"لن نسمح بنشر الأفكار المتطرفة في النمسا" هكذا كان تعليق "سوزان راب" وزيرة الاندماج النمساوية على العملية "رمسيس"، وهو اسم العملية التي أطلقتها الشرطة والاستخبارات النمساوية على الضربة الأمنية الموجهة لمقرات تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في النمسا، شارك في العملية 1000 جندي وضابط في الشرطة والاستخبارات النمساوية وبدأت في الخامسة فجرا واستمرت 3 ساعات، استهدفت على نطاق واسع مداهمة 60 مقرا تابعا لجماعة الإخوان تتراوح ما بين مقرات لجمعيات وشقق سكنية ومحال تجارية، صادرت خلالها مبالغ تقدر ب 25 مليون يورو نقدا واعتقلت 30 شخصا يشتبه في تورطهم بالانتماء إلى منظمات إرهابية والتحريض على الإرهاب ونشر الأفكار المتطرفة والمعادية للدولة وغسيل الأموال. تأتي هذه المداهمات بعد أيام من عملية إرهابية قام بها مسلم نمساوي من جذور ألبانية استهدف خلالها المارة في عدة مواقع مختلفة في مدينة فيينا، تلت تلك العملية عدة عمليات إرهابية انتقامية أعقبت ذبح مدرس التاريخ الفرنسي "صمويل باتي" واغتيال ثلاثة فرنسيين في مقر كنيسة مدينة نيس، على خلفية التحريض الإعلامي الواسع الذي قاده الرئيس التركي "رجب إردوجان" وجماعة الإخوان المسلمين خلال عرض رسوم كاريكاتورية تناولت الرسول في فرنسا. غير أن العملية "رمسيس" لم تكن بمثابة رد فعل مباشر على سلسلة العمليات الإرهابية في أوربا مؤخرا، وإنما أتت في سياق اهتمام الحكومة النمساوية بمكافحة نشاط الجمعيات الإخوانية المحرضة على الإرهاب في صفوف اللاجئين وجالية المسلمين النمساويين، ففي فيفري 2019 أصدرت الحكومة النمساوية قانونا يحظر رموز جماعة الإخوان وعددا من رموز التنظيمات الإرهابية الأخرى، وقد صدر القانون استنادا إلى دراسة نشرت عام 2017 قام بها مركز مكافحة التطرف بجامعة جورج واشنطن بالاشتراك مع جامعة النمسا والاستخبارات النمساوية، أوضحت الدراسة أن جماعة الإخوان لم تتخل عن العنف كما تعلن قياداتها، وأن العنف لايزال خيارا استراتيجيا للجماعة تغلفه بتفسير ديني. وفي سبتمبر 2020 قررت حكومة مقاطعة النمسا العليا شمالي البلاد وقف جميع أشكال التمويل للجمعيات التابعة لتنظيم الإخوان وغيرها من منظمات الإسلام السياسي، وتشكيل لجنة خبراء لرصد تحركاتها واتصالات قياداتها وهياكلها التنظيمية. كان تصريح وزيرة الاندماج "سوزان راب" حاسما في إشارته إلى ضرورة محاربة ايديولوجيا جماعة الإخوان المتطرفة إذ أضافت: "بهذه الضربة الموجهة للإخوان المسلمين نثبت أننا جادون في محاربة الأيديولوجيات المتطرفة والراديكالية". ومن الواضح أن العملية "رمسيس" لن تكون الأخيرة في سياق صحوة الحكومات الأوربية المتأخرة من أجل حماية مواطنيها ليس من فوهات رشاشات وقنابل الإرهابيين فقط، وإنما في مواجهة الآلة الجهنمية الإسلاماوية التي تستخدمها جماعات مثل الإخوان المسلمين في صناعة الإرهاب والتحريض الدائم عليه، إذ أعلنت الحكومة النمساوية أيضا تعزيز أدوات تسمح بحل الجمعيات الإسلامية وإغلاق المساجد في حال إثبات وجود تطرف وبوقف المساعدات الاجتماعية عن أي أشخاص يثبت عليهم ذلك، وكذلك بأن يُجرد من الجنسية النمساوية الأشخاص الذين يدانون بتهمة الإرهاب ويحملون جنسية دولة أخرى.