لا أناقش سي الباجي قائد السبسي في طريقة تعامله مع الناس... لأنه حرّ في كيفية تحديدها... ولأنه الأدرى بذلك... خاصة وهو صاحب التجربة الطويلة في عالم السياسة.... الا أنني ومع ذلك فغالبا ما ألقى نفسي معترضا...مثل الكثيرين من أمثالي على هذه الطريقة وخاصة منها في كيفية تعامل الرجل مع بعض الحقائق... التي تعني الناس...وفي كيفية تبليغها لهم... ويحصل هذا معي خاصة... كلما تابعت تدخلا جديدا من تدخلات سي الباجي... فأسمعه يقول لنا... بأن موقعه... لايسمح له بالحديث عن هذه المسألة أو تلك... وأفهم أنه يتجنب تسمية الأشياء بأسمائها...ويكتفي عند تناول بعضها... بالإشارة والتلميح... دون الاعتماد على الشرح الصحيح... الحقيقة أن هذه المسألة قد بدأت تشغل الناس... خاصة بعد أن تكررت... مرارا... عديدة... والحقيقة كذلك... أنه لايمكننا تجاهل درجة خطورتها... خاصة في ظل الظروف الحالية التي تمر بها تونس... والتي تستدعي من الجميع وبخاصة من رجال السلطة وبصفة أخص من رئيس الحكومة... اكتساب الجرأة الكاملة واللازمة والقدرة على وضع الإصبع على موطن الداء... وبالتالي على تسمية الأشياء بأسمائها تجنبا للمزايدات...وقطعا مع الاشاعات... في هذا الخصوص...يقول الناس... انهم يهرعون غالبا لمتابعة خطب ولقاءات سي الباجي كلما تم الإعلان عن موعدها... ويتسمرون أمام أجهزة تلفزاتهم من أجل ذلك... ويمنون الأنفس بالخروج منها بالجديد... والمتمثل في نظرهم في جملة من الافادات ومن الحقائق... ومن المعطيات... والتي تسمي الأشياء بأسمائها... ولاتغفل عن ذكرها بما يلزم من تفصيل... ولاتكون شبيهة بما كانوا يسمعونه في السابق... من عبارات... ومن جمل رنّانة... قد حفظوا بعضها عن ظهر قلب...ولم تعد تعني لهم شيئا... باعتبارها تدخل عادة في اطار«الكلام العام» والذي يحوم حول كل شيء دون تناول أي شيء... الا أنهم وبعد ذلك... فغالبا ما لايخرجون بشيء واضح...اذ يلحظون أن سي الباجي... يتحدث تقريبا في كل شيء... لكنه يحاول من خلال ذلك تجنب وضع الإصبع على موطن الداء...فلا يسمي الأشياء بأسمائها... بل يكتفي بالإشارة اليها... اكثر من هذا فإن الرجل وكلما تناول مسألة هامة... قد يكتفي... بالمرور عليها مرور الكرام...بل انه قد يشير من خلالها الى تأكده المطلق من قدرة الناس على معرفة أصلها وفصلها... وكأن هؤلاء... يعرفون كل مايعرف... أو يطلعهم على مايطلع... أو يملكون من القدرة على فهم حقيقة الأشياء... مايملكه هو بحكم موقعه... وبحكم خبرته وبحكم تواجده في دائرة اتخاذ القرار... هذه المسألة قد تكررت مؤخرا... من خلال... الحوار الأخير الذي اجرته معه القنوات التلفزية التونسية... والذي قال فيه كلاما جميلا... وتناول مسائل هامة وأساسية... الا أنه وأقصد سي الباجي قد كان كعادته هذه المرة كذلك... اذ اكتفى عند حديثه عن هذه اللوبيات الجديدة التي تحاول بث البلبلة...والعودة بالبلاد الى مرحلة الفوضى... بالإشارة لها دون ذكرها... بالتفصيل اللازم والمطلوب... وحتى عندما حاولت احدى الزميلات سؤاله عن هذه المسألة وطلبت منه توضيحا حولها... فلقد حاول بأسلوبه المعهود... تجنب الإجابة بل انه قد قالها بعد ذلك صراحة... وأكد أن موقعه لايسمح له بذكر مايجب ذكره وبتسمية الأشياء بأسمائها. ماذا يعني هذا؟ خاصة وهو يحدث في مثل ظروفنا الحالية... والا يمكن اعتباره... تواصلا لما يحيط بنا من غموض... أليس من حقنا... وهذه الاستفهامات والتناقضات... قد ملأت حياتنا... ان نفهم حقيقة أسبابها أليس من حقنا في خضم رحلاتنا المتكررة للبحث عن الحقيقة... ان نتصور بأن الحكومة...وخاصة رئيسها هو الأقدر على اطلاعنا عليها... هل علينا البحث عنها... عبر القنوات الفضائية... أم اللجوء من أجل ذلك الى التراكن... والى الصالونات...من أجل معرفتها... اذا كنا ملزمين بعدم التعويل على حكومتنا... وعلى رئيسها بالذات... من أجل فهم حقيقة ما يحصل... ومن أجل اكتشاف... المتسبب فيه ومن أجل الاطلاع على اسمه كاملا...فبمن نلوذ من أجل ذلك... وبمن نحتمي؟ ألم يكن من حق أو حتى من واجب سي الباجي... أن يشرح لنا مسألة اللوبيات الجديدة وان يطلعنا على حقيقتها وأن يمدنا بأسماء الفاعلين فيها... وان يعطينا الصحيح حول دورها في محاولة الزج بنا مجددا في أتون الفتنة... والفوضى والتخريب والنهب... والتي شهدتها مناطقنا مؤخرا... فأعادتنا الى مرحلة الصفر...بل انها قد تكون ذهبت بنا الى ماتحت هذه المرحلة... أليس من حقنا أن نعرف المتسببين فيما يحصل اليوم في ربوعنا... أليس من حقنا فهم حقيقة نواياهم... أليس من حقنا... ايجاد الأجوبة اللازمة عن هذه الرمانة... بأكملها... حتى نفهم الصحيح...وحتى ندرك حقيقة مايحصل... وحتى نكتشف المخطئ والمذنب الحقيقي... وحتى لايواصل بعضنا... تقييد ماتشهده ربوعنا ضد مجهول... وحتى لايتعمد غيرهم رمي كل أسبابه الى الجماعة...«القدم» دون التأكد من ذلك ودون شرح أسبابه مما حول هؤلاء بغثهم وسمينهم الى شمّاعة... الا يعتقد سي الباجي ان الجماعة الذين اكتفى بالإشارة لهم... وبالتلميح لوجودهم... وأطلق عليهم تسمية اللوبيات الجديدة... يستحقون التشهير... وحتى المحاكمة... ألا يتصور أن ما أقدموا على فعله... قد يدخل في باب الخيانة العظمى... وأن هذا كفيل لوحده بتتبعهم وبعقابهم... كيف تسارع الحكومة وهذا ما فهمناه من كلام سي الباجي... بمعاقبة السيد الراجحي وباتخاذ الاجراءات اللازمة ضده... كتجريده من الحصانة القضائية من أجل محاكمته...وتعترف بأن هذا الشخص قد فعل مافعل في اطار تنفيذه لمخطط قد يكون الآخرون نجحوا في رسمه ووضعه له لأسباب تقول الحكومة أنها تعرفها جيدا لكنها واقصد الحكومة طبعا وعند الإشارة لأصحاب هذه المخططات ولمن وضعوها تكتفي وهذاما حصل من خلال كلمة سي الباجي بالإشارة لهم...بدون توضيح...ولاتعمد حتى للتعهد... بمحاكمتهم أو حتى لمجرد كشفهم لنا... حتى نتعرف عليهم... وحتى نفهم غاياتهم... وحتي ندرك نواياهم... وحتى لانظل عاجزين عن فهم الأسباب الحقيقية لما حصل ويحل في ربوعنا... بسببهم... الحقيقة أننا قد كنا نتمنى جميعا... لو أن سي الباجي قد أحسن هذه المرة بالذات تفريك الرمانة... ولو أنه وضع الإصبع على موطن الداء... ولو أنه قد سمى الأشياء بأسمائها الحقيقية... ولو أنه قد قال لنا... بالفلاقي الصريح... ان هذا هو حقيقة مايحصل عندنا... وان هؤلاء... هم المتسببون في حصوله... وأنهم سوف يعاقبون لأنهم قد أذنبوا في حق البلاد والعباد... اقول هذا لأن ماحصل هذه المرّة في بعض ربوعنا... قد اكتسى خطورة قصوى...ولأنه قد أعادنا الى مرحلة الفوضى العارمة... ولأنه قد أفقدنا الثقة في كل مايحيط بنا...وفي كل الذين يحيطون بنا...ولأنه قد أشعرنا بالخوف والتخوف على مصيرنا... ولأنه قد أكد لنا... حقيقة ما يتداوله بعضنا... من أننا نتعرض اليوم فعلا لجملة من المؤامرات ومن الدسائس... اما أهم ما تسبب لنا فيه وضعنا الحالي... فهو هذا الإحساس القوي الذي بدأ هذه الأيام... ينتابنا ليؤكد لنا بأننا نعيش اليوم... مرحلة الإعداد لثورة جديدة لعلها قد تعصف بنا قريبا فتضربنا في صميمنا... هذه المسألة قد بدأت تجبرنا على طرح سؤال كبير يقول:هل أن وضعنا الحالي وما يشوبه من تناقضات ومن ضبابية ومن غموض ومن تساؤلات يعني أننا قد نجحنا في اقامة ثورة أم يؤكد استعداد بعض الأطراف عندنا... للتحضير لها... ومن أجل إطلاقها ضدنا... هذه المرّة...