كلّ، يقرأ ما حدث اليوم من امضاء اتفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني بمباركة أمريكية من الزاوية التّي ينظر منها؟ فتراوحت المواقف بين مستبشر و رافض و غاضب بل وصفها البعض بالخيانة و الطعن في ظهر القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للعرب – و يبدو أنّها لم تعد كذلك – بعد ما حدث اليوم من قبل الإمارات و البحرين من إمضاء اتفاقيات " تطبيع " مع الكيان الصهيوني الغاصب لجلّ أراضي فلسطين التاريخية و الذي يحلم بتمدد كيانه من الماء إلى الماء و ذلك بكلّ الوسائل المتاحة .من الغطرسة إلى الدعم الأمريكي اللاّ مشروط . و عن ردود الفعل على هذه الاتفاقيات، عبّر الجانب الفلسطيني عن رفضه للتطبيع و طالب البحرين و الامارات بالتراجع الفوري ووصف ذلك " خيانة للقدس و الأقصى و القضية الفلسطينية " و اعتبرت القيادة الفلسطينية هذه الخطوة " دعما لتشريع جرائم الاحتلال الإسرائيلي البشعة ضد أبناء الشعب الفلسطيني " مضيفة و " أنّها تمثّل نسفا للمبادرة العربية للسلام و قرارات القمم العربية و الأسلامية و الشرعية الدولية ". في حين يرى الجانب الآخر و أبدأ بموقف " ترامب " الذي يرى في الاتفاق الممضى اليوم هو " اختراق تاريخي جديد لإبرام اتفاقين بين بلدين عربيين و اسرائيل في ظرف 30 يوما فقط " و توافقه على ذلك الربية "اسرائيل " التي ترى في الاتفاق مجلبة للكثير من المنافع الاقتصادية و المالية للكيان . في حين يبرّر الجانب العربي هذا " التطبيع " بكونه يمثّل نظرة جديدة للسلام في منطقة الشرق الأوسط و ستكون نتائجه ايجابية حتّى على القضية الفلسطينية نفسها.؟ و هنا نسأل الجانب العربي المهرول نحو التطبيع عمّا جناه من سبقوهم في طريق التطبيع مع الكيان الصهيوني و لعلّهم لم يهملوا نتائج " كامب ديفيد " للسلام مع هذا الكيان و أيضا اتفاقيات أوسلو و أسأل هنا ، هل حقّقت كل هذه الاتفاقيات السابقة مع الكيان الصهيوني المنفعة للفلسطينيين عدى المزيد من قضم أراضي فلسطين التاريخية و زحف المستوطنات اليهودية و قتل المزيد من الفلسطينيين عبر عديد الحروب و الاجتياحات الاسرائيلية و غير المزيد من امتلاء السجون الصهيونية بأحرار فلسطين و لم تسلم من ذلك لا النساء و لا الأطفال و لا الشيوخ؟ و لماذا الهرولة نحو التطبيع مع كيان تعرفون جيّدا أنّه لا يحترم أيّ اتفاقيات و لا التزامات و لا يفهم غير لغة القوّة و الحديد و النّار؟ و ماذا تنتظرون من امضاء هاته الاتفاقيات الأخيرة ؟ هل سيسرّح الكيان الصهيوني مقابل ذلك كل المساجين الفلسطينيين من سجونهم..؟ هل سيتوقف فعلا على قضم المزيد من الأراضي الفلسطينية كما صرح بذلك الجانب الإماراتي؟ هل سيعترف هذا الكيان الاستعماري و الفاشي بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، كما تدعو إلى ذلك الشرعية الدولية؟ و هل امضاءكم لمثل اتفاقيات الخنوع ستدفع الكيان الصهيوني ليردّ كل الحقوق الفلسطينية المشروعة إلى أصحابها .؟ ودعنا نقولها و بكل موضوعية لكل من هرول اليوم من الجانب الإماراتي أو البحريني و أنّ كل ما تمّ اليوم هو باختصار شديد عبارة على رمي حبل نجاة لكل من " ترامب " الذي أصبح اليوم أضحوكة في كلّ أنحاء العالم و بالتالي تمّ اهداءه هذه الفرصة لتلميع صورته و اظهاره على أنّه رجل سلام و أيضا لإنقاذه من منافسة شرسة أمام " بايدن " في الانتخابات المقبلة الأمريكية خلال شهر نوفمبر المقبل.؟. و أيضا هذه الاتفاقيات هي لصالح " نتنياهو " الذي لم يقدر على حلحلة أوضاعه الاقتصادية و مشاكله الداخلية خاصة أمام وباء " الكورونا "الذي يبدو تجاوز كل الحدود و لكن يتم التستر على ذلك؟ و أيضا دعنا نقول للجانب الفلسطيني برمته و بكل تشكيلاته و أطيافه السياسية و بكل تشكيلات المقاومة و كلّ الأجنحة المسلحة بأنّ أمامكم فرصة تاريخية للمّ الشمل الفلسطيني وإنهاء الانقسام بين قطاع غزّة و الضفة الغربية و وضع نصب الأعين مصير القضية الفلسطينية بعيدا عن الحسابات الاقليمية و التشيع لبعض هذه الجهات الاقليمية لأنّ هذه الجهات هي في النهاية لا تخدم إلاّ مصالحها و أمنها عبر " التلاعب " بالقضية الفلسطينية و استعمالها كورقة و بالتالي لا ايران هي من سيأتيهم بالاستقلال من براثن هذا المستعمر الصهيوني الغاصب و لا الجهات العربية الأخرى التي هي أيضا تتلاعب بالقضية الفلسطينية كورقة و كحصان طروادة لا أكثر و لا أقلّ و بالتالي الوحدة الفلسطينية و الابتعاد بالقضية عن المحاور هي قارب النجاة الحقيقي و حينها سيهابكم الجميع بما فيه الكيان الصهيوني الذي سيأتيكم عندها مهرولا لطلب سلام حقيقي؟ لأختم بالقول، بأنّه رغم كل الأوصاف التي رافقت هذه الاتفاقيات الأخيرة للتطبيع مع الكيان الصهيوني من الطعن من الخلف في ظهر القضية الفلسطينية إلى الأوصاف الإيجابية كما يطرحها البعض من المهرولين نحو التطبيع والتي يسوقون لها بكونها سترجع بالفائدة على استقرار الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية و مرورا أيضا بكل المواقف الرافضة لهذه الهرولة، نقول و باختصار شديد و أنّ الكرة اليوم في المرمى الفلسطيني ليلم شمله و يوحّد كلمته و يوحدّ قوته و يوحّد شعبه و قيادته على كلمة واحدة هي التحرر من براثن هذا الاستعمار الصهيوني الماكر و الغاصب ..وقتها فقط سيحترمكم العدو قبل الصديق و سيخشاكم الجميع فهل يفعلها شعب الجبارين كما كان يصفه دائما الشهيد ياسر عرفات...؟ لننتظر قد تكون هذه رجّة الاستفاقة ..من يدري...؟