لئن كان اغلب التونسيين كعادتهم منذ عهد بعيد سيكتفون في ذكرى الهجرة النبوية باكل الملوخية والكسكسي بالقديد والجلوس في البيوت او في المقاهي وشرب القهوة والشاي وطلب المزيد الا ان القليل منهم من سينتهزون هذه الفرصة السانحة للتذكير بما في هذه الذكرى من احداث حقيقية تثبت صدق نبوة محمد رسول الله خير البرية المبعوث رحمة وهداية للانسانية...ولقد رايت في هذا المجال ان اذكر بقصة سراقة بن مالك التي كثيرا ما ينساها المتحدثون عن معجزات هجرة محمد رسول الله افضل واشجع الرجال مكتفين بذكر معجزة خروج الرسول من بيته دون ان يتفطن اليه المشركون ومعجزة العنكبوت والحمامة الذين حمى بهما الله تعالى رسوله وهو في الغار من عيون قريش وكتب له بهما النجاة والسلامة... اما عن قصة سراقة بن مالك المدلجي الكناني فهو كما جاء في الخبر الذي رواه واثبته المؤرخون الثقات رجل معروف بتقصي وبتتبع الأثر ولما سمع بان قريش قد رصدت جائزة ومنحة سنية لمن يدرك رسول الله في طريق هجرته ويعيده الى مكة بكرة او عشيا ركب فرسه ولحق برسول الله وصاحبه ابي بكر لكن قوائم فرسه ساخت في الرمل الساخن كالجمر فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ان يدعو له الله بالنجاة على ان يرجع وان يعمي عنهما في الطلب فدعا له رسول الله بالنجاة وقال له (كيف اذا لبست سواري كسرى ومنطقته وتاجه ) فقال سراقة وهو في غاية الدهشة والعجب (كسرى بن هرمز؟ فاجابه رسول الله (نعم) اولا يحق لسراقة ان يندهش وان يعجب كل العجب وهو يشاهد رسول الله وصاحبه وحدهما يقطعان طريق الصحراء القاحلة لا يملكان غير الزاد الراحلة وقريش برجالها وعتادهما تبحث عنهما وتحث في الطلب ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعبا ولا يهتم ولا يحزن لذلك كله بل يكلم سراقة بكل ثقة وبكل هدوء ويعده بسواري كسرى ومنطقته وتاجه وهي اشاء ابعد ما تكون عنه في ذلك الوقت وذلك الظرف بل يعتبر ذكرها والحديث عنها والوعد بها من باب الجنون والعته والحرف...؟وتمر ايام الزمان كلمح البصر ويفتح سعد بن ابي وقاص المدائن مقر ايوان كسرى في عهد امير المؤمنين عمر ويرسل باساوره في جملة الغنائم الى عمربن الخطاب امير المؤمنين وكان عمر طبعا قد سمع بما قاله وبما وعد به رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم سراقة في الصحرء منذ سنوات وصدق بذلك وامن به كما امن من قبله بصدق ومعجزة ذلك الكتاب فيسرع بمناداة سراقة فياته الرجل فيسارع عمر بتحقيق وعد رسول الله ويلبس سراقة سواري كسرى ويامره برفع يديه امام الناس ليرفع عمر صوته قائلا له و للحاضرين معه والسامعين (الله اكبر والحمد لله الذي سلب كسرى بن هرمز سواريه الذي كان يقول انا رب الناس والبسهما سراقة رجلا اعرابيا من بني مدلج...) اما ابو ذاكر كاتب هذا المقال الذي ذكر فيه الناس باحدى معجزات هجرة محمد بن عبد الله رسول الله خاتم الرسل وافضل الرجال فهو سيكتفي بان يقول وبان ينصح المسلمين الصادقين المصدقين بنبوة ورسالة هذا الرجل العظيم اقتدوا به وتمسكوا برسالته العظيمة السمحاء فستملكون بها بلا شك ملكوت الارض وستدخلون وسترثون بها ملكوت السماء فان كنتم في ريب او شك مما اقول فتذكروا دائما صباحا ومساء قول الله تعالى في كتابه العزيز المكنون والذي يقول للشيء كن فيكون (ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) وما على الذين يريدون المزيد من تفسير ومن بيان هذا الكلام الرباني العظيم الا ان يتذكروا قصة هجرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام الذي خرج من بيته متكلا على الله طالبا حمايته ونصره ورضاه فحماه وحده من كيد سراقة ومن كيد جميع المشركين المتامرين المجتمعين وفتح له ولاصحابه الأرض ومنحهم كنوز كسرى وكنوزغيره من الكافرين الظالمين المتجبرين من بذلك كله على الضعفاء والمساكين والمشردين والمهجرين اليس هذا افضل درس يجب ان يتعلمه وان يفهمه وان يتعظ به المسلمون في ذكرى هجرة رسول الله محمد الصادق الأمين المؤيد بالقران العظيم المجيد؟ اجيبوني يا من اكتفيتم في هذه الذكرى النبوية باكل الملوخية والكسكسي بالقديد وشربتم الشاي والقهوة وقلتم هل من مزيد؟؟