جندوبة: تساقط الثلوج بمرتفعات عين دراهم وغار الدماء    ممداني يتمسك أمام ترامب بقرار اعتقال نتنياهو في نيويورك    وزيرة المالية تشرف على تدشين المقرات الجديدة للمصالح الديوانية بالمنستير وسوسة    ولاية تونس : جلسة عمل تنسيقية حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 38 لماراطون كومار تونس قرطاج يوم الأحد القادم    وزير الاقتصاد "ننشر كل الارقام سواء كانت ايجابية او سلبية و سنضع قانونا جديدا للاحصاء قريبا"    تعدد مؤشرات التعافي التدريجي للاقتصاد يقتضي تسريع نسق تنفيذ المشاريع في الجهات    مقتل صانعة المحتوى الليبية خنساء مجاهد رميا بالرصاص في طرابلس    أوّل لقاء بين ترامب وممداني في البيت الأبيض    قريصيعة يؤكد ضرورة اكتمال تركيبتي مجلسي القضاء العدلي والمالي حتى يقوم مجلس الأعلى المؤقت للقضاء بدوره    القارة الإفريقية تسجل أكثر من 200 وباء سنويا    عاجل: مهرجان القاهرة السنيمائي: النجمة عفاف بن محمود تفوز بجائزة أحسن ممثلة    توقيع ثلاث اتفاقيات جديدة بين تونس والصين في المجال الصحي: التفاصيل    وزير الاقتصاد: الوضع الاقتصادي في تونس يعد جيدا    الزيت التونسي الشبح في أوروبا ..ما حكايته ومن المستفيد من سلة الاتهامات ؟    عاجل/ فاجعة تهز هذه المنطقة..وفاة الأب ونجاة الرضيع..    عيد ميلاد 'جارة القمر' فيروز: 91 عاما من الموسيقى الخالدة    البرتقال... فاكهة المناعة القوية: متى وكيف نتناولها؟    حوار الأسبوع: الفنانة فادية خلف الله ل «الشروق» ...إتبعت الطريق الأصعب    حكاية أغنية: قصيدة «لا تكذبي» .. ألّفها كامل الشناوي بعد أن تجاهلته نجاة الصغيرة    أيام قرطاج المسرحية: افتتاح بطعم العمالقة    رابطة البريميرليغ تحدد 22 أوت موعدا لانطلاق الموسم المقبل    انعقاد الدورة 29 للجنة الإفريقية للإحصائيات الزراعية المنضوية تحت منظمة "فاو" من 24 إلى 28 نوفمبر 2025 بالحمّامات    ماهر الكنزاري: "الانتصار في افتتاح دور المجموعات سيمثل دافعا مهما في بقية المشوار"    عاجل: عمان تنتدب كفاءات توانسة ! شوف الاختصاصات    خبر سار لعشاق القهوة و السبب ترامب ؟    السرس تحتفي بزيت الزيتون    وزيرة الصناعة: صادرات تونس من منتجات النسيج ستتجاوز 7.5 مليون دينار    عاجل : فرنسا تقلّص عدد موظفيها الدبلوماسيين في مالي...شنوا صاير ؟    تحذير عاجل لمستخدمي "واتس آب".. ثغرة خطيرة تهدد مليارات الحسابات    مرّة في الأسبوع: انشر ''المخادد' للشمس...    اتفاقية تمويل بقيمة 1333 مليون دينار لفائدة الستاغ..#خبر_عاجل    عاجل/ تراجع الثروة السمكية بنسبة 60% في هذه الولاية..    كريم بقير ووليد النفاتي : توانسة في قمة المجلس الإفريقي للذكاء الاصطناعي !    عاجل/ العثور على جثة امرأة بهذه الجهة..    رسميّا: أربع قنوات تعلن نقل منافسات كأس العرب 2025.. الموعد والمكان والمجموعات    ماكرون يعبر عن استعداده لحوار جاد وهادئ مع تبون    المنتخب الوطني: قائمة المدعوين لخوض منافسات كأس العرب "قطر 2025"    الويكاند : شوف برنامج مباريات الجولة 15 للرابطة المحترفة الأولى    اليوم وغدا: انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة وأمطار بهذه المناطق    شكون فاطمة بوش الفائزة بلقب ملكة جمال الكون 2025؟    وزير الشباب والرياضة يجتمع برؤساء وممثلي أندية الرابطة الثانية لكرة القدم    قبلي: نزول كميات هامة من الامطار على عدد من مناطق الولاية واستبشار الفلاحين بها    قليبية: العثور على جثة مفقود داخل بئر في ضيعة فلاحية    رغم فوائده الصحية.. 6 مخاطر محتملة للشاي الأخضر..    رابطة أبطال إفريقيا : تراكم الإصابات لا تثني الترجي عن البحث عن انطلاقة قوية أمام الملعب المالي    عاجل: المخدّرات وراء حرق 5 سيّارات بجبل الجلود    زلزال يهز هذه المنطقة..وهذه حصيلة الضحايا..خبر_عاجل    مواعيد التأشيرات والرحلات للحجّاج التونسيين    الترجي الرياضي يعلن..#خبر_عاجل    ممثّل عُمّال الحضائر جمال الزموري: القرار الأخير لتسوية الملفّ خطوة مهمّة... لكن    في مناقشة مشروع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية: انتقادات لضعف أداء القطاع الثقافي وتأخر البرامج والمشاريع    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    الضريبة في الإسلام رافد هام من روافد التنمية    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    ضوء خفي يهدد قلبك.. دراسة تكشف خطرا أثناء النوم..!    الدكتور ذاكر لهيذب: ''ملعقة زيت الزيتون... درعك الأوّل ضد الجلطات''    لماذا سمي جمادى الثاني؟ أصل التسمية والأحداث التاريخية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب: يا سيادة الرئيس شباب تونس من "لامبادوزا" يقولون لك "خبز وماء وتونس لا »!
نشر في الصريح يوم 09 - 08 - 2020

كيف وصل الحال بشباب من مختلف الفئات العمرية من ذكور وإناث يشعرون بالتيه والضياع يقررون مغادرة البلاد خلسة وبطريقة غير شرعية على متن قوارب الموت في رحلة بحرية قد تنتهي بهم غرقى في عرض البحر أملا في الوصول إلى الجنة الموعودة «بلد الطليان» بحثا عن حلم مفقود في وطنهم وعن غد يعتقدون أنه سيكون أفضل ووضع اجتماعي أحسن مما هو متوفر لهم في تونس بلدهم الأصلي، ويرفضون العودة من حيث جاؤوا حينما يطلب منهم المغادرة ويطالبون من السلطات الإيطالية بأن لا تعيدهم وأن تبقيهم هناك رافعين شعارا مدويا وصادما: "خبز وماء وتونس لا « ..
لقد ذكرنا هذا الشعار الرمز بتلك الأيام من تاريخ الثورة التونسية في سنة 2011 حينما رفع الشعب التونسي أمام مقر وزارة الداخلية شعار " خبز وماء وبن علي لا " في حركة ثورية للدلالة على رفض الشعب لمنظومة الحكم القائمة وللمطالبة برحيل رمز النظام وللتعبير على أن الشعب قد سئم حكم حزب التجمع وهو يطالب برحيله ورحيل الرئيس بن علي بعد أن سئم حكمه وسئم بقاءه في السلطة وهو بذلك يتوق إلى الحرية وإلى وضع أفضل فالشعب يستحق حياة أفضل..
نفس الشعار الذي رفع في تلك المرحلة من تاريخ تونس المعاصر يعاد طرحه هذه الأيام في بلد الطليان من طرف عدد من المهاجرين غير الشرعيين عبروا به عن رفضهم العيش في تونس ورفضهم العودة إلى بلدهم الأصلي ورفضهم استعادة واقعهم القديم في ظل عجز السياسات الحكومية عن حل معضلة البطالة المستفحلة وفي ظل فقدان الحلول الاجتماعية للآلاف من الشباب العاجز عن تغيير حاله، وفي ظل عدم توفر الإمكانيات لتحسين حال الكثير من العائلات التي يزداد عوزها من يوم الى آخر.
الخطير في هذا الشعار الذي رفع في بلد الطليان في كونه يرمز إلى القطيعة الحاصلة اليوم بين الكثير من الشباب والدولة التونسية في عملية فك الارتباط التي تحصل بعد مغادرة البلاد خلسة ودون رجعة وفك الارتباط مع الانتماء إلى وطن وقطع الصلة نهائيا مع الحكومة والسلطة الحاكمة التي يرفضونها ولا يعترفون بها، وفك الارتباط مع ماضيهم وحياتهم القديمة فهؤلاء المغادرون في قوارب الموت إلى بلدان ما وراء البحار قد انهوا كل علاقة تربطهم بالوطن والدولة والماضي وقرروا العيش في بلد آخر يعتقدون أنه أفضل لعله يمنحهم مكانة ووضعا وحضورا كان مفقودا في تونس .. هؤلاء الشباب يبحثون عن معنى لحياتهم فقدوه مع كل الحكومات المتعاقبة ولم يجدوه مع كل السياسات المطبقة .. لقد فكوا ارتباطهم بالبلاد وبهويتهم وخيروا العيش على الماء والخبز بدل العودة إلى تونس والعيش فيها بما هو متاح ومتوفر من وضع اجتماعي لم يعودوا يقبلون به.
المصيبة أن من يحكم لم يصغ جيدا لشعار شبابنا حينما صرخوا عاليا أمام السلطات الايطالية وهي تعلمهم بقرار عودتهم من حيث جاؤوا " خبز وماء وتونس لا " وتجاهل الأسباب العميقة لظاهرة الحرقة وتغافل عن كل الدراسات الاجتماعية والأبحاث العلمية التي رصدت الظاهرة وقام بها المختصون والتي أظهرت جميعها وجود خلل في السياسات التنموية وخلل في المنظومة التربوية التي لم تعد تنتج إلا البطالة وخلل في السياسات الحكومية التي عجزت عن مرافقة خريجي الجامعات ومتابعة من انقطع عن الدراسة بصفة مبكرة…
المصيبة أن من يحكمنا اليوم قد صوّر لنا أن الهجرة غير الشرعية هي مؤامرة الأحزاب السياسية ضده وأنها ظاهرة تقف وراءها الأحزاب وبفعلها وتجاهل كل السياقات التاريخية التي ظهرت خلالها ظاهرة الحرقة وتناسى كل السياسات الحكومية الفاشلة التي انتجتها وكل الأسباب الموضوعية التي أفرزتها والتي يمكن تلخيصها في غياب المناخ الاجتماعي والاقتصادي لاستيعاب الآلاف من العاطلين عن العمل وفي عجز الدولة عن احتضان أبنائها من مختلف الفئات والمستويات بعد أن فقدت الدولة أو افقدوها دورها الاجتماعي وإزاحتها عن لعب الدور الحاضن والمرافق للشعب وفقدان المدرسة لدورها التاريخي بعد أن تعطل المصعد الاجتماعي بظهور واقع جديد يرى أن التعليم لم يعد هو الحل لتحسين الوضع الاجتماعي خاصة بالنسبة لسكان المناطق المهمشة وشباب الجهات الداخلية وبذلك اضطر الكثير من الشباب إلى البحث عن الحل لعجزه الاجتماعي بطريقته الفردية وبطريقته الخاصة بعد أن تعطلت الحلول الجماعية وحلول الدولة ..
يا سيد الرئيس إن شباب تونس من الذين لم يعد يعنيهم شيء من الحديث عن الوطنية وفكرة الانتماء إلى الوطن يقولون لك من بلد الطليان "خبز وماء وتونس لا " فماذا أنت فاعل بعيدا عن خطاب التخوين والمؤامرات والتخويف؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.