حضرت يومي 5 و 6 سبتمبر الجاري مؤتمرا دوليا نظمه معهد "شيلر" العالمي برئاسة الصديقة الألمانية السيدة (هلجا لاروش) أرملة المرشح الأمريكي الأسبق للرئاسة الأمريكية فقيد قضايانا العربية و عدو التطرف الإسرائيلي (ليندن لا روش) وهو السياسي و عالم الاقتصاد الذي عرفته منذ الثمانينات و دعاني الى كل نشاطات المعهد ونشر مقالاتي مترجمة للإنقليزية في مجلته الأكاديمية الشهرية الراقية (إكزيكيتيف أنتليجنس ريفيو) و ما تزال تنشر لي الى اليوم كما أنه استقبلني للغداء في "رانشه" في بنسيلفانيا عندما زرت واشنطن عام 1984. كان هذا المؤتمر بالاتصالات الرقمية بسبب الكورونا و شارك فيه وزراء و سفراء و أكبر الخبراء في الجيوستراتيجيا من الولاياتالمتحدة و الصين و روسيا و أوروبا وهو بعنوان (نحو إرساء قواعد جديدة للعلاقات الدولية و التصدي لمخاطر الحرب) و هذا الموقع يعطيكم التفاصيل:new paradigm for international relations https//www.institutshiller.org إتفقت الشخصيات المشاركة بمداخلات مكتوبة و من أبرزهم السادة (أندراي كورتونوف) المدير العام للمجلس الروسي للعلاقات الدولية و (زهو فنغ) أستاذ العلوم السياسية و مدير مركز العلاقات الدولية بجامعة نانجنغ و (جيم جاتراس) مستشار الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي و عدد من الوزراء و الأساتذة الأوربيين و الأمريكان إتفقوا في مداخلاتهم على الدعوة الى التصدي المشترك بين واشنطن و موسكو و بيجين و الإتحاد الأوروبي و الدول متوسطة القوة المؤثرة في مستقبل العالم مثل الهند و باكستان و الأرجنتين و تركيا لمقاومة عالمية متناسقة و ناجعة لفيروس كورونا الذي انتشر بقوة منذ نصف عام و ما يزال و سجل المؤتمرون بأسف إنعدام التشاور و التعاون بين هذه الدول أو على الأقل ندرتها و عدم استمرارها على نسق مؤسسي باشرا ف المنظمات الدولية مما أدى بالانسانية الى قرارات عشوائية و متخبطة ما بين سلطات سياسية حزبية و سلطات طبية علمية تعمل كل واحدة منها بمعزل عن الثانية و استبشر المؤتمر بقرب الفرج باكتشافات جدية لعلاجات واقية و تطعيمية في كل من الولاياتالمتحدة و روسيا و الصين و ألمانيا ثم تطرق المؤتمرون الى ما سماه بيانهم "قرع طبول تنذر بالاستعداد للأزمات الإقليمية التي يمكن ان تتحول الى حرب أشمل" مسجلين ما يصدر عن إدارة الرئيس ترامب منذ انتخابه من تهديدات موجهة إما مباشرة أو ضمنيا أو إيمائيا الى الصين و روسيا مما يزيد العلاقات الدولية تأزما بين عواصم ثلاثة هي التي تؤثر في رسم الخرائط الجيوستراتيجية بين الدول و القارات إلى جانب ما طرأ على اقتصادات العالم من تعطل طويل للإنتاج الصناعي و التنمية و التبادل التجاري منذ فرض فيروس كورونا قوانينه الصارمة القاضية بغلق المصانع و تسريح العمال و تعطيل المؤسسات التربوية و الجامعية للحد من انتشار العدوى القاتلة و استعدادا للتصدي للجائحة العابرة للقارات و التي لا تعترف بالحدود! ثم حلل المشاركون ظواهر نعتوها بالخطيرة أصبحت تعاني منها كل دول الغرب و أولها ظاهرة صعود اليمين العنصري الى مؤسسات الحكم وهي ظاهرة فوز الأحزاب الشعبوية الأوروبية العنصرية في انتخابات محلية و وطنية بشعارات تمس العواطف و الغرائز لا غير و ما خطاب رئيسة الحزب اليميني الفرنسي (مارين لوبان) في مدينة (فريجيس) الأسبوع الماضي إلا نموذجا و رمزا لتلك الظاهرة لأن الخطاب كان شيطنة للمهاجرين المستقرين في فرنسا و أوروبا منذ عقود و دعوة للناس لطردهم شر طردة مما سمته هذه المتطرفة "الغرب المسيحي المهدد بالأسلمة"!! و أتى المؤتمر بعد ذلك الى طبول الحرب فحلل المشاركون الوضع المتفجر في شرق البحر الأبيض المتوسط بسبب تقارب الأسطول البحري التركي و الأساطيل اليونانية – مع مشاركة رمزية لدولة خليجية بعيدة كل البعد عن المتوسط- في مناورات عسكرية أعلن الرئيس التركي أردوغان أنها ستكون بالذخيرة الحية داعيا القطع البحرية المتواجدة في منطقة المناورات الى الإبتعاد و الحيطة وهو ما أنشأ وضعا جديدا تبرره مطالبة تركيا المتوسطية بحقها في التنقيب عن الغاز بعد أن تحركت اليونان لتنازعها هذا الحق بلا سند من القانون الدولي و تدعم اليونان فرنسا و مصر و قبرص اليونانية و طبعا إسرائيل و دولة خليجية صغيرة طبعت علاقاتها معها و تشارك في ...المناورات! و سجل المؤتمرون موقف الحياد الأمريكي و الألماني وهو ما وصفوه بالحكيم السلمي و فسروه بأن كلا من تركيا و اليونان دولتان عضوتان في حلف الناتو و للحلف ميثاق و أعراف و مصالح تتجاوز المواقف الوطنية الأحادية! هذه لوحة واقع العالم اليوم بألوانها الداكنة و أبعادها المخيفة و لم يغفل المؤتمر عن المجاعة التي تهدد 15 دولة منها دولة عربية هي اليمن بفعل السياسات العربية المتخبطة المتدخلة في اليمن منذ خمسة أعوام!