جامعة تونس المنار الاولى وطنيا وفي المرتبة 201-250 ضمن أفضل الجامعات في العالم (تصنيف "تايمز" للتعليم العالي للعلوم 2026)    التعريف بزراعات استوائية بديلة تتماشى مع التغيرات المناخية &8203;&8203;&8203;&8203;&8203;&8203;&8203;والشحّ المائي في فعاليات مهرجان "ثمار فاكهة التنين والباباي التونسية العالمية" بقرمبالية    الرابطة الأولى – الدفعة الثانية – النتائج والترتيب    تونس تشارك في بطولة العالم للكيك بوكسينغ بابوظبي بستة عناصر    محرز الغنوشي يُبشّر بعودة الغيث النافع منتصف هذا الأسبوع    وزير التعليم العالي يقود وفد تونس المشارك ببيكين في فعاليات المنتدى الصيني الافريقي للابتكار في التعاون والتنمية    وضعية الأراضي الدولية و مسالك تعصير الانتاج الفلاحي...ابرز محاور مداخلات النواب    يهم مستعملي الطرقات السيّارة..#خبر_عاجل    وزير الخارجيّة يشارك في أشغال القمّة السابعة للاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي    عاجل/ إسقاط هذا الفصل من الميزانية: ظافر الصغيري يكشف..    شراكة جديدة بين الطرُقات السيارة والبريد بش يسهّلوها على التوانسة...كيفاش؟    جمهور غفير يُتابع مسرحية "الملك لير" وتكريم للفنان الكبير يحيى الفخراني    عاجل/ الساحة الفنية تفقد الممثل نور الدين بن عياد..    إيقاف ''تيكتوكوز'' متهمة بنشر محتويات مخلة بالحياء    غيث نافع: شوف قدّاش كانت كمّيات الأمطار في مختلف الجهات التونسية    بوغبا لم يشك أبدا في قدرته على اللعب مجددا بعد عودته من إيقاف المنشطات    تقرير الامم المتحدة: المدن تؤوي 45 بالمائة من سكان العالم اليوم    مسرحية "(ال)حُلم... كوميديا سوداء" لجليلة بكار والفاضل الجعايبي: عمارة تتداعى ووطن يعاد ترميمه    كميات الامطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    تونس تشارك في المؤتمر الدولي للسياحة العلاجية بتركيا تحت شعار " الدبلوماسية الصحية والابتكار"    جامعة عملة التربية تدعو الى التفعيل المالي للترقية بالملفات وبالاختيار لسنة 2024    "حاجات جامدة بتحصللي من أقرب الناس"... شيرين تكشف حقيقة اعتزالها الغناء    عاجل: وفاة الممثل نور الدين بن عياد    مدنين: تظاهرة "نسانا على الركح" تحتفي بالمراة الحرفية في دورة عنوانها "حين تروى الحرف"    جائزة الدكتور صلاح القصب: تتويج فاضل الجعايبي    صادم: الجزائر تُحذّر من ''مخدّر للأعصاب'' يستخدم لاغتصاب الفتيات    عدد ساعات العمل في تونس: 2080 ساعة سنويّا لهؤلاء و2496 ساعة لهذه الفئة    فاروق بوعسكر:هيئة الانتخابات جاهزة وقادرة على تنظيم الانتخابات البلدية في ظرف 3 اشهر    رابطة الأبطال الإفريقية - نهضة بركان يتفوق على "باور ديناموس" الزامبي (3-0)    تواصل انخفاض درجات الحرارة الاحد    وقتاش بش يتحسّن الطقس؟    نابولي يتصدر البطولة الإيطالية مؤقتا بفوزه على أتالانتا    "رويترز": الولايات المتحدة تستعد لشن عمليات سرية في فنزويلا للإطاحة بحكومة مادورو    الشرطة البرازيلية تعتقل بولسونارو    ترامب يتهم الديمقراطيين بالخيانة    عقب خلافها مع ترامب.. مارغوري غرين تعتزم الترشح للرئاسة الأمريكية    استشهاد 24 فلسطينيا في ضربات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة    عاجل/ تحذير من مخدر أعصاب يستغل في اغتصاب الفتيات..    القبض على المتّهم وتحقيق لكشف الأسباب .. يحرق سيّارات ويحاول احراق بيت بساكنيه!    أولا وأخيرا .. خيمة لتقبل التهنئة و العزاء معا    ذبحه وقطع عضوه الذكري.. خليجي يرتكب جريمة مروعة في مصر    رغم توفّر بقية المواد الأساسية...لماذا تختفي «الزبدة» من أسواقنا؟    عاجل/ حماس تفتح النار على اسرائيل وتتهم..    عاجل/ الرابطة المحترفة الثانية (الدفعة الاولى) النتائج والترتيب..    نحو ابرام اتفاقية شراكة في القطاع الفلاحي مع الباكستان    خبير يُحذّر من تخفيض أسعار زيت الزيتون في تونس    شكوني خنساء مجاهد اللي قتلوها بالزاوية في ليبيا بالرصاص؟    أبرد بلاصة في تونس اليوم السبت... الرصد الجوي يكشف    في بالك في كوجينتك عندك : سر طبيعي يرفع المزاج ويقوّي الصحة    لأول مرة في تونس: إجراء 3 عمليات دقيقة بالليزر الثوليوم..    الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة تنظم سلسلة من الجلسات التوعوية عبر الانترنات لدعم جهود مكافحة المضادات الحيوية    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    العاصمة: الاحتفاظ بصاحب دراجة"'تاكسي" بعد طعنه عون أمن داخل مركز    وزيرة الصناعة: صادرات تونس من منتجات النسيج ستتجاوز 7.5 مليون دينار    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي..أمطار بهذه المناطق..    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: الإحسان إلى ذوي القربى    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الشَمْس كَنِسْر هَرم" لِهادي دانيال: كِتابة القَصِيدة بِأمَل جَدِيد
نشر في الصريح يوم 11 - 08 - 2020


-1-
هُو لوْن جديد من الكتابة ابتدأه هادي دانيال في مجمُوعته الشعريّة الصادِرة في هذه الأيّام بِعُنوان "الشمس كَنِسْر هرم" (*).
لَوْنٌ لا يقطع تماما مع ما أنجزهُ طِيلةَ عُقود مُنذ أوّل قصيدة، بل يُمَهِّد لِكتابَة أمل جَدِيد رغم سِياق القصائد الزمنيّ الصعْب لِتَفشِي عَدْوى "الكورونا" الّتي أصابت الأنفس بِالقَلق أكثر مِن إصابتها لِلْأجساد. وبَدْءُ التغيير الحاصل في وعي الشاعر لِلْعالم والأشياء والآخر/الآخرين وَرُؤيته الخاصّة لِلْحياة والموْت واستمرار انتِصاره لِقضايا التَحرُّر الإنسانِيّ، وفي مُقدّمتها القضيّة الفلسطِينيّة بِالحادث مِن الوَقائع، مَهّدت لها تفاصيل حياة الشاعر في الأعوام الأَخِيرة بما خاضه مِن تجارب يوميّة كَثيرة، وما خبره مِن حياة الناس في المُجتمع التُونسيّ بعد 14 جانفي 2011، وما توَصَّل إليه مِن أفكار مُحَيَّنَة بِجَدِيد الوقائع، وما سَعِدَ به مِن استقرار سَكَنِيّ أشار إليه في آخر قصائد المجمُوعة. ولعلَّ زيارته لِإيطاليا في شتاء 2020 ما ساعَدَ كثيرا على تنامِي هذا الأَمَل الجَدِيد.
-2-
هِي سِتّ عشرة قصيدة مُؤرّخة بِالمُدّة الواصِلة بَيْن 14/1/2019 و 6/6/2020. وَأَوّل ما يشدّ الانتِباه عند قِراءَة هذه المجمُوعة الشعريّة الغلاف الذي رسمت لوحته "راميا حامد" بِتَصْمِيم لرامي شعبو الذي رسَمَ أيضاً عَدَداً مِن اللَّوْحات في الداخل. وما لاحَظناه بِخُصوصها هُو اشتِغال الرَسّامَين على السواد الغالب حيْث عَتمة يَتَوسّطْها مشهد لِنسر مُحلّق في أعالي سماء حُلميّة. كما الأشكال الطَيْفيّة مِن سَواد وبَياض مُوَزّعة في بعض صَفحات المجموعة، تبدُو في وضعيّات إقبال وإدْبار، وُقوف وجُلوس، انحِناء واستِلْقاء، بِالتفريد والتَجْمِيع، وبِتَغطية وتَعْرية خافتَتَيْن وِفق حَرَكات لِخيالات أجساد عارضة عابِرة استِيهامِيّة تُحِيل إلى زَمَن مَضَى وانقَضَى، أو في طريقه العاجل إلى الأفول.
وَمُنذ العُنوان: "الشمس كَنِسر هرم" نُدْرك دَلالة الاقتِراب مِن لحظة انتِهاء، ولكنْ أَيّ انتِهاء؟ هل هُو انتِهاء بِدايَة مَّا في انتِظار ابتِداء آخر، وذلكَ باستئناف الحَرَكة، الفِعل بِزَمَن آخر هُو الزَمَن المُسْتقبليّ؟ وَلِمَن هذا الزَمَن؟ ومن سَيَكُون الشاهد عليْه؟ وما هِي أحداثهُ القادِمَة المُمْكنة؟
إنَّ ثابت صُورة البَدْء الغارقة في سَواد الالتباس وَوُضوح الرغبة في التَحَرُّر مِن طوقها الّذِي تَقادم زَمَناً، ولا إمْكان لاستمراره إلى ما لا نِهاية، هُو بَدْء أُفُول لِمَشهد يُرَى مِن "شُرفة الحَياة" (حياة الشاعر)، كَالوارد في النَصّ التمهِيديّ: شمس لَطَالَما أشرقت، تُشَبّهُ ب "نِسر هَرم يخبط جناحَيْه على هواء لَزج تحت سَماء صافِية" (ص5). وَمَفادُ هذا المَشهد بَدْءاً هُو تقادُم مَوْجود بِثِقَلِ حَرَكتِه الدالّ على هَرَمه في وُجود شِبه ثابت، شِبْه أَزَلِيّ مُتَكَرّر (سَماء صافِيَة).
-3-
مِن "شرفة الحَياة" أَدْرك الرائِي ما كان ويَكُون وَيُحدس، وما الّذِي تَبَقَّى مِن الحَياة. وَمفْرَدا مُتَفَرّدا تَطَلّع إلى الخارج، خارج جُوانِيّته المُنفَتِحَة على ما يُبْصر وما لا يُبصَر رُوحا. فَلاذَ بِعَمِيق إنِّيَّته مُتَوَجّساً شَرّا، بل شُرورا مِن الآخر/الآخرين بَعْد مُداوَمة طويلة على حَياة الجمْع، مُدْركا حَقِيقة ما تَوَصَّل إليْه الفيْلسُوف الفرنسيّ جان بول سارتر بِخُصوص الآخرين الّذِينَ وصفهُم بِالجَحِيم، على حَدّ قَوْله: "الآخرون هُم الجَحِيم".
و"الآخرُون" هِي أقرب القَصائد إلى رُوح المعنى الوارد في العُنوان الرَئِيس، كَأَن يستجير الشاعر اختِياراً قبْل اضطِرار بِعميق إنِّيّته باحثا له عن أَصالةِ معنى بِمُجْمل فرديّته الّتِي خَبِرت طِيلةَ العُمُر معنى أن يَكُون الفرْد حُرّاً بِفائض الرغبة في أن يَكُون وبَيْن الخُضوع لِمُسْبَق فِكرة الانتِماء عَشِيرةً أو حِزباً. وَحِينما أنصت إلى نِداء رُوحه المُفرَدَة أدْرك حَقِيقة الأُصول والفُصول وتاريخ الدّم والثارات والمَعارك والجَحِيم والخَراب، فَتَطلّعَ إلى أُفُق جَدِيد خارج لَيْل العَتمة الّذِي طال عُقودا، بل قُرونا.
وَكَذا "شرفة الحَياة"، فهي قَصِيدة الحُرِّيّة المنشُودة، والحُرِّيّة المُتحَقِّقة بعد رِحلة طَوِيلة في عُمر الشاعر الِّذي طَوَّف بعيدا في أقاصِي الحَياة وخبر الكَثير مِن هَزائمها وخيْباتها وَتَوَصّلَ إلى أَنَّ السَعادَة لا تتحقّق إلَّا بِإنّيّة مُتَحَرِّرة من غيْرِيّة قاهرة مُسْتبِدّة.
وإذَا قَصِيدة البَدْء هِي نَشِيدة التَحرّر يستعِدّ بها الشاعر لِخَوْض تجربة جَدِيدة في كِتابة الشِعْر، لِيذهب مِن خلالها بَعِيدا في طَرِيق الانتِصار للرغبة على الضَرُورة والالْتِزام بِالمُسْبَق الإيديولوجِيّ والمسطور السِياسِيّ. فَيَتَوَلّد عن خَيْبة الأَمَل في الأزمنة السابقة أَمَلٌ جَدِيد بَدَأ في التَحَقُّق بِالتَوَجّه إلى الدَاخل الجُوانِيّ، كما أَسلَفْنا، تزامُناً مع الإخلاد إلى سَكنٍ سَعِيد، إلى منزوى دافئ.
-4-
الحُلم، ثُمّ الحُلم،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.