لقد ذكرت في المقال السابق الذي كتبته على هامش صدور كتاب صديقنا صالح الحاجة (عشرون تمرة جريدية) عنوان حكاية من الحكايات العشرين التي ضمها هذا الكتاب الجديد الا وهو(نيشان من بورقيبة شغل الجريد) ولقد توقفت في هذه الحكاية الخامسة عشر عند قول بورقيبة رحمه الله وغفر له ما قدمت يداه لبطل هذه الحكاية وقد كان في وقت من الأوقات مدير انجح مدرسة في البلاد: (صحيت انت مدير ناجح اما الفضل يرجع لي انا على خاطر انت لو كان موش بورقيبة راك اعمى...انتوما الجريدية فهمت الحاصل كنتو تتولدو ما تشوفوش وانا الي داويتلكم وحررتكم من الرمد و رجعتكم عباد وقريتكم وربيتكم) اما عن سبب توقفي عند هذا القول من هذه الحكاية هو تذكري لكلام قاله في بورقيبة الذين عرفوه من قريب واكلوا معه الخبز والملح وشربوا معه الماء والحليب وهو انه مطبوع ومولع وعاشق لاهانة وإذلال الرجال في كل موقف وفي كل مقال ليظهر وحده في ثوب البطل الأوحد والفارس الفذ والزعيم المغوار الذي لا يبلغ شانه احد ولا يشق له غبار... ولقد رايت بعيني وسمعت بأذني ما اكد لي هذا الطبع فيه وهذه الجبلة الخلقية وساذكر لقراء الصريح من ذلك موقفين اثنين ثابتين لاثبات هذه الصفة او هذه المذمة الحقيقية الموقف الأول كان كلاما قاله بورقيبة في خطاب القاه في سنة من السنوات الخوالي والتونسيون يسمعون ويشاهدون على شاشة التلفزيون وهو يتحدث عن الزعيم عبد العزيز الثعالبي رحمه الله وطيب ثراه واكرم مثواه وقد كانت بينه وبين بورقية مثل كثير مثله من السياسيين خصومات ونزاعات وخلافات فقد قال فيه بورقيبة في موقف القدح والذم والاستنقاص والاهانة والتحقير انه ذهب ليخطب في ولاية من ولايات الجمهورية لكن خطابه لم يعجب الناس ولم يقنعهم فضربوه بالطماطم واطردوه حتى لا يخطب فيهم مرة اخرى وحتى يعلم جيدا انهم لا يحبون ان يروه ولا ان يسمعوه...اما عن الموقف الثاني فقد رايته وسمعته ذات يوم وهو يقول للزعيم النقابي المشهور(الحبيب عاشور) وقد حضر الى مكتبه في قصر قرطاج بعد ان خرج من السجن وكان قد قضى فيه بضع شهور: (انا الذي اخرجتك من السجن وهذا فضل مني عليك يجب ان تتذكره ولا تنساه) ولا شك ان بورقيبة يقصد بهذا الكلام اذلال واهانة واسكات الزعيم النقابي الحبيب عاشور امام الناظرين والمشاهدين حتى لا يرفع راسه مرة اخرى امام بورقيبة ولا يتكلم عن سياسته كلام المعارضين والمنتقدين...هذه وقفة مع حكاية نيشان من بورقيبة شغل الجريد الواردة في كتاب صديقنا صالح الحاجة عشرون تمرة جريدية) الجديد اردت ان اكتب عنها للقراء من باب الأمانة التاريخية ولا شك في ان كتاب صديقنا صالح الحاجة يتطلب من قارئه المزيد من التاملات ومن الوقفات في كل عبارة وفي كل جملة وفي كل سطرعساه ان يتعلم وان يفكر وان يعتبر اوليست هذه ابرز واهم غايات الحكايات بالنسبة لحاكيها وبالنسبة لقارئها في بداية وفي نهاية الامر؟؟؟