عندما يخرج قائد حزب سياسي، ولو من الدرجة الدنيا، ليقول علنا وبكل صفاقة أن الثورة قامت ضد أبناء هذه الجهة أو تلك ولا بد من منعهم من المشاركة في الحكم دون أن يحرك هذا التصريح الخطير والمحرض على الفتنة ساكنا، ولما يجد مسؤول سياسي ونائب بمجلس نوا ب الشعب ووزير سابق منسوبا كبيرا من قلة الحياء ويطالب بالوقوف ضد طبقة إجتماعية معينة والتصدي لما وصفه بزحفهم على السلطة، ندرك خطورة ما آلت إليه الأوضاع في البلاد، خاصة وأن النعرات الجهوية ، التي إعتقدنا، في البداية انها وقتية وعابرة، أخذت في الأشهر الأخيرة منحى تصعيديا مرعبا بعد انحدار الشعبويين وقليلي الحياء والمحرضين على الفتنة إلى خنادق التراشق بالإنتمائية الجهوية المقيتة . إن بلادنا الصغيرة والفقيرة ليست بحاجة في هذه الفترة الحرجة من مسيرتها المتعثرة إلى المزيد من المشاكل والآفات الإجتماعية، كما ان ديمقراطيتنا الهشة غير قادرة على الصمود طويلا أمام هذا التيار التخريبي الجارف الذي يقوده أعداء الشعب والوطن على مرأى ومسمع من الجميع ودون رادع مهما كان نوعه ! لقد وجد هؤلاء الفرصة سانحة لتصعيد تحريضهم على الفتنة الجهوية والإمعان في تحريك سكين الحقد في الجرح النازف . ليس بمقدور أي حكومة، إرضاء الأحزاب والتيارات واللوبيات والجهات دفعة واحدة، خاصة إذا ما كانت رافضة ،منذ البداية، لأي نوع من المحاصصة أو التمركز، كما فعل يوسف الشاهد الذي أعلن أنه لن يسير في هذا الإتجاه ولن يرضخ للضغوطات مهما كان مصدرها . لا يعني هذا أن الأبواب مغلقة أمام التأثيرات الجانبية والترضيات والحسابات وكل أنواع الإلتفاف والمراوغة وحتى التمويه والمغالطة ، بقي أن المطالبة بأن تكون التعيينات موزعة بالتساوي على جميع الجهات ، يعد أمرا مستحيلا وغير عادل لأسباب ديمغرافية كما أن نسب الإطارات والكفاءات متفاوتة من جهة إلى أخرى ثم من ب0ستطاعته ان يثبت بالحجة والبرهان ان المسؤولين الذي يتم تعيينهم من العاصمة وصفاقس وسوسة مثلا هم من أصيلي تلك المدن؟ كان من المنتظر والمتوقع أن يواجه يوسف الشاهد تساؤلات و0حتجاجات ذات مرجعية جهوية من قبل الصائدين في مستنقعات الفتنة والمحرضين على الفوضى والإنفلات ، الذين تخلوا ،منذ اليوم الأول ،عن أدنى الإلتزامات الوطنية و0نخرطوا في التشجيع على الصدام الجهوي على خلفية " شعارات ممجوجة لم تعد تقنع أحدا،وما على رئيس الحكومة إلا الإستعداد لمواجهة هذه النعرات الخطيرة بحزم حتى لا تتفاقم ويزداد خطرها ويجد مضرموها المجال فسيحا أمامهم لمواصلة التحريض والإستفزاز والنفخ في جمرات الفتنة.