أيها القراء الكرام هل تعلمون كم عدد المعاقين في الجمهورية التونسية؟ ما أعرفه هو أن عددهم تجاوز المائة والعشرين ألفا! هل يعرف القراء الكرام كم تخصص الدولة التونسية في ميزانية الدولة من المال لرعاية القاصرين ودعمهم في السنة؟ وهل يوضع مقدار الدعم والرعاية للمعاقين في فصل خاص بميزانية وزارة الشؤون الاجتماعية لمناقشته من طرف النواب؟ يؤسفني ان أقول لكم: اني علمت والله أعلم ان ميزانية الدولة لا يخصص فيها فصل ولا مقدار لرعاية ودعم المعاقين.. قيل لي والله أعلم أن وزارة الشؤون الاجتماعية في العهد السابق توزع إعاناتها المحدودة لبعض جمعيات المعاقين كالغني الذي يوزع صدقاته على هذا الفقير وذاك الفقير كما يشاء. فما معنى هذا؟ ألا يعني أن المعاقين كانوا كمّا مهمشا؟ ويظهر لي أن المعاقين مازالوا وفي عهد ثورة الكرامة كمّا مهمشا ومجهولا بدليل أن عددهم الجملي مكفوفين وصمّ وقاصرين عن الحركة ومتخلفين ذهنيا ليس لهم صوت ولا من يمثلهم في اللجنة العليا لحماية الثورة وإعداد الدستور والحال أن عددهم يفوق عدد المحامين وعدد الاطباء، وعدد القضاة، وعدد عدول الاشهاد، وعدد مشتركي ومنخرطي كثير من الاحزاب. لماذا يهمّشون ولا يلتفت اليهم الا اذا أرادت السلطة أن تدق الطبول والمزامير في مواعيد سياسية أو إذا أرادت أن تثبت ببعضهم وجودا في المسابقات الرياضية الدولية؟.. (هذا في العهد السابق). لماذا يهمشون ولا يلتفت اليهم من طرف الاحزاب ومن طرف الاعلاميين ومن طرف السلطة؟ أليس لأن الجميع لا يقتربون منهم ولا يدق بابهم واحد منهم الا اذا أصيب بإعاقة؟ أليس لأن الجميع لا يشركونهم في اجتماعاتهم ولا في ندواتهم ونشاطاتهم؟ خذوا أيها القرّاء هذا المثال. يوم الخميس 26 ماي 2011 جمعية رعاية القاصرين عن الحركة العضوية بصفاقس، وجمعية البحث حول أمراض الاعصاب عند الاطفال، ومخبر الوراثة البشرية بكلية الطب، هؤلاء الثلاثة عقدوا اجتماعا بقاعة الياسمين للمؤتمرات حول (مرضى العضلات) تحدثت فيه الاستاذة الدكتورة شهناز التريكي والدكتورة فاطمة كمون، كما تحدث فيه عدد من الاطار الفني شبه الطبي وقدّموا لمرضى العضلات وأوليائهم بيانات بالكلمة والصورة حول مرض العضلات والطرق الطبية التي على ضوئها تتم رعاية المريض في المستشفى وفي الجمعيات وفي البيوت.. كما قدّمت الآنسة بسمة الفراتي بيانا مؤثرا عن حياتها مع هذا المرض منذ صغرها فكان العرض مؤثرا. لو أن وسائل الاعلام المرئية كانت مهتمة بنشاط هذه الجمعيات لكانت حضرت وقدّمت للمشاهدين والمشاهدات صورة طيبة طبية انسانية عن نشاط هذه الجمعيات في ندوتهم. أليس كذلك؟ لو أن وزارة الشؤون الاجتماعية كانت مهتمة بنشاط هذه الجميعات في نشاطها وندواتها لساهمت بالدعم المالي في هذه الندوة وما يماثلها ولم تكتف بحضور من ينوبونها.. أليس كذلك؟ لو كانت وزارة الصحة العمومية تقدر الجهود الطيبة الطبية العالمية التي تبذلها هذه الجمعيات في تثقيف المعاقين وأوليائهم لقدمت دعمها المالي بصفة دائمة لهذه الجمعيات وشجعت إطاراتها أليس كذلك؟ ما قولكم أيها القراء الكرام اذا قلت لكم: ان وزارة الصحة لا تدعم جميعات المعاقين؟ وإذا قلت لكم: إن ما تتحصل عليه الجمعيات من مساعدات مالية لبعض الجمعيات لا يكفي لتشغيل الاطارات العديدة القائمة على رعاية المعاقين في هذه الجمعيات؟ ما قولكم إذا قلت لكم: إن عددا كبيرا من الاطارات القائمة بجهود الرعاية الانسانية والتربية والتكوين في جمعيات المعاقين وأغلبهم يحملون شهادات عليا لا يتقاضى الواحد منهم جراية أعلى من جراية منظفة في مستشفى؟ (ذاك ما تقدر عليه الجمعيات حسب مداخيلها). ما قولكم اذا قلت لكم: بلغني ان الخبراء قدّروا كلفة رعاية المعاق في السنة بألفين وخمسمائة دينار، ولكن الجمعيات لا تتقاضى من الوزارة أو من الصناديق الاجتماعية الا ما دون الالف دينار عن المعاق الواحد اذا كانت الجمعية تقدم له رعاية معينة محددة ومراقبة. قد تقولون: ان الاعانات من أهل الفضل والخير تدعم صناديق الجمعيات، وأقول: هذا صحيح مع بعض الجميعات، وهذه الاعانات لا تكفي ولا تحقق المطلوب الكافي للرعاية التي ترضي، وهذه الاعانات ليست من المداخيل القارة، فقد يتخلى البعض عن الدعم فماذا تفعل الجمعية لتسد النقص؟ ما قولكم أيها القراء عندما أقول لكم: إن الولاية لا تساهم والبلديات لا تساهم وإذا وصل الى الوالي مطلب من معاق لدعمه ورعايته يرسله الوالي الى الجمعية وكأنه وضع بين يديها منحا كما يمنح جمعيات الرياضة؟ (هذا في العهد السابق). ما قولكم أيها القراء الكرام؟ أليس من الواجب الوطني الاجتماعي الانساني مصارحة السلطة عامة ووزارة الشؤون الاجتماعية وعلى رأسها الاستاذ محمد الناصر وهي تبذل الجهد الكافي للقطع مع الماضي بما فيه صدقات الطاغية المخلوع على بعض الجمعيات بمنح من ماله الخاص وحافلات وكأنها من مال والده؟ (وهو الذي سرق المليارات). ألسنا على أمل أن تعيد الوزارة للمعاقين مكانتهم وتحفظ كرامتهم وتدعم كل جمعية على قدر جهدها ونشاطها وأن تنظر الوزارة الى تقارير الجمعيات كل سنة نظرة الدرس لتبني على ضوئها ميزانية المعاقين؟ أليس من حق الجمعيات أن يكون لها في المجتمع التونسي كلمة ورأي؟ أسأل وأحب أن أفهم. أحب أن أفهم: محمد الحبيب السلامي