يعقد اليوم المجلس الأعلى للقضاء جلسة للنظر في موضوع رفع الحصانة عن القاضي ووزير الداخلية السابق فرحات الراجحي، على خلفية ما كان أدلى به على المواقع «بالفايسبوك»، من تصريحات خطيرة، أثارت عاصفة من ردود الأفعال والآراء والاحتجاجات وفجّرت الوضع الأمني بالبلاد في المدّة الأخيرة... تصريحات الراجحي قابلتها الحكومة، ومن خلال الندوة الصحفية للوزير الأول الباجي قايد السبسبي بالاستغراب والاستنكار والتصعيد الى حدّ وصف وزير الداخلية السابق، «بالكاذب» و«الفاسق»، أما بالنسبة لوزارة الدفاع الوطني، فقد اعتبرت أن الراجحي استهدف الفريق الأول رشيد عمّار، ومسّ بتصريحاته الخطيرة، مؤسسة الجيش، وعليه، فإن القضاء سيأخذ مجراه في شأنه... ولكن، بعد الهدوء النسبي للأوضاع الأمنية، جاءت تصريحات أخرى للراجحي، ولكنّها هذه المرّة في ثوب التوضيحات التي تضمّنت اعتذارات للجنرال رشيد عمّار ولمؤسسة الجيش، وكذلك التأكيد على أنه لم يقدّم في التصريحات التي نشرت على صفحات «الفايسبوك» سوى تخمينات وتصورات وافتراضات، بناء على قراءات شخصية للوضع السياسي، ملاحظا أن ماجرى معه، يصنّف في باب المكيدة المدبّرة... فهل ستأخذ قضية الراجحي مجرى آخر، بعد أن قدّم هذه الاعتذارات للجنرال رشيد عمّار، ولمؤسسة الجيش وأوضح ملابسات تلكم التصريحات المدوّية والخطيرة؟ توانسة: حسنا فعل الراجل حين اعتذر... أمّا الشارع التونسي، ومن خلال رصدنا لبعض آراء المواطنين في خصوص اعتذارات فرحات الراجحي لما صدر عنه من تصريحات خطيرة في الآونة الأخيرة، تبيّن أنّ هناك شبه اجماع، على كون الراجحي اعترف بخطئه، وطلب السماح، وبالتالي فإن من اعترف بالذنب لاذنب عليه... محمد صالح (موظف) التقيناه وهو بصدد تصفح عناوين الجرائد بأحد الأكشاك في العاصمة، قال صراحة، انه تقبّل اعتذارات وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي، بكل ارتياح، لأن الوضع الأمني والسياسي في البلاد في حاجة الى كل ما من شأنه أن يساهم في التهدئة، وفي اعادة الطمأنينة الى نفوس المواطنين الذين ينشدون الأمن، بعدما عاشته البلاد مؤخرا، من اضطرابات وانفلات أمني استوجب عودة فرض حظر الجولان بمنطقة تونس الكبرى... من جهته، اعتبر محمد بن ناجي (سائق تاكسي)، انه بالرغم من ان فرحات الراجحي قد أخطأ حين فجّر تلك التصريحات الخطيرة، في ظرف دقيق وتوقيت حسّاس، تمر بهما البلاد، فالإعتذار الذي قدّمه للجنرال عمّار ، يفترض أن يؤخذ بعين الاعتبار من وزارة الدفاع الوطني، خصوصا وأن الشعب يتوسم دائما وأبدا كل الخير في مؤسسة الجيش وقياداتها، بعدما قامت ومازالت تقوم به، من حماية للمواطنين وللممتلكات العامة والخاصة، والذود عن حرمة الوطن الذي باتت تتهده المخاطر في الداخل والخارج لاسيما مع التطورات على الحدود التونسية الليبية... أمّا جمال وصديقته عبير (وهما طالبانّ) فقد ذكرا أن العفو من شيم الكبار، وما ينتظره الكثير من التوانسة ممن علموا باعتذارات فرحات للجنرال رشيد عمّار، هو أن تقبل مؤسسة الجيش الإعتذار، وتطوي الصفحة، وأن ينصرف جميع من يهمّهم مصلحة البلاد، الى الملفات الحيوية، والى توفير كل الظروف الممكنة لتحقيق أهداف الثورة والإنتقال الديمقراطي... انّ أي تصعيد جديد، لايخدم المصلحة الوطنية وأمن البلاد، كما ذهب اليه أغلب الذين التقيناهم من المواطنين ويدخل موضوع رفع الحصانة عن القاضي فرحات الراجحي في هذا الإطار وهذا الباب، حسب بعض المستجوبين وبعض الأطراف الأخرى... نقابة القضاة: اعتذار زميلنا الراجحي شرّفنا في حين اعتبرت جمعية القضاة التونسيين، ان التصريحات التي كان فجّرها القاضي ووزير الداخلية السابق فرحات الراجحي، تدخل في باب حرية التعبير، ومن ثمّة جاءت دعوتها الى عدم رفع الحصانة عنه ومقاضاته، مقابل ردّ وزارة الدفاع الوطني بأن الحصانة لاتعني ارتكاب التجاوزات والتفصي من المسؤولية والمساءلة والمحاسبة، نجد أن لنقابة القضاة التونسيين، موقفا آخر... ففي تصريح خاطف ل «الصريح»، أكدت القاضية روضة العبيدي، الناطق الرسمي باسم النقابة، ان نقابة القضاة تعتبر ان القانون يعلو ولايعلى عليه، لكن في خصوص رفع الحصانة عن القاضي فرحات الراجحي، فإن المسألة لاتستقيم وذلك لعدم توفر المجلس الأعلى للقضاء على ما يلزم من الضمانات التي تكفل النظر في مثل هذه الملفات... أما كيف تقرأ هذه النقابة اعتذارات القاضي فرحات الراجحي، لما صدر عنه من تصريحات خطيرة على الفايسبوك مؤخرا، فجاء على لسان الناطق الرسمي روضة العبيدي، ان الاعتذار من شيم الأسوياء، وحين قدّم الراجحي اعتذاره لمؤسسة الجيش التونسي، لم يكن من منطلق الضغوطات برفع الحصانة، وانما من منطلق أخلاقي، واصفة مافعله بالموقف المشرّف للأسرة القضائية، اضافة الى أن الاعتراف بالذنب فضيلة. الأستاذ لزهر العكرمي: الراجحي اختار التسوية وليس التصعيد الأستاذ الأزهر العكرمي رئيس مركز المواطنة لتنمية المسارات الديمقراطية، اكد من جهته ل «الصريح» بأن اعتذار الراجحي يعدّ خطوة ايجابية في اتجاه خيار التسوية وليس التصعيد في المرحلة الانتقالية الحساسة التي تمرّ بها بلادنا. وأضاف أن البحث عن التسوية و«تطييب الخواطر» هو من أجل المصلحة الوطنية، أمنيا وسياسيا واقتصاديا، وذلك مافعله فرحات الراجحي الذي وان مارس النميمة، فكان ماكان من وراء كيفية تحويلها الى مادة «فايسبوكية» متفجّرة، فهو قدّم الإعتذار على ذلك. ويختم الأستاذ لزهر العكرمي بالقول أن من اعترف بالذنب فلاذنب عليه...