سيدي بوزيد: تضرر المحاصيل الزراعية بسبب تساقط البرد    عاجل/ القبض على صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء..وهذه التفاصيل..    عارف بلخيرية مجددا على رأس الجامعة التونسية للرقبي    بطولة العالم للرياضات المائية: التونسي احمد الجوادي يتوج بذهبية سباق 1500م سباحة حرة    لا تفوتوا اليوم لقاء الترجي والملعب التونسي..البث التلفزي..    عاجل/ غرق طفلين بهذا الشاطئ..    نبض متواصل.... الرباعي يجدد العهد مع جمهور الحمامات    الأغاني الشعبية في تونس: تراث لامادي يحفظ الذاكرة، ويعيد سرد التاريخ المنسي    بلاغ هام لوزارة التشغيل..#خبر_عاجل    منوبة: رفع 16 مخالفة اقتصادية و13 مخالفة صحية    بطولة العالم للسباحة: الأمريكية ليديكي تفوز بذهبية 800 م حرة    عاجل : نادي الوحدات الاردني يُنهي تعاقده مع المدرب قيس اليعقوبي    تونس تشارك في النسخة 12 من الألعاب العالمية بالصين ب14 رياضيا في 4 اختصاصات    إيران: لم نطرد مفتشي الوكالة الدولية بل غادروا طوعاً    تحذيرات من تسونامي في ثلاث مناطق روسية    منزل بوزلفة:عمال مصب النفايات بالرحمة يواصلون اعتصامهم لليوم الثالث    عودة فنية مُفعمة بالحبّ والتصفيق: وليد التونسي يُلهب مسرح أوذنة الأثري بصوته وحنينه إلى جمهوره    فضيحة تعاطي كوكايين تهز ال BBC والهيئة تستعين بمكتب محاماة للتحقيق نيابة عنها    برنامج متنوع للدورة ال32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب بولاية سيدي بوزيد    وزارة السياحة تحدث لجنة لتشخيص واقع القطاع السياحي بجرجيس    تقية: صادرات قطاع الصناعات التقليدية خلال سنة 2024 تجاوزت 160 مليون دينار    إيمانويل كاراليس يسجّل رابع أفضل قفزة بالزانة في التاريخ ب6.08 أمتار    الجيش الإسرائيلي: انتحار 16 جندياً منذ بداية 2025    طقس اليوم الاحد: هكذا ستكون الأجواء    رفع الاعتصام الداعم لغزة أمام السفارة الأمريكية وتجديد الدعوة لسن قانون تجريم التطبيع    الإمضاء على اتفاقية تعاون بين وزارة الشؤون الدينية والجمعية التونسية للصحة الإنجابية    بلدية مدينة تونس تواصل حملات التصدي لظاهرة الانتصاب الفوضوي    دورة تورونتو لكرة المضرب: الروسي خاتشانوف يقصي النرويجي رود ويتأهل لربع النهائي    نانسي عجرم تُشعل ركح قرطاج في سهرة أمام شبابيك مغلقة    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    عاجل/ تحول أميركي في مفاوضات غزة..وهذه التفاصيل..    829 كم في 7 ثوان!.. صاعقة برق خارقة تحطم الأرقام القياسية    كلمة ورواية: كلمة «مرتي» ما معناها ؟ وماذا يُقصد بها ؟    في نابل والحمامات... مؤشرات إيجابية والسياحة تنتعش    اليوم الدخول مجاني الى المتاحف    درجات حرارة تفوق المعدلات    معاينة فنية لهضبة سيدي بوسعيد    لرصد الجوي يُصدر تحييناً لخريطة اليقظة: 12 ولاية في الخانة الصفراء بسبب تقلبات الطقس    الكاف: شبهات اختراق بطاقات التوجيه الجامعي ل 12 طالبا بالجهة ووزارة التعليم العالي تتعهد بفتح تحقيق في الغرض (نائب بالبرلمان)    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    قبلي: يوم تكويني بعنوان "أمراض الكبد والجهاز الهضمي ...الوقاية والعلاج"    قرطاج يشتعل الليلة بصوت نانسي: 7 سنوات من الغياب تنتهي    عاجل/ شبهات اختراق وتلاعب بمعطيات شخصية لناجحين في البكالوريا..نقابة المستشارين في الإعلام والتوجيه الجامعي تتدخل..    عاجل/ وزارة الفلاحة توجه نداء هام لمُجمّعي الحبوب وتقدّم جُملة من التوصيات للفلاحين..    جامع الزيتونة ضمن السجل المعماري والعمراني للتراث العربي    تنبيه هام: تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق..#خبر_عاجل    شراو تذاكر ومالقاوش بلايصهم! شنوّة صار في باب عليوة؟    الإدارة العامة للأداءات تنشر الأجندة الجبائية لشهر أوت 2025..    كيف حال الشواطئ التونسية..وهل السباحة ممكنة اليوم..؟!    تحذير: استعمال ماء الجافيل على الأبيض يدمّرو... والحل؟ بسيط وموجود في دارك    "تاف تونس " تعلن عن تركيب عدة اجهزة كومولوس لانتاج المياه الصالحة للشرب داخل مطار النفيضة- الحمامات الدولي    كيفاش أظافرك تنبهك لمشاكل في القلب والدورة الدموية؟    الحماية المدنية تحذر من السباحة في البحر عند اضطرابه رغم صفاء الطقس    الرضاعة الطبيعية: 82% من الرضّع في تونس محرومون منها، يحذّر وزارة الصحة    بطاطا ولا طماطم؟ الحقيقة إلّي حيّرت العلماء    القصرين: منع مؤقت لاستعمال مياه عين أحمد وأم الثعالب بسبب تغيّر في الجودة    تاريخ الخيانات السياسية (33) هدم قبر الحسين وحرثه    شنوّة جايك اليوم؟ أبراجك تكشف أسرار 1 أوت!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يسهم الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق في إنهاء الصراع الليبي؟
نشر في باب نات يوم 14 - 12 - 2019


محمود عثمان
تركيا الأن
في خطوة استباقية، وقعت تركيا وحكومة الوفاق الليبية اتفاقيتين، إحداهما حول التعاون الأمني والعسكري، وأخرى في المجال البحري، خلال لقاء جمع رئيس الحكومة الليبية فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول.
مدير الاتصال بالرئاسة التركية، فخر الدين ألتون قال موضحا "إن النصّ الجديد هو نسخة أوسع من الاتفاق الإطاري للتعاون العسكري المُبرم بين البلدين، وسيعزز العلاقات بين جيشينا".
وفيما دعا فخر الدين ألتون الأطراف الفاعلة المسؤولة الأخرى إلى "دعم حكومة السراج المُعترف بها من جانب الأمم المتحدة"، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، "إن اتفاق الحدود البحرية الذي أبرمته أنقرة مع ليبيا يهدف إلى حماية حقوق تركيا بموجب القانون الدولي".
نجحت تركيا من خلال اتفاقها مع الحكومة الليبية المعترف بشرعيتها دوليا من الأمم المتحدة، في كسر الطوق البحري الذي سعى لعزلها، والمكون من إسرائيل ومصر واليونان والشطر اليوناني من قبرص. أكثر من ذلك فقد وضعت جدارا يفصل بين اليونان وقبرص، وتمكنت من إحباط الخطة الرامية إلى حبس تركيا في نطاق ضيق لا تتعدى مساحته 41 ألف كم مربع في البحر الأبيض المتوسط.
الاتفاقية الموقعة بين الحكومة التركية ونظيرتها الليبية المعترف بشرعيتها في الأمم المتحدة، جعلت من البلدين جارين في الحدود البحرية، مما يمنح الحكومة الشرعية في طرابلس عمقا استراتيجيا وتفوقا على خصومها في الداخل بقيادة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر.
مجلس طبرق (النواب) الليبي، دان توقيع رئيس حكومة الوفاق الاتفاق الأمني والبحري مع تركيا، ووصفه ب"الخيانة العظمى"، وقالت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان المذكور، "إن الاتفاق يمثل تهديدا حقيقيا وانتهاكا صارخا للأمن والسيادة الليبية، واعتداءً كاملا على صلاحيات مجلس النواب المُنتخب من قِبل الشعب الليبي صاحب الحق الأصيل والوحيد في الإقرار والتصديق على المعاهدات والاتفاقات الدولية".
الصراع على الغاز في حوض المتوسط
مع حلول القرن الجديد الذي يسميه البعض بالقرن الأمريكي، بدأ العالم بأسره، ومنطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، يشهد استقطابات سياسية، وصراعات غير مسبوق. وبموازاة هذه الصراعات وهذا الاصطفاف السياسي الاقليمي، تسعى المحاور الاقليمية إلى صياغة تحالفاتها بخصوص الطاقة بشكل يوازي ويتناسب ويدعم ذلك الاصطفاف السياسي.
في السياق ذاته، عقب عثور إسرائيل على الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط عام 2010، بدأت بتشكيل لوبيات ومحاور اقليمية تخدم مصالحها في هذا المجال، فعقدت مع كل من مصر وقبرص اليونانية اتفاقية المنطقة الاقتصادية الخالصة عام 2011، ثم طرقت إسرائيل باب أنقرة من أجل بيع الغاز الطبيعي لأوروبا عبر تركيا، لكن الأخيرة رفضت العرض لأسباب تتعلق بالتوتر السائد بين البلدين.
بعد سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 في ليبيا، استغلت اليونان الفراغ الحاصل، وقامت بالاستيلاء على منطقة بحرية مساحتها 39 ألف كم مربع. بهذه الطريقة تكون اليونان قد سيطرت على كافة قطاعات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط عبر جزيرة كريت.
لكن الاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية الشرعية قطع عليها الطريق وحرمها من هذا الاحتكار الذي حاولت فرضه. لذلك كان من الطبيعي جدا أن تثير مذكرة التفاهم التي وقعتها تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية حول التعاون الأمني، والحدود البحرية، حفيظة دول متوسطية في مقدمتها اليونان، التي استدعت السفير الليبي لديها للاحتجاج، تحت مزاعم أنها تنتهك حقوق دولة ثالث.
أثر الاتفاق على الصراع داخل ليبيا
رفض كل من اليونان ومصر وفرنسا للاتفاق، يثير أسئلة مهمة حول أسباب الرفض الحقيقية، وعلاقته بتراجع نفوذ تلك الدول، وتأثير الاتفاق على هجوم اللواء المتقاعد خليفة حفتر المتعثر على طرابلس للسيطرة عليها، وحسم الصراع الليبي عسكريا، خصوصا بعد أن عبر الأخير عن رفضه للاتفاق ووصفه ب"الخيانة".
إن ردود الأفعال الشديدة ضد الاتفاق، كشفت بوضوح وجلاء حجم التدخل الدولي في ليبيا، وذلك حين شعرت الدول التي تصب الزيت على نار الحرب في ليبيا، بالخطر الذي يهدد نفوذها جراء هذا الاتفاق، فتحركت لتدينه وتعلن رفضها له.
تواجه حكومة الوفاق الليبية، عدوانا برعاية إقليمية دولية، ودعم جوي وبري وبحري كبير، الأمر الذي دفعها للبحث عن حليف قوي يدعمها في عملية التصدي للعدوان، والمحافظة على الحدود الغربية لليبيا، بما لا يتعارض مع القانون الدولي.
مقابل ذلك، يشن الجنرال المتقاعد خليفة حفتر هجومه على طرابلس دون أي سند شرعي، إذ جل أعضاء البرلمان (طبرق) لم يكونوا على علم بقرار حفتر بالهجوم على العاصمة، وأكثر من نصف أعضائه رافضون له.
خلافا للاتفاق السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة في ليبيا، يسعى الجنرال المتقاعد خليفة حفتر من خلال هجومه على طرابلس، مستعينا بالمرتزقة الروس، إلى فرض أمر واقع على الأرض بالقوة، لتهرع بعدها الدول الداعمة له للاعتراف به سياسيا.
لكن المعطيات الميدانية تشير إلى فشله المتكرر في اختراق جبهة طرابلس، بسبب ضعف قواته البرية، رغم تفوقه الجوي الناتج عن التدخل الأجنبي السافر في الصراع الدائر في ليبيا.
أثر الاتفاق على موازين القوى الاقليمية والدولية في منطقة الشرق الأوسط
يدرك اللاعبون الاقليميون والدوليون أن الاتفاق الليبي التركي، سوف يغير من موازين القوى في شرق البحر المتوسط، وسيدعم موقع تركيا على صعيد التنافس الإقليمي والدولي، وسيمنحها مساحة مناورة أكبر، تمكنها من زيادة نشاطاتها وتحركاتها على مستوى الاقليم، كما سيجعلها في موقع أقوى في مواجهة المحور الأمريكي الأوروبي الإسرائيلي اليوناني، الذي تدعمه بعض دول الخليج تحت مسمى صفقة القرن أحيانا والشرق الأوسط الكبير أحيانا أخرى.
تدرك الدول الرافضة للاتفاق جيدا قدرات تركيا العسكرية التي تفوق قدراتهم، فتملكتهم الخشية من أن يفتح هذا الاتفاق باب التعاون العسكري والأمني بين حكومة الوفاق وتركيا.
لقد أصبح بالإمكان الحديث عن المشروع التركي، المقابل لمشروع صفقة القرن، بعد التحالفات الجديدة، والخطوات الاستراتيجية التي حققتها أنقرة، من خلال تشكيل الحلف الإسلامي الخماسي، الذي ضمها مع ماليزيا وإندونيسيا وباكستان وقطر، ثم الاتفاق مع حكومة الوفاق الليبية، الذي كسر الحصار المفروض على تركيا، ومنحها تفوقا استراتيجيا، حيث أصبحت الحدود البحرية التركية الليبية تقابل جنوب غرب جزيرة كريت.
فوق ذلك فإن الاتفاق الأمني والعسكري، وجه رسالة واضحة للأطراف الإقليمية والدولية الداعمة لحفتر بأن أنقرة جاهزة للمضي قدما في دعم حكومة الوفاق للتصدي لأي تصعيد عسكري تقوده تلك الأطراف، مما يغلق الأبواب في وجه المغامرات والمقامرات والتدخلات الخارجية، ويفسح المجال أمام التسوية السياسية كخيار وحيد أمام الليبيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.