نقول في أول الجواب أن جميع الأدلة او على الأقل اصح واصدق الأدلة النقلية تثبت ان عيسى عليه السلام لم يتزوج النساء وليس في ذلك لدى المحققين ريب او مراء فاذا رجعنا الى انجيل متى فاننا نقرا ان عيسى المسيح عليه السلام قد ظهر مع امه مريم العذراء القديسة واخوته اكثر من مرة وقال واحد يوما هو ذا امك واخوتك واقفون خارجا طالبين ان يكلموك (انجيل متى12/47) ولم يذكر نطقا ان له زوجة مطلقا وعند الصليب سلم المسيح امه كما قيل لرعاية تلميذه الحبيب الى قلبه يوحنا (يا امراة هو ذا ابنك ثم قال للتلميذ هو ذا امك ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته (انجيل يوحنا 19/27) وللمرء ان يتساءل اذا كانت للمسيح زوجة واولاد فلماذا لم يوص بهم ولم يسلمهم ليوحنا او غيره ليكونوا تحت رعايته اورعاية امه؟ ونثني في الجواب فنذكر قول الشيخ العلامة المفسر الكبير الطاهر بن عاشور صاحب تفسير التحرير والتنوير في هذه المسالة( واما ترك المسيح عليه السلام التزوج فلعله لعارض اخر امره الله به لاجله) فقول الشيخ ابن عاشور قد افادنا بشيئين وهما جزمه بن المسيح لم يتزوج وبان هناك عارضا دعاه الى ترك الزواج ولئن كان شيخنا العلامة قد ترك الخوض والتفكير في هذا العارض فاني حاولت وسعيت الى البحث عنه في الكتب والعقول واستعنت على ذلك بالاهي وربي فوجدت الأستاذ محمود شلبي يقول (فالسر الأعظم ان النسبة الروحية في عيسى اضخم من المعتادة في الناس فغلبت فيه صفات الروح على صفات الجسد فجاء وفيه صفات اعلى نوع من الأرواح الذي يفعل ما يشاء باذن الله وهذا هو سر الطلسم في عيسى عليه السلام فهو يحي الموتى ويمشي على الماء ويمشي في الهواء ويخلق من الطين كهيئة الطير ويبرئ اللأكمه والأبرص بمجرد اللمس ولا يحتاج الى طعام او شراب لان الروح لا تطعم ولا تشرب فكيف بنفخة روح القدس وهو اخذ من مرتبته وهو يستطيع ان يتمثل فيما شاء من الهيئات والصور لان هذا من صفات الأرواح وقد ثبت عنه هذا في اكثر من موضع وان هيئته كانت تتغير الى هيئة اخرى وهو ينبئهم بما ياكلون وما يدخرون وهذه صفة من صفات الأرواح تعلم من الغيوب الى مسافات بعيدة في المكان والزمان فجاء جسده مجرد غلاف لطيف تتستر به روحه العلوية القدسية)... كما وجدت الأستاذ احمد بهجت يقول (زادت دهشة مريم قبل ان تحمل بالمسيح في بطنها فهي تعرف اسمه وتعرف انه سيكون وجيها عند الله وعند الناس وتعرف انه سيكلم الناس وهو طفل وهو كبير وقد رأت الروح الأمين يرفع يده ويدفع الهواء في اتجاه مريم وجاءت نفخة الهواء بنور لم تره مريم من قبل وكان حملها يختلف عن النساء لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا احست شيئا زاد عليها ولا انتفخ بطنها كالنساء...) اذن الا تكفينا هذان الفقرتان لنستنتج ان نسبة الروح في عيسى عليه السلام قد فاقت نسبة المادة والطين بجزء عظيم كبير وهل ان رجلا بمثل هذا الخلق وهذه الطبيعة وهذه التركيبة الفريدة يشتهي او حتى يفكر في علاقة زوجية؟ انني ارى انه ليس هناك امراة على وجه الأرض يمكن ان يشتهيها عيسى عليه السلام روح الله لا في اليقظة ولا في المنام ولو اراد الله تعالى تزويجه لخلق له امراة تشبهه في الطبيعة و الخلقة والصورة والتركيب فكيف نصدق من يدعون انهم وجدوا نصوصا تاريخية تثبت ان المسيح عليه السلام كان على علاقة بامراة عادية بل اقل من العادية تسمى مارية المجدلية؟ انه لقول يبعث حقا على التهكم والسخرية والاستهزاء ولا تصدقه الا العقول الضعيفة الغبية البلهاء.. ثم اننا لسنا ندري كيف وجد السيد المسيح عليه السلام وقتا كافيا يجعله يفكر حقا في الزواج وتكوين اسرة وإنجاب عيال للمتعة والاستقرار كبقية الناس اجمعين وهو الذي رفع على اشهر الأقوال في سن الثلاثين.؟ فهل بقي لدى العقلاء شك او جدال في ان عيسى المسيح عليه السلام لم يفكر في الارتباط ولا في الزواج باي امرأة ولا في انجاب الذرية ولا الأولاد ولا العيال لا لشيء الا لان الله قد خلقه بصفة مخالفة للصفة التي خلق بها بقية البشر افليس من المنطقي ان يخالفهم ايضا في جميع احوالهم واطوارهم الحياتية كالزواج وانجاب البنين والبنات يا اهل الفكر ويا اهل التدبر ويا اهل النظر؟