القاضي فرحات الراجحي الذي برز اسمه فجأة بعد الثورة في تونس بعد تسلمه مقاليد وزارة الداخلية.. لا ينقصه الذكاء ولا الفطنة حتى يوقع به شابان مبتدئان في الحقل الصحفي... ربما لم يكن يتوقع أن هذه الدردشة مع الصحفيين سيكون لها كل ذلك الوقع والصدى في الشارع التونسي... ولست أدري لم كل هذه الردود المتشنجة تجاه الراجحي وكأنه أمسك سلاحا أو تزعم مجموعة إرهابية لنفكر في مقاضاته وتتبعه... مازلنا بعد لم نتعود على حرية الرأي... مازلنا محكومين بالرأي الواحد... وكل ما فعله هذا القاضي الوديع الذي تفاعل معه الناس أنه عبر بصراحة تامة عما يختلج في أذهان الكثير من التونسيين... فهو قطرة أفاضت كأسا مملوءة أصلا لأننا نعيش في واقع سياسي تنعدم فيه الثقة بين مختلف الأطراف... كنت أنتظر أن يرد الجميع على الرجحي بهدوء الفكرة بالفكرة والرأي بالرأي حتى من المؤسسة العسكرية التي بادرت بسرعة إلى التفكير في رفع قضية... لست أرى موجبا لرفع قضية لأنها سوف تكون دون شك قضية رأي... ونحن لا نقبل اليوم أن يحاكم أحد أو يسجن من أجل أفكار وآراء صرح بها... لن يكون في تونس بعد الثورة سجن يتسع لأصحاب الرأي... الراجحي عبر عن آرائه وبدل أن يتشنج الجميع ويتهموه بالتحريض عليهم أن يناقشوه ولا وجود في كلام الراجحي لأي تحريض على الإطلاق...