مجددا وككل عام أكتب عن مؤتمر «الأيباك» الذي يعقد في الولاياتالمتحدة والذي يحضره أهم الشخصيات الصهيونية واليهودية والأمريكية من سياسيين وعسكريين ومنظرين ومحللين. هذا المؤتمر يأخذ هذا العام طابعا خاصا وهو تزامنه مع ما صار يطلق عليه الغرب «الربيع العربي» والمقصود به الثورات العربية وهذا العام يأخذ طابعا مخصوصا فهو التصالح بين حماس وفتح وأيضا فتح «الناتو» ومن ورائه أمريكا لجبهات جديدة. أوباما سيلقي كلمة في هذا المؤتمر وكذلك ناتنياهو وستحمر الأكف بالتصفيق فالكل في أمريكا اليوم يتدرب على ان يصفق كثيرا لما سيقوله ناتنياهو وأيضا لما سيقوله أوباما الذي يحول بصره يمنة ويسرة نحو اللوبيات الصهيونية. فموعد الانتخابات اقترب والخوف كل الخوف أن لا يقنع السيد أوباما هذه اللوبيات لتساهم في الحملات الانتخابية للحزب الديمقراطي والخوف كل الخوف أن يقنع الجمهوريون اللوبي الصهيوني أكثر من الديمقراطيين فالأمر تحول إلى ما يشبه «البازار» السياسي هل هو بازار بأتم معنى الكلمة. هات يا أوباما ما عندك وماذا ستقدم لإسرائيل فإن أقنعتنا كنا معك وإن لم تقنعنا تخلينا عنك فغيرك ينتظر مجرد إشارة منا. أما العرب فهم اليوم مشغولون فالبعض يعيد بناء نظمه بعد الثورة والبعض يعيش الثورة والبعض اختلطت عنده الثورة بالتدخل الخارجي الغربي لتدجينها والبعض يتحسس كراسيه خوفا من أن ينزلق عليها جسمه الناعم الذي التصق بهذه الكراسي حتى صار جزءا منها بل صار هو نفسه كرسيا للسلطة. أوباما في تصريح مشترك مع ناتنياهو تحدث عن حق إسرائيل في أن تكون دولة يهودية وهذا مبدأ اقتنع به أم لم يقتنع به لم يعد هذا مهما بل المهم ان اللوبي الصهيوني يريد ذلك وسيناله. أما ناتنياهو فيشنف آذان الجميع بقوله لا يمكن الانسحاب إلى حدود 67 لو كانت لنا مواقف عربية صلبة وقوية لقلنا له إذن ما دمت ترفض الانسحاب إلى حدود 67 فأنسحبوا إلى حدود 48. سنسمع كلام أوباما في مؤتمر «الأيباك» وسيقر بيهودية إسرائيل وسيصف حماس بالإرهابية كما حزب الله وسيعرج على الثورات العربية ويتحدث عن حق الشعوب في الحرية لكنه سيضع استثناء واحدا وهو أنه لا حق للفلسطينيين في الحرية. قد لا يقولها صراحة ولكنه باعترافه بدولة يهودية هو قال ذلك وأكثر. أما الحلفاء في الخليج فسيجاملهم كما فعل مع البحرين فالخصوم ثورات والحلفاء تمرد وطبعا يكيل التهم جزافا لما يحدث في ليبيا وسوريا ولكنه لن يعرج إلى ما يحدث في البحرين وغير البحرين فإن كنت صديقا لأمريكا ومطيعا لها فلا ثورات وان لم تكن كذلك فهي ثورات وطبعا الثورات في البلدان الخصم تخدم المصالح الأمريكية ولنا أن نسأل ما مصير المقاومة ودعم المقاومة إن سقط النظام السوري الحالي ألم نسأل أنفسنا هذا السؤال. طبعا من حق السوريين أن يطالبوا بالحرية والديمقراطية وإنهاء سيطرة الحزب الواحد لكن ألا يجدر بنا أن نخشى استفراد إسرائيل بحزب الله وحماس. أنا هذا الأمر يؤرقني كثيرا فالمس بالمقاومة خط أحمر ولو تحولت دول الممانعة إلى دول حليفة لأمريكا فما مصير حزب الله هل نقول حينها أكل يوم أكل الثور الأبيض. نعم أنا يهمني مصير حزب الله والمقاومة في لبنان ومصير حسن نصر الله ومصير حماس والجهاد وأخشى أن يأتي اليوم الذي نرى فيه المارينز في الضاحية الجنوبية لبيروت تحت ذريعة حماية المدنيين ونرى «الناتو» يقصف مقرات حزب الله وخطوط دفاعه في الجنوب بينما نحن العرب أو جزءا منا يهلل ويصفق ليشكر الغرب لأنه يدعم قضاياه كما أخشى يوما أن حسن نصر الله يتحول بفعل «الجزيرة» و«البي بي سي» و«السي ان ان» والعربية إلى إرهابي وقاتل والغرب هو الذي سينقذنا منه. الأمر بات خطيرا جدا وما يحدث اليوم أمر معقد للغاية حيث اختلط الحابل بالنابل فما عدنا نعرف أين الحقيقة بل صار الإعلام يوجهنا كيفما شاء وما فشلت فيه إسرائيل بالحرب قد تناله بضرب بعضنا في بعض.