عندما تنفي الحكومة السورية وبشدة أن تكون أجهزتها الامنية هي التي ارتكبت مجزرة بلدة «الحولة» المروّعة التي راح ضحيتها أكثر من مائة شخص بينهم عشرات الأطفال والنساء فإن ذلك لا يمكن أن يعني إلا أحد احتمالين: * اما أن نظام بشار الأسد مجرم وكاذب... * أو أن زمام الأمور على الساحة السورية لم يعد بالكامل بيد النظام السوري وأنّ هذا النظام بدأ يتحول تدريجيا إلى «لاعب ثانوي» في مشهد الأزمة السورية.. ودون أن يعني تبرئته أو نفي تورطه في جريمة بلدة «الحولة» فإن المتابع للتطورات الدرامية المتلاحقة لانتفاضة الشعب السوري الشجاع ضد الديكتاتورية يجد نفسه يميل أكثر إلى الاحتمال الثاني الذي مفاده أن حدوث مثل هذه المجزرة الارهابية الرهيبة في حق المدنيين السوريين ربما يكون مؤشرا قويا على أن أجهزة نظام بشار الأسد الأمنية والعسكرية والسياسية قد «تجاوزتها الأحداث».. وأن «أطرافا» أخرى محلية واقليمية هي التي باتت «فاعلة» ومؤثرة أمنيا وسياسيا في «المشهد السوري». والواقع أنه وفيما يتعلق بمجرزة «الحولة» تحديدا لم يعد بامكان النظام السوري الدموي هذه المرة أن يقنع الرأي العام العربي والدولي بأن من يقف وراء مثل هذه الجرائم الفظيعة في حق أبناء الشعب السوري «مجموعات ارهابية مسلحة متمردة» لأن جرائم فظيعة ومروعة من هذا «النوع» لا يمكن أن يقدم على ارتكابها إلا «طرف» يكون اما قد تورط إلى الأذقان في مستنقع الجريمة وقرر بالتالي أن يجرب «حل» الهروب إلى الأمام... أو أجهزة «جهة ما» من مصلحتها مزيد تأزيم الوضع الأمني وزعزعة الاستقرار في سوريا وفي المنطقة... وفي كلا الحالتين لا يمكن أن يكون مرتكب مجزرة «الحولة» الرهيبة إلا النظام السوري القمعي نفسه أو ربما وبصفة أو بأخرى أحد «اللاعبين» الاقليميين من الداخلين على خط «الأزمة السورية».. ومهما يكن من أمر وسواء ثبت أن الفاعل هو نظام بشار الأسد الدموي أو لم يثبت فإن موجة الاستنكار الغربية لهذه الجريمة البشعة وقرارات طرد ممثلي البعثات الدبلوماسية السورية من بعض العواصم العالمية التي اتخذتها أمس بعض الدول الأوروبية لا يمكن ن تحجب مسؤولية المجتمع الدولي نفسه وتقصيره في دعم الشعب السوري الشجاع المنتفض من أجل القطع مع نظام ديكتاتوري دموي معاد للحريات ولحقوق الانسان.. أما السؤال الذي سيبقى مطروحا من قبل ومن بعد فهو ذاك الذي مفاده: سوريا إلى أين؟!