الحديث عن حمادي بوصبيع هو كما النهل من ينابيع الوطنية الخالصة، فالرجل يمثل صورة ناصعة لنموذج نادر من الرجال الذين أخلصوا لمبادئهم وقناعاتهم ، وعاهدوا الله والوطن على الوفاء والعمل والمثابرة وتكريس المبادئ والقيم الإنسانية الرفيعة ، وليس من غريب الصدف أن يكون ناجحا في جميع المسارات التي إنتهجها ، مهنية كانت أم رياضية و0جتماعية .عرفته أوساط رجال الأعمال شخصية مؤثرة وفاعلة لا تلين له قناة ولا تفتر عزيمة، واسع الأفق ، ثابت الخطوات، سديد الرأي ، حسن النصيحة ، سليم التوجه ، دقيق في اختياراته وصائب في مبادراته، فكانوا يلجؤون إليه للإستئناس بنصائحه الثمينة ، فلا يبخل عليهم حتى وإن كانوا من دائرة منافسيه المهنيين. يعرف القاصي والداني أنه سليل مدرسة الراحل الهادي نويرة وساهم معه في تأسيس المنظومة المصرفية في بلادنا وتطويرها ، وكان سندا قويا وثابتا له في إنقاذ البلاد بعد الإنهيار الذي شهده الإقتصاد الوطني نتيجة تجربة التعاضد الفاشلة ، كما كان إلى جانبه في مساعيه الموفقة لإعادة هيكلة البنية الإقتصادية المتهالكة وتحريرها من الأنماط التي كبلتها وبعث النواة الأساسية لصناعة وطنية متنوعة الإختصاصات. كان حمادي بوصبيع ، رجل الخفاء، في سياسة الهادي نويرة خلال ما يقرب عن عشريتين من الزمن مثلتا مرحلة من الإزدهار على جميع المستويات بالرغم من بعض الفواصل العابرة. وكما كان الهادي نويرة رياضيا أصيلا ومتشبعا بالقيم العليا للرياضة فإن حمادي بوصبيع كان رديفا له في هذا المجال ، وأعطى للرياضة التونسية الكثير من جهده وعرقه وماله، وبالرغم من عشقه الأسطوري لجمعية النادي الإفريقي ، وحرصه الشديد على أن يكون إلى جانبها دوما كمحب ونصير ومدعم ، فالجميع يشهد على أنه لم يبخل على الجمعيات الأخرى ، حتى المنافسة تقليديا لجمعيته ، بالمساعدة والدعم ، الشيء الذي بوأه مكانة علية في قلوب جماهير الرياضة بمختلف إنتماءاتها. أما على المستوى الإجتماعي فللرجل مآثر عديدة وفضائل متنوعة ومبادرات خيرية لا تحصى ولا تعد ، ولكنه حريص حرصا شديدا على أن تبقى في الخفاء. يشهد كل الذين عرفوه وخبروه أنه شديد الإخلاص والوفاء،، ومجبول على الكرم وفعل الخير ودعم كل ما هو صالح ومفيد للبلاد والعباد ، كل ذلك بروح من التواضع عالية. مازال سي حمادي محافظا على علاقاته الشعبية المتنوعة ، ويتردد ب0ستمرار على الأماكن التي تمثل جانبا هاما من ذاكرته الشخصية، مازال إلى يوم الناس هذا شديد التعلق بباب الجديد في العاصمة ، أين يرتاد كل يوم سبت صباحا مجلسا يجمع عدة أصدقاء أمثال شيخ المدينة الأسبق محمد علي بوليمان والمحامي المعروف والرئيس الأسبق للنادي الإفريقي الذي أنتخب ديمقراطيا في سابقة لم تشهدها الجمعيات الرياضية في العهدين السابقين ، المنجي الزغلامي ، وغيرهما. هكذا هي أهم ملامح هذه الشخصية الفذة التي طبعت المجال المصرفي والرياضي والإجتماعي بطابع الجدية النزاهة والسمو.