المصالحة بين المواطن ورجل الأمن، هي مصالحة في الشكل والمضمون أو لاتكون، ومن هذا المنطلق، فإن المشروع الذي تعكف المصالح الأمنية على دراسته، والمتمثل في مراجعة زي «البوليسية» وأعوان الداخلية، يندرج في هذا الإطار الرامي الى فتح صفحة جديدة في علاقة رجل الأمن والمواطن، ومحاولة القطع مع رواسب الماضي. وتجدر الإشارة الى أن المشروع المشار اليه، سيشمل الى جانب مراجعة زي رجل الأمن (من الحذاء الى القبّعة)، تغيير ألوان سيارات الشرطة والدوريات، ولكن هل هذا هو التغيير الذي يرتقبه رجل الشارع في رجل الأمن، والمنظومة الأمنية، أم ان المطلوب قبل كل شيء، التغيير في العقلية والتطهر من وسخ رواسب النظام السابق؟ الأستاذ محمد عبّو رأى أن تغيير الزي بالنسبة لرجل الأمن في حد ذاته، يلعب دورا بسيكولوجيا هاما، اذ أن الزي الحالي يُذكر بالبوليس الذي تحكّم فيه «بن علي» وسيّره حسب هواه وأهدافه، كما أن مراجعة زي «البوليسية»، وكذلك تغيير ألوان سيارات الشرطة، من شأنه أن يحدث تغييرا في نفسية المواطن الذي لم يتخلص بعد من صور القمع والظلم في ممارسات رجال الأمن، في أيام المخلوع، وحتى بعد المدّة الأولى للثورة. واعتبر الأستاذ محمد عبّو أن تغيير الزي المهني لرجل الأمن، يُعدّ إحدى النقاط في إجراءات السعي للقطع مع الماضي، ومن هذه النقاط الأخرى الهامة، العمل على تطبيق القوانين الواضحة عند التدخلات التي يقوم بها رجل الأمن، والحرص على عدم بقاء أي رمز من رموز الفساد في الوزارة. من جهته، أكد الأستاذ حبيب بن زايد، على أنه الى جانب ما قد تمثله النقطة المتعلقة بمراجعة زي «البوليسية» من الأهمية على المستوى البسيكولوجي لرجل الأمن من جهة، والمواطن من جهة أخرى، فإن الأهمّ من ذلك التغيير في العقلية، مشيرا الى وجود بوادر المصالحة بين الأمن ورجل الشارع، لاسيما بعد المساعي والمجهودات من المؤسسة الأمنية، لإعادة الأمن والطمأنينة في النفوس، اثرما عرفته البلاد من اضطرابات وانفلات أمني وفوضى، أدخلت الرعب والخوف والهلع لدى المواطنين. ولكن، البوليس لابدّ أن يستمدّ تدخلاته من القانون، وألا يمس من كرامة المواطن، أو أن يرتكب التجاوزات الماسة بحقوق الإنسان، ففي كل الأحوال، وبالخصوص بعد الثورة، لايكون رجل الأمن فوق القانون مهما كان. ولئن لوث نظام «بن علي» الكثير من عناصر الأسرة الأمنية، أي من رجال الشرطة وأعوان الأمن، فإن العديد من الشرفاء قاوموا فساد المخلوع، مثلما خلص اليه الأستاذ بن زايد الذي لاحظ في الأخير ان بلادنا في حاجة ماسة الى الأمن، والى تطبيق القوانين في التدخلات التي يقوم بها البوليس لإعادة الأمور الى نصابها، ولصد محاولات الإعتداء على الأملاك العامة والخاصة، وكذلك المحاولات الإجرامية لبعض المنحرفين وذوي السوابق في الإجرام، وبعض الفئات الأخرى لاتريد الأمن والاستقرار للبلاد.