لن أخوض في فصول الدستور، فلستُ مؤهلًا لإسداء النصح،لاسيما والرئيس مختصٌّ وله مايغني من مستشارين وخبراء...لكن فقط ننبّه رئيس الدولة، السيد المحترم قيس سعيد، أن البلاد مهتزّةٌ تتقاذفها الأمواج، وحتمًا تحتاج هيكلا سياسيا كبيرا..حزب او ما يشبه الحزب!! إن هذه القناعة يشاركني فيها عشرات الألوف من المثقفين و النشطاء الوطنيين، الذين يناصرون الرئيس ويحترمونه ويحرّضونه على المبادرة بتأسيس هذا "الحزب"(الى درجة أن فيهم من بادروا من تلقاء انفسهم بإسم الرئيس !!..وهي قضية معلومة!.. وفي هذا اكبر دليل على الفراغ الذي تأباه الطبيعة كما قال الحكماء الاقدمون..).. يا سيادة الرئيس قيس سعيد: هل يعقل ان تكتفي بدور الخادم الذي يفرش الزرابي لغيره من "رؤساء الاحزاب" الذين اضرّت نزاعاتهم وصراعاتهم بالبلادِ كثيرا،وصاروا اشبه شيء بلاعبي "النوفي"ورؤوسنا هي رهاناتهم! يعدّونها كما تعَدّ رؤوس الاغنام !!.. لستُ ادري، هل انّك لا تدري ام نسيتَ يا سيادة الرئيس، ان ناخبيك يوم فوزك ابتهجوا واحتفلوا، فكانت الزغاريد والدفوف ومنبّهات السيارات في ما يشبه العرس والمهرجان. ثم تشكّلت مبادرات شعبية للتنظيف والترميم والتزويق...فهل يعقل تتخلى عنهم ليباعوا في سوق النخاسة "الانتخابية"؟ [ومن ناحية ثانية: هل من المعقول ترك البلاد كما هي الآن تتخبط بشكل أبدي في صراع حزيبات !!؟؟..أليس من اسمى واجباتك التاريخية أن توظّف رمزية نقائِك و نُبلِك وكفاءتِك لتضمن للبلاد التماسك والترابط، والذي في تقديرنا يستوجب حزبًا أغلبيّا ؟!! ] حين شاركنا في الثورة، التي اردناها من اجل الخير ووحدة البلاد،لم يكن معنا هؤلاء "الزعماء" الذين فرّقوا الشعب، واليوم يتصارعون عليه فوق "زربية النوفي" التي انت تفرشها وتحرسها لهم..يعلّلون انفسهم بالفوز برقابنا في قادم الإنتخابات رغم بُعد موعدها..!! فهل هذا معقول،أم نامتْ نواطيرُ تونس عن ثعالبها ؟؟ (( اسمح لي يا سيادة الرئيس حين أقول لك : إن انت اقسمتَ على عدم تكوين حزب ، فكفّارة الحِنثِ صيام ثلاثة ايام !..و عموما الضرورات تبيح المحظورات..لقد كُتب عليكم القتال الذي هو كره لكم، وعسى ان تكرهوا شيئا وفيه خير كثير لكم ...))... وفي الختام ارجو مطالعة هذه العيّنة المختارة من المقالات الصحفية العديدة التي كتبتها دعما لكم منذ 2013 ،وهي منشورة ايضا بالانترنات: • الصريح،المجالس المحلية والحزبية الحميدة. •. الشروق،مستقبل السياسة في تونس. •. الصريح،قيس سعيد وعدم لزوم مايلزم •. الصريح،هل بقي بهذا البرلمان من أمان؟ .............................. نهيب بكل من اقتنع بهذه الرسالة ان ينشرها !... لقد اثبتت السنوات العجاف التي اعقبت الثورة في بلادنا (او حتى في غيرنا من البلدان المنكوبة او التي في طور التكوين..)أنه لا مناص من الحزب الشعبي الأغلبي،فهذا اهميّتُه تفوقُ اهميّةَ الدولة ذاتها، بديل أن الشعب المتحد يصنعُ دولتَه،بينما الدولة لا تستطيع فرض إتحاد شعبها المتفرّق،اللّهم بصفةضرفية مؤقتة.فالمجتمع البشري ليس قطيع دواجن يُحكم بالوسائل المادية فحسب،وإنما بالوسائل المعنوية: الروحية والفكرية والذوقية..الخ.. وطبعا نفوذُ الدولة مقتصَرٌ على الجسد وليس على "الروح"،وهنا بالضبط يأتي دور الحزب كعنصر ضروري ومكمّل للدولة!به نجمع بين طاقة الروح وطاقة الجسد. طبعا الأحزاب حين تتكاثر تؤدي دورًا معاكسًا تمامًا..فنشير هنا الى الانقلاب الذي حدث على رسالة الحزب، قديما وحديثا : فقديما، منذ قرن وما تلاه،( اعني بالأساس بلداننا العربية ..وليس..سويسرا..ولا "شكوزلومانيا") بُعثتْ الأحزابُ كوسيلة معنويّة لتوحيد همّة وإرادة الشعوب، ثم تحريرها، ثم النهوض بها. اما الآن فقد انقلبت أداةً لتمزيقِ الشعوب ونكبتها...وطبعا هذه في اغلبها حركات انتهازية وصولية متسلّقة بلا حياء،فهي مكشوفة سافرة بلا نقاب ولا خمار ولا حتى ورقة توت..(وهذه هي بالضبط التي تنطبق عليها مقولة عبد الناصر /القذافي الشهيرة«من تحزّب خان»...انظر مقالي بالصريح،الديمقراطيةالاسلامية). الشعب طبعا ليس النخبة كما تتوهم نخبة الصالونات الانتهازية الإستعلائية،بل الشعب هو الشعب حتى وإن كان جاهلًا همجيًّا !.. لكن من دون شك النخبة الصالحة تتميّز بقدرة على توحيد الشعب وتوجيهه(ففي بعض التفاسير نجد ما يشير الى أنّ كلمة "نخبة" مرادفةٌ لكلمة "أمّة" او لكلمة "السّرِي"..وكلها تقارب مصطلح "المثقف العضوي" الذي يعنيه غرامشي.. ).قال الشاعر الجاهلي:لا يصلُحُ الناسُ، فوضى لا سراةَ لهم..وقال تعالى{ ولتكنْ منكم امّةٌ يدعون الى الخير..}... نرجو لبلادنا الخير والنماء والشفاء من كل وباء.