أقول في بداية هذه المقالة التي سأكتبها بصراحة بعيدة عن كل مجاملة انني قرأت في ركن فنون الصريح ما يلي (الفنان الكبير زياد غرسة يبكي على تونس في اغنيته الجديدة (اسمعوا واحكموا) وها انني سأستجيب لدعوة الصريح و سأحكم على هذه الأغنية الجديدة بلسان عربي مبين فصيح وساقول دون مجاملة ان هذه الاغنية الجديدة ليس فيها عندي وفي مقاييس نظري أي نوع من الإبداع وأي مثقال ذرة من الإمتاع الواضح الساطع المبين الذي يليق بقيمة ومكانة وتاريخ الفنان زياد غرسة والذي عرفناه فنانا اصيلا منذ ما يزيد وما يربو عن ربع قرن من السنين…. بل انني ارى ان هذه الأغنية الجديدة هي أكثر من عادية.. ولا يمكنها أن ترتفع ابدا الى مستوى الاغاني الراقية التي يرنو إليها زياد وكل موسيقي مثله وكل فنان ولنبدأ في تفصيل ما نقول بالنظر في كلماتها التي أراد بها صاحبها أن تؤثر في النفوس وان تقنع العقول فهي كلمات عادية لا ترتقي أبدا الى مستوى النبوغ والعظمة في التعبير وفي الشاعرية فهل من العبقرية الشعرية أن تتضمن هذه الأغنية (جملة غليتو عليه السوم؟ فهل هذه الجملة تنتمي الى مجال قاموس الاقتصاد ام تنتمي الى مجال ما يفترض في الشعر من رفيع ومن بليغ الكلام؟ وهل كلمات مثل زغاروا وما لقاهاش والماكينة ويرحي والمهراس كلمات تليق بأغنية يريد صاحبها أن تكون من النوع الذي يطرب ويجلب ويعجب الناس؟ أما عن اللحن الذي اختاره لها صاحبها فهو من النوع العادي والمألوف الذي لا نظن أنه يمكن إدراجه في نوعية الألحان التي يعتبرها الناس غذاء للأرواح وسمو بجواهر النفوس أما عن الكليب الذي اختاره صاحبها لاصطحاب أغنيته الخالية من كل عناصر الإبداع والإمتاع من حيث اللحن والكلمات فهو ايضا ضعيف بل اضعف من الأغنية نفسها اذا اراد له صاحبه أن يكون معينا على افهام وترسيخ ما اراد تبليغه للناس من المعاني والإيحاءات وهل ان صور نساء عاملات بصبر وتفان وايمان لا تبدو عليهن اي علامات الحيرة أو النقمة او الحرمان وهن في أراض فلاحية تونسية جميلة زاهية مختلفة الألوان تدل حقا على أن حال بلادنا التونسية محير بصفة واضحة جلية ثابتة أكيدة كما أراد أن يبالغ في التعبير عن ذلك صاحب هذه الأغنية الجديدة؟ ولكم اود ان اختم هذه المقالة الصريحة التي لم اعتمد فيها كما تعود ذلك الكثير من النقاد الفنيين المتأخرين المتسرعين اسلوب «التبندير» او المجاملة لكسب ود بعض الفنانين اللامعين فانني اقول من باب الصدق والصراحة ان الفنان زياد لم يبذل مجهودا يُذكر فيُشكر والحق يجب ان يقال في هذه الأغنية الجديدة بلاشك ولا عناد ولا جدال واني اخشى كل الخشية أن يكون قد سقط هو ايضا في عالم الرداءة و«الهزان النفضان» الذي أصاب الأغنية التونسية والعربية بصفة عامة في هذه الظرف وفي هذا الزمان... أما إذا كان لزياد أو لغيره رأي آخر مخالف لرأيي في هذه الأغنية الجديدة فانني سأجيبه وسأجيبهم بذلك القول القديم الجميل الحكيم الصائب (وللناس فيما يعشقون مذاهب) أما عن مذهبي ومقياسي في الحكم على أي عمل فني بالروعة والعظمة والإبداع فهو أن يجعلني كالمجنون والمسحور الذين يتحرران بقدرة قادر من أسر المكان ومن ظرف الزمان ويحلقان في عالم آخر يعسر بل يستحيل وصفه بكلمات وجمل من قواميس عالمي الانس والجان…