شاهدنا وسمعنا خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ناتنياهو في الكونغرس وقد حضره الجميع من مجلس النواب والشيوخ وأهم ما لاحظناه جميعا هو الكمّ المهول من التصفيق والتصفيق الحارّ والحارّ جدا. وهذا التصفيق لم يكن ليّنا «فينو» كما عادة الغربيين بل كان ناريا ومع كل تصفيق يتنافس الحضور في الوقوف. ونجد ناتنياهو يدير عنقه يمنة ويسرة وكأنه يريد أن يرى من وقف ومن لم يقف ومن يصفق بأكثر حدّة من الآخر. هذا المشهد الذي لا أريد أن أصفه أكثر لأنني أريد أن أكون صحفيا مؤدبا يذكرنا ببرلمانات جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية وبرلمانات دول العالم الثالث بما في ذلك البرلمانات العربية حيث يحضر السيد المطاع ليقرأ كلمات من قبل قرّرنا وسنقرر فيهب الجميع للتصفيق الى درجة أن أحدهم «كح» فطفق الجميع يصفقون ويقولون ماشاء الله موسيقى سينفونية أسمعتم هذه الكحة (سعلة) ما أحلاها بينما يقول آخر لآخر هذه الكحة لها أبعاد ومعناها الإحساس بالمرض والتهميش هل رأيتم السيد المطاع يتواضع ويكحّ أبقاه الله لنا ذخرا للبلاد والعباد للشجر والحجر. نعود الى ناتينياهو يجب أن أعترف حقيقة بقوّته وذكائه وبدهائه أيضا فهذا الرجل وان كان رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي الا أن هذا لايعني أن لانقول فيه كلمة حق وهي استطاعته أولا اقناع الحضور بوجهة نظره حول دعواته فهو ليس كغيره من قادة اسرائيل قال لا ولا ثم لا ومرّ ولكنه أعطى حججا وبراهين للاءاته تلك وهم يجب أن يقتنعوا بها حتى وان لم يقتنعوا بالفعل!. الأمر الثاني هو أنه استطاع السيطرة على الوضع بما في ذلك أنه جعل أوباما يتراجع عن مواقفه حول الدولة الفلسطينية وهذا أمر ليس بالهيّن وهو جعل الجمهوريين والديمقراطيين خاضعين له وهذا أمر مفهوم باعتبار أن «الأيباك» هي الامبراطورية الجبّارة داخل أمريكا تقف بكل ثقلها معه وستحارب أيا كان ان أغضبه. لا أريد أن أطيل أكثر ولكنني أريد أن أعرّج على ماهو أهم وهو وضعنا العربي. نحن العرب نعيش أيام الثورات التي نجحت في تونس وفي مصروهناك ثورات أخرى مازالت وأخرى ستأتي والمطلوب الآن ترقب اثار هذه الثورات لا في الداخل فقط بل وفي الخارج أيضا وعندما أقول في الخارج أعني المواقف حول مبادئنا وقضايانا وفي مقدّمتها القضية الفلسطينية فلم يعد محتملا البقاء سكوتا ومتفرجين وكأن الأمر لايعنينا ولم يعد الأمر يحتمل مواقف من قبيل نحتج ونحتج بشدّة ونحتج جدا وندين فهذه بضاعة لم تعد تصلح والأفضل لمن مازال يستخدمها أن يلتزم الصمت أفضل له فالشعوب العربية ارتقت بحكوماتها وبمواقف حكوماتها الى الأعلى والأرقى والمطلوب حاليا مواقف واحدة بين الحكومات والشعوب وأول شرط لهذا تطليق مصطلحات من قبيل الأنظمة والموقف الرسمي في مقابل الموقف الشعبي والواقعية وضرورات المرحلة والقضايا المؤجلة وطبعا لاننسى أن ندين وأن نحتج فهي باتت مصطلحات تثير الغثيان والحرقة في المعدة. الزمن الآن هو زمن الثورات والمواقف الثورية أيضا ولم يعد هناك أي مجال لغير هذا مع أمريكا أو غير أمريكا!!