من العبارات التي رسخت في ذهني لأنني سمعتها كثيرا.. ولأنها ترددت على مسامعي طويلا عبارة كثيرا ما كان يرددها سي الحبيب شيخ روحه رحمه الله وهي عبارة «ملوخية بالمايونيز»! لقد كان يقول هذه العبارة في كل مرة يسمع فيها عن أمر لا يعجبه.. أو عندما يرى فيها شيئا يزعجه.. وأنا كثيرا ما أتذكر هذه العبارة هذه الأيام عندما أسمع وأرى ما يشبه العجب العجاب من خلال بعض المواد الإذاعية والتلفزية فتراني أتساءل كيف سمحوا بتقديم تلك المواد السمجة والرديئة والركيكة ونشرها على الناس.. ولكنني سرعان ما أطوي الصفحة وأقلبها وأحاول أن أنسى الموضوع تماما وأنشغل بأمر آخر لأنني حتى وإن عبرت عن رأيي في تلك المواد فإنني سوف أسمع ما لا يرضيني على اعتبار أنني تدخلت في موضوع لا يعنيني.. ثم أنهم سيقولون لي بكل جرأة «آشكون سيادتك» «وآش دخلك».. و«آش تفهم فيها».. بل سيقولون لي أكثر من ذلك بكثير مما لا يجوز أن أكتبه.. فالوقاحة أصبحت سلاحا فعالا هذه الأيام.. إذن.. ولكي أحفظ قدري لا أجد غير أسلوب «بلعان السكينة بدمها».. فأبلعها وأسكت.. وأقلب الصفحة.. وأقنع نفسي بأنني صرت أنتمي الى «القدامى» والى الذين فاتهم القطار ومن تجاوزتهم التطورات.. ولم يعودوا يملكون القدرة الذهنية على فهم هذا الزمان وجديده وإبداعه.. وقد وجدت أن أحسن طريقة كي لا أجد نفسي في مواقف محرجة هي أن لا أسمع ولا أرى تلك المواد التي تزعجني.. وتؤذيني.. وتعكر مزاجي.. وأنا أحاول بإجتهاد وقدر الجهد والطاقة أن ألتزم بهذه الطريقة غير أنني أجد نفسي في بعض الأحيان وقد تورطت بالصدفة أو بعدم الإنتباه فألعن الصدفة.. وأندم ندما شديدا لأنني سمعت أو رأيت!! إن المثل الشعبي القائل: «حديثك مع إللي ما يفهمكش ينقص من الأعمار».. حديث صحيح مائة بالمائة بدليل أنني كتبت مليون مرة في السابق عن تلك المواد الإذاعية والتلفزية التي «لا راس ولا ساس».. و«حل الصرة تلقى خيط».. والتي لا يمكنك أن تفهم أصلها وفصلها وجنسها. لقد كتبت عنها حتى جفّ قلمي و«شاح ريقي» ولكنها مصرة على أن تكون «ملوخية بالمايونيز».