراس شروط مسبقا، لكنه بالنظر لضيق المدة المتبقية كما يحددها دستورنا الذي كتبناه في ثلاثة اعوام بدون فائدة لأننا لم نعد نحتاجه. كان في حسابي ان اقترح إجراء مناظرة كتابية و شفاهية تشرف عليها لجنة من الأممالمتحدة لتقرر من الفائز وبالترتيب المفصل. لكنني وجدت ذلك يتطلب وقتا اوسع، لذا سنبدأ باختيار الوزراء على الملفات هذه المرة. وبذلك سنحقق العدل والمساواة، وربما سينجح بالتفوق الأكثر شهادات وملفه أنظف. كتبت ذلك جادا لأن الذي بات يقترح وربما سيؤخذ بالاعتبار هو العبث المركب الذي لم نسمع به ابدا. لقد كان العالم الديمقراطي المتقدم يعتمد على نتائج الانتخابات التي تفرزها الصناديق المحكمة الاغلاق، ولكننا نحن بتنا نجهد أنفسنا في ذلك، ونصرف المليارات عبثا ولا نستفيد منها بشي يذكر. فقلت أما كان بنا ان نحل كل أحزابنا وتستغني عن الانتخابات ما دمنا لا نحتاجها ونأخذ الوزراء من خارجها بدعوى سوء تجربة المحاصصة، ثم نربح المال الذي تكلفنا. اننا لم نفرق بين قيمة الكفاءات العليا ممن نحتاجهم في الادارة للتخطيط والاقتصاد والمال والتربية والتعليم والصحة والعدالة والبحث العلمي والابتكار والبناء والتشييد وإدارة المؤسسات الكبرى لأنهم عماد الدولة الباقية. اما الوزراء فلا بد أن يؤخذوا من السياسيين ومن الأحزاب الفائزة بالأغلبية المطلقة في البرلمان بعد انتخابات حرة مباشرة شفافة ونزيهة تبنى على برامج تحاسب عليها الأحزاب الحاكمة في كل دورة. وهكذا تسير الدنيا كلها بخلاف سيرنا نحن للوراء، وكلما شكلنا حكومة ما، نترك السياسيين جانبا ونتوجه للكفاءات لأمراض ما زالت فينا مستفحلة. ان الذين ذكرتهم من الكفاءات يعتبرون أكثر قيمة ومنفعة حتى أكثر من الوزراء الذين يأخذون القرارات السياسية اللازمة التي تقررها وتعرضها الأحزاب الفائزة بثقة الناخبين، وتنفذها الكفاءات أصحاب الشهائد العليا. قد اكون مخطئا في ذلك مثل كل البلدان التي تطبق ذلك الاجراء، ولكنها باتت مستقرة متقدمة ومتطورة، بينما نحن باختيارنا للمتعاقدين كوزراء، فقد اصبحنا على أبواب الافلاس وقد يأتي اليوم الذي نعجز فيه عن سداد ديوننا الحالة أو خلاص أجور موظفينا وعملتنا والمحتاجين لمنحة الشيخوخة أو حق المتقاعدين منا، بل حتى تسديد ثمن الدواء المستورد وربما الغذاء الذي نعيش عليه، ولا حول ولاقوه الا بالله. الحمامات في 6 أوت 2020