نعيش هذه الأيام الحالية ككل خريف متمتعين بلذة التمور الربانية التي انعم بها الله تعالى على البلاد التونسية ولكن صديقي صالح الحاجّة حفظه الله وسدد في الكرم والمودة خطاه اراد ان يمتعني ايضا بشيء من التمرات الأدبية اضافة الى التمور الحقيقية الربانية فارسل الي مشكورا وعلى غير موعد كتيبه الأخير الممتع (عشرون تمرة جريدية) وهو عبارة عن عشرين حكاية مروية عن اهالي الجريد الذين اشتهروا بالحكايات النادرة الطريفة المفيدة منذ زمن ومنذ عهد بعيد ولقد وجدت حقا وصدقا شيئا من اللذة ومن المتعة ومن النشوة في هذه الحكايات ولكنها لذة ومتعة ونشوة ممزوجة بشيء مثلها من الاسف والحسرة والحزن والماساة اوليست هذه المشاعرالمتناقضة والمتصادمة والمتعاقبة هي بعينها حقيقة وواقع وماهية وكنه هذه الحياة ؟ الم يقل قدماؤنا الحكماء للتعبيرعن هذه الحقيقة وعن هذا الأمر (حلو ومر حتى ينقضي العمر)؟ وكيف لا يكون الامر كذلك وانا اقرا في هذه الحكايات عن الجراح الجريدي الذي خرج من برويطة الفول؟ وكيف لا يكون الامر كذلك وانا اقرا عن المولدي الجريدي الذي يطلب لنفسه وهو حي يرزق شهادة وفاة؟ وكيف لا يكون الأمر كذلك وانا اقرا عن سي السعيد الهارب من بورقيبة؟ وكيف لا يكون الامر كذلك وانا اقرا عن بغل عم خليفة الذي لم يحترم جناب وحضرة الوزير؟ وكيف لا يكون الامر كذلك وانا اقرا عن حمة الجريدي الذي لم يحصل على تسكرة الفقر؟ وكيف لا اندهش وانا اقرا عنوان (تمرة) او حكاية (صدام حسين في توزر.)؟ فهل زار صدام حسين حقا توزر في سنة من السنين الا يبحث كل قارئ عن الجواب الصادق المبين؟ وكيف لا اعجب ولا اضحك وانا اقرا عن علاقة خالتي (كرموصة) الجريدية بالفيسبوك ؟ وكيف لا آسف الأسف المبين وتصيبني الغصة والمرارة وانا اقرا عن مرقاز الكيلاني كركارة؟ وكيف لا استمر في متابعة التمتع بتمرات حكايات هذا الكتاب الجديد وانا اقرا عنوان حكاية(نيشان) من بورقيبة شغل الجريد؟ وكيف لا اواصل التهام تمرات او حكايات الكتاب العجيبة وانا اقرا فيه عنوان حكاية (الحاج التهمي نملة بورقيبة)؟ وكيف لا ازدرد بقية التمرات او الحكايات والتهمها على عجل ودون تريث او تمهل وقد وقعت عيناي على عنوان حكاية (بوعراقية الجريدي وموريس اليهودي يسكران على حساب هيكل) فهل جاء حسنين هيكل الى تونس ودفع ثمن (سكرة) بوعراقية الجريدي وموريس اليهودي)؟ هذا ما سيعرفه قراء هذا الكتاب الذين يحبون التمور والحكايات والذين يبحثون عن المتعة ومن النشوة الحلال بانفاق ما عندهم من الدنانير او الدينارات)...فشكرا مجددا لصديقي صالح الحاجّة عن اهدائي هذه التمرات اللذيذة الشهية والذي حفظ وجمع لنا هذه الحكايات التاريخية والذي وهب نفسه للاوراق والحبر والاقلام وراى فيها خير سبيل للرقي بتونس الى اعلى مرتبة والى ارفع مقام