تأخر انطلاق الجلسة العامة المخصّصة لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026 والمصادقة عليه برمّته    الطبوبي عن مُقترح الزيادة في الأجور: ''الحكاية ماهيش شيلا بيلا''    إتحاد الفلاحة يكشف عن حجم صابة البرتقال المالطي لهذا العام..#خبر_عاجل    تشكيلة المنتخب التونسي في مواجهة فلسطين..#خبر_عاجل    إيقاف رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي    لا تفوتوا اليوم مباراة تونس وفلسطين..بث مباشر..    استعدادا للتقلبات المناخية المحتملة: اللّجنة الجهوية لتفادي الكوارث ومجابهتها بتوزر تتّخذ جملة من الإجراءات    مونديال كرة اليد للسيدات: المنتخب الوطني يواجه اليوم نظيره الهولندي    بطولة العالم للتايكواندو: معتز العيفاوي يرفع الراية الوطنية .. ويحرز الميدالية البرونزية    الدورة السابعة للأيام التجارية للصناعات التقليدية بسيدي بوزيد من 16 الى 20 ديسمبر 2025    عاجل: تونس تتعرّف على منافسيها في المونديال في هذا التاريخ    بطاقات إيداع بالسجن في حق فتاة متهمة بترهيب النساء وسرقة هواتفهن في حي ابن خلدون*    حي ابن خلدون: فتح بحث تحقيقي في وفاة مسترابة لامرأة    توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة تونس المنار والشبكة العربية للإبداع والابتكار    يوم صحي تحسيسي مجاني يوم الاحد 7 ديسمبر 2025 بالمدرسة الاعدادية 2 مارس الزهراء    المستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس ينطلق في العمل بآلة جديدة لقياس كثافة العظام    زلزال بقوة 6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    أرملة نور الدين بن عيّاد: كلّفت لسعد عثمان بالتواصل باسم العائلة...    وزير التجارة يؤكد حرص الدولة على مساندة المؤسسات الناشطة في مجال زيت الزيتون والدور الهام للبحث العلمي في القطاع    ساطور في وجه الموظفين: شاب يفشل في سرقة فرع بنكي بحمام الأنف    شوف سرّ ''الكاكوية'' لصحتك ؟!    مشروبات تؤثر على أمعائك.. تشرب فيها بالطريقة الصحيحة؟    الفنانة لطيفة: "سر جمالي قربي من الله"    نبوءة بابا فانغا تعود إلى الواجهة.. وتكهنات تربطها بقرعة كأس العالم 2026    عاجل: رياح تتعدّى 70 كلم/س... وإشعار بالاحتياط للسواحل والمرتفعات    عاجل/ انقلاب حافلة بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    عاجل: الصيادلة يوقفوا صرف أدوية ''الكنام'' ابتداءً من 8 ديسمبر!    عاجل/ بسبب التقلبات الجوية: تنبيه لمستعملي لود قرقنة…    بعد صدمة وفاة ابنها.. شوفوا شنوا صاير لفيروز والشائعات اللي تحوم عليها    العسيري في لجنة تحكيم المهرجان الثقافي الدولي لمسرح الصحراء بالجزائر    قابس: البحث عن 3 بحارة غرق مركبهم بالصخيرة بعد ان انطلق من قابس    فخر لكل التوانسة: تونس تتوّج وجهة سياحية جذابة وممتعة عالميًا!    من لا يحترم الضمان القانوني...محلّه مهدّد بالإغلاق!    مناظرة هامة: إنتداب 90 عونا وإطارا بهذه المؤسسة..#خبر_عاجل    الخطوط الملكية المغربية تطلق أول خط جوي مباشر بين الدار البيضاء ولوس أنجلوس    ثنائية مبابي تنهي سلسلة تعثّر ريال مدريد في الليغا بالفوز على بيلباو بثلاثية    15,5 مليار دينار: رقم قياسي جديد للاقتصاد التونسي؟    الفلاح التونسي بش يولي عندو الحق في استعمال'' الدرون ''...كفاش ؟    ترامب: المرحلة الثانية من خطة السلام في غزة ستخضع للتعديل    محرز الغنوشي يُبشر: ''امطار متفرقة متوقعة في هذه المناطق''    ماتش تونس وفلسطين: الوقت والقنوات الناقلة    لوحة للقذافي ملطخة بالدماء في اجتماع الدبيبة مع وفد أميركي تثير ضجة    مادورو: أجريت مكالمة "ودية" مع ترامب.. وأهلا بالدبلوماسية    ترامب يجمع رئيسي رواندا والكونغو لدفع اتفاق سلام استراتيجي    كأس العرب 2025: برنامج مباريات اليوم الخميس 4 ديسمبر    تعليق صرف الأدوية بصيغة الطرف الدافع بداية من 8 ديسمبر: نقابة الصيادلة تحذّر من "انهيار وشيك" لسلسلة توزيع الدواء    ترامب: بوتين يريد إنهاء الحرب في أوكرانيا    تونس من ابرز الوجهات السياحية العالمية خلال ديسمبر 2025..    إعادة فتح المتحف الروماني والمسيحي المبكّر بقرطاج بعد أشغال صيانة شاملة    تعال ولا تتعالى    بهدوء .. على حافة الظلام    يوميات أستاذ نائب...أيّ وجع !    محمد بوحوش يكتب .. الهويّات الزّائفة    عاجل/ كميات الأمطار ستتجاوز 100 مم خلال هذه الأيام..    تألقوا في أيام قرطاج المسرحية .. سجناء لكنهم مبدعون ...    عاجل: مدينة العلوم بتونس تكشف موعد ''رمضان'' فلكيّا    بدأ العد التنازلي..هذا موعد شهر رمضان فلكيا..#خبر_عاجل    وزارة الثقافة تنعى صاحب دار سحر للنشر الأستاذ محمد صالح الرصّاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب: يا سيادة الرئيس شباب تونس من "لامبادوزا" يقولون لك "خبز وماء وتونس لا »!
نشر في الصريح يوم 09 - 08 - 2020

كيف وصل الحال بشباب من مختلف الفئات العمرية من ذكور وإناث يشعرون بالتيه والضياع يقررون مغادرة البلاد خلسة وبطريقة غير شرعية على متن قوارب الموت في رحلة بحرية قد تنتهي بهم غرقى في عرض البحر أملا في الوصول إلى الجنة الموعودة «بلد الطليان» بحثا عن حلم مفقود في وطنهم وعن غد يعتقدون أنه سيكون أفضل ووضع اجتماعي أحسن مما هو متوفر لهم في تونس بلدهم الأصلي، ويرفضون العودة من حيث جاؤوا حينما يطلب منهم المغادرة ويطالبون من السلطات الإيطالية بأن لا تعيدهم وأن تبقيهم هناك رافعين شعارا مدويا وصادما: "خبز وماء وتونس لا « ..
لقد ذكرنا هذا الشعار الرمز بتلك الأيام من تاريخ الثورة التونسية في سنة 2011 حينما رفع الشعب التونسي أمام مقر وزارة الداخلية شعار " خبز وماء وبن علي لا " في حركة ثورية للدلالة على رفض الشعب لمنظومة الحكم القائمة وللمطالبة برحيل رمز النظام وللتعبير على أن الشعب قد سئم حكم حزب التجمع وهو يطالب برحيله ورحيل الرئيس بن علي بعد أن سئم حكمه وسئم بقاءه في السلطة وهو بذلك يتوق إلى الحرية وإلى وضع أفضل فالشعب يستحق حياة أفضل..
نفس الشعار الذي رفع في تلك المرحلة من تاريخ تونس المعاصر يعاد طرحه هذه الأيام في بلد الطليان من طرف عدد من المهاجرين غير الشرعيين عبروا به عن رفضهم العيش في تونس ورفضهم العودة إلى بلدهم الأصلي ورفضهم استعادة واقعهم القديم في ظل عجز السياسات الحكومية عن حل معضلة البطالة المستفحلة وفي ظل فقدان الحلول الاجتماعية للآلاف من الشباب العاجز عن تغيير حاله، وفي ظل عدم توفر الإمكانيات لتحسين حال الكثير من العائلات التي يزداد عوزها من يوم الى آخر.
الخطير في هذا الشعار الذي رفع في بلد الطليان في كونه يرمز إلى القطيعة الحاصلة اليوم بين الكثير من الشباب والدولة التونسية في عملية فك الارتباط التي تحصل بعد مغادرة البلاد خلسة ودون رجعة وفك الارتباط مع الانتماء إلى وطن وقطع الصلة نهائيا مع الحكومة والسلطة الحاكمة التي يرفضونها ولا يعترفون بها، وفك الارتباط مع ماضيهم وحياتهم القديمة فهؤلاء المغادرون في قوارب الموت إلى بلدان ما وراء البحار قد انهوا كل علاقة تربطهم بالوطن والدولة والماضي وقرروا العيش في بلد آخر يعتقدون أنه أفضل لعله يمنحهم مكانة ووضعا وحضورا كان مفقودا في تونس .. هؤلاء الشباب يبحثون عن معنى لحياتهم فقدوه مع كل الحكومات المتعاقبة ولم يجدوه مع كل السياسات المطبقة .. لقد فكوا ارتباطهم بالبلاد وبهويتهم وخيروا العيش على الماء والخبز بدل العودة إلى تونس والعيش فيها بما هو متاح ومتوفر من وضع اجتماعي لم يعودوا يقبلون به.
المصيبة أن من يحكم لم يصغ جيدا لشعار شبابنا حينما صرخوا عاليا أمام السلطات الايطالية وهي تعلمهم بقرار عودتهم من حيث جاؤوا " خبز وماء وتونس لا " وتجاهل الأسباب العميقة لظاهرة الحرقة وتغافل عن كل الدراسات الاجتماعية والأبحاث العلمية التي رصدت الظاهرة وقام بها المختصون والتي أظهرت جميعها وجود خلل في السياسات التنموية وخلل في المنظومة التربوية التي لم تعد تنتج إلا البطالة وخلل في السياسات الحكومية التي عجزت عن مرافقة خريجي الجامعات ومتابعة من انقطع عن الدراسة بصفة مبكرة…
المصيبة أن من يحكمنا اليوم قد صوّر لنا أن الهجرة غير الشرعية هي مؤامرة الأحزاب السياسية ضده وأنها ظاهرة تقف وراءها الأحزاب وبفعلها وتجاهل كل السياقات التاريخية التي ظهرت خلالها ظاهرة الحرقة وتناسى كل السياسات الحكومية الفاشلة التي انتجتها وكل الأسباب الموضوعية التي أفرزتها والتي يمكن تلخيصها في غياب المناخ الاجتماعي والاقتصادي لاستيعاب الآلاف من العاطلين عن العمل وفي عجز الدولة عن احتضان أبنائها من مختلف الفئات والمستويات بعد أن فقدت الدولة أو افقدوها دورها الاجتماعي وإزاحتها عن لعب الدور الحاضن والمرافق للشعب وفقدان المدرسة لدورها التاريخي بعد أن تعطل المصعد الاجتماعي بظهور واقع جديد يرى أن التعليم لم يعد هو الحل لتحسين الوضع الاجتماعي خاصة بالنسبة لسكان المناطق المهمشة وشباب الجهات الداخلية وبذلك اضطر الكثير من الشباب إلى البحث عن الحل لعجزه الاجتماعي بطريقته الفردية وبطريقته الخاصة بعد أن تعطلت الحلول الجماعية وحلول الدولة ..
يا سيد الرئيس إن شباب تونس من الذين لم يعد يعنيهم شيء من الحديث عن الوطنية وفكرة الانتماء إلى الوطن يقولون لك من بلد الطليان "خبز وماء وتونس لا " فماذا أنت فاعل بعيدا عن خطاب التخوين والمؤامرات والتخويف؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.