لا اظن ان يوما واحدا او يومان او ثلاثة ايام او اكثر من ذلك كافية للاتيان على كل او اغلب ما يمكن قوله وما يمكن كتابته عن شخصية رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام فجوانب شخصيته ثرية بل غاية في الثراء لا يشبع منها ولا يوفيها حقها كل من يروم ان يتحدث او ان يكتب عنها حتى ولو تحدث او كتب في ذلك كل صباح وكل مساء واستنادا الى هذا المنطلق وبناء على هذا الأساس فانني قد اخترت اليوم ان اتحف القراء بشيء يثبت فطنة و ذكاء رسول الله محمد خاتم الرسل والأنبياء وهذا تاكيد لما حفظناه ونحن صغار عن الشيوخ والعلماء الاخيار(ويجب لرسله الأمانة والصدق والتبليغ والفطانة) ففطانة الرسول و ذكاؤه امر ثابت اكيد لا يشك فيه او ينكره الا كل جاهل او كل مجادل سفيه عنيد من ذلك ما رواه ابن الجوزي في كتابه (الأذكياء) وهو من كبار العلماء الثقات الورعين الفضلاء فقد ذكر رحمه الله عن الحسن رضي الله عنه وارضاه ان رجلا اتى رسول الله برجل قد قتل حميما له فقال له النبي عليه الصلاة والسلام اتاخذ الدية ؟ قال لا قال افتعفو؟ قال لا قال فاذهب فاقتله فلما جاوزه الرجل قال رسول الله (ان قتله فهو مثله) قال فلحق الرجل(بفتح اللام) رجل(بضم اللام) فقال له ان رسول الله قال كذا وكذا فتركه ...قال ابن قتيبة رضي الله عنه لم يرد رسول الله انه مثله في الماثم واستيجاب النار ان قتله وكيف يريد هذا وقد اباح الله سبحانه وتعالى قتله بالقصاص ولكن كره رسول الله ان يقتص واحب له العفو فعرض تعريضا اوهمه به انه ان قتله كان مثله في الاثم ليعفو عنه وكان مراده انه يقتل نفسا كما قتل الأول نفسا فهذا قاتل وهذا قاتل فقد استويا في قاتل وقاتل الا ان الأول ظالم والآخر مقتص...) فهذا مثال ثابت في بيان ذكاء وفطنة ونباهة رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث فيه الرجل على قبول الدية او العفو بطريقة ذكية جعلت الرجل يطلق القاتل خوفا من ان يقع مثله في الخطيئة والاثم والمعصية الشيطانية والأمثلة في بيان ذكاء رسول الله وفطنته وقوة عقله الربانية كثيرة نجد ذكرها وشرحها في كتب السيرة وكتب السنة وكتب الأدب الشهيرة التي نسيها او تغافل عنها او تجاهلها اكثر الناس وخاصة منهم فئة المعلمين والمتعلمين فاضاعوا جانبا مفيدا نافعا للمسلمين يزيدهم تعلقا برسولهم محمد الصادق الأمين الذي قال في مدحه ربنا سبحانه وتعالى قولا صادقا عظيما( وانزل عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما)