بدا جليا وواضحا أن أصل الأزمة الخانقة التي تعيش الساحة السياسية على إيقاعها المرير ، هي ، إنعدام الكفاءة والتجربة الضروريتين لدى أغلب المسؤولين ، سواء على رأس الوزارات أو في بقية مراكز القرار العليا فليس من الممكن أن تقوم بالتغييرات والإصلاحات اللازمة في ظل غياب الكفاءات القادرة على إنجازاها وبالرغم من أن الأزمة في البلاد قد بلغت ذروتها المأساوية فإن العديد من الماسكين بزمام الأمور مازالوا مصرين على رفض عودة الكفاءات الوطنية إلى سالف نشاطتها وإضافاتها . فلو تم الإستنجاد بهذه الكفاءات لما سقطت الحكومات السبع المتتالية خلال ست سنوات في تلك الأخطاء الفادحة ، كالتعيينات " الزبائنية" والمعالجة الخاطئة للأزمات المستفحلة ومهادنة المنحرفين والإرهابيين بذريعة صيانة حقوق الإنسان ، والفشل في مكافحة التحيل والتهريب غيرها من المسائل التي تقض مضاجع المواطنين . . إن الصراعات المضطرمة في الساحة السياسية الموبوءة بالعنتريات والحسابات المصلحية والأجندات الداخلية والخارجية المشبوهة ، كافية وزيادة لتعطيل مؤسسات الدولة وإغراق البلاد في أزمات إستغلها الإرهابيون لتصعيد مخاطرهم وضرب الوطن في صميم رموزه وقطاعاته الحيوية ، كان من المفروض أن تكون المخاطر المحدقة بالبلاد مبعث روح من التضامن بين كل التونسيين ، ومنطلق مصالحة وطنية شاملة تعيد الحقوق إلى أصحابها وتفتح أبواب المساهمة الفاعلة في الاصلاح والإنقاذ أمام كل القوى الحية والكفاءات الوطنية .لكن الكثيرين من الذين ركبوا سروج الأحداث يرفضون ذلك ويدفعون إلى مزيد تأزيم الأوضاع لأنهم لا يستطيعون التموقع إلا في مياه المستنقعات الآسنة