طوال يوم الأحد كنت أضع يدي على قلبي خوفا من أن تنهزم اسبانيا فأخسر رهاني وأفشل في مهنتي الجديدة كعرّاف.. طوال ساعات النهار كنت أردد عبارة «ربي يستر» أما عندما بدأت المباراة فإن خوفي تضاعف.. ولما انتهت واسبانيا لم تسجّل شعرت بشيء من الدوخة وكدت أسقط على الارض.. كنت في امتحان حقيقي فهذه اول مرة في حياتي أتشجع وأقرر أن أصبح عرّافا ودائما البدايات هي التي تحدد المستقبل وأنا أحبّ أن أكون عرّافا (يده تجمّد الماء) وتوقعاته (ضربة ضربة).. لقد عشت اثناء المباراة الأخيرة ل «المونديال» لحظات عصيبة ومرهقة.. وكنت وكأني أحضر فيلما من أفلام المأسوف عليه المخرج السينمائي (الفريد هيتشكوك) الذي برع في أفلام المفاجآت المخيفة.. بل المرعبة.. وكان بحق المخرج المرعب الاول في السينما العالمية وكان يتفنن في تخويف الناس فيعملونها في سراويلهم من شدة الرعب.. أما عندما انتهت المباراة وسجلت اسبانيا الهدف وتيقنت من أنها هي التي فازت بالبطولة وبكأس العالم قفزت في الهواء ورقصت وطلبت من أم الأولاد أن تزغرد ثم أن تعلن بالصوت العالي وأمام الجيران وكل سكان الحومة أن زوجها اصبح عرّافا عالميا لا يتكهّن الا بما هو صحيح.. وبمجرد أن سجلت اسبانيا هدفها القاتل شعرت بأن رأسي تضخم وكبر وتحولت الى انسان آخر حتى أنني هرولت نحو المرآة ووقفت أمامها لأرى نفسي وماذا طرأ عليها من تغيير ففوجئت بأن كل شيء تغيّر فيّ.. لقد أصبحت (أخشن) وأطول وأعرض فسبحان مغيّر الأحوال.. كيف لا؟.. وقد حققت انتصارا عالميا فإسبانيا فازت ببطولة العالم وفي الكرة.. وأنا فزت ببطولة العالم في التنجيم.. لقد تكهنت بانتصارها وها أنها تنتصر.. فانتصرنا معا.. وربحنا معا.. وكسبنا اهتمام العالم معا.. والحمد لله.. وبعد هذا الانتصار التاريخي الكبير والعظيم عليّ أن أفكر الآن في استثمار هذا الانتصار استثمارا يعود بالنفع علي وعلى الناس فأفتح مكتبا للتكهنات وأشرع في خدمة الناس وخصوصا من يعاني منهم من يأس ما.. او احباط ما.. أو من «تعرقيل» ما.. سأفكر مليّا في الموضوع.. وأنا على يقين من أنني سأنجح نجاحا منقطع النظير في المهنة الجديدة فيهجم عليّ الحرفاء طلبا لخدماتي التي لا تقبل الجدل او النقاش فأنا عرّاف غير عادي.. ومن النوع الممتاز الذي لا يتوقع شيئا الا تحقق.. كيف لا؟.. وقد توقعت بفوز اسبانيا ففازت؟.. وبالمناسبة أحكي لكم هذه الحكاية: هناك عرّاف لبناني انتقل للسعودية للاقامة والعمل.. ولما بلغ خبره للسلطات اوقفوه وأحالوه الى المحكمة التي حكمت عليه بالاعدام فسأله أحدهم: طالما أنت عرّاف فلماذا لم تتنبأ بهذا المصير فتتجنبه.. أحنى العراف رأسه وبكى.. ولم يجد الجواب المناسب..