تعيش الساحة السياسية على إيقاع تناقضات مثيرة وغريبة في كافة المجالات دون إستثناء، مما يزيد في التأكيد على أنها تعاني من الإرتباك الشديد حيث تتقاطع القيم والمبادئ المعلنة والمروج لها مع الممارسات الخاطئة على أرض الواقع، وقد أخذ هذا الإرتباك أبعادا درامية في الأيام الأخيرة. فإذا ما نظرنا إلى المشهد العام من زاوية الأشكال والمظاهر والديكور نجد أننا نظريا على الأقل، في المسلك الديمقراطي السليم، فرئيس الجمهورية منتخب مباشرة من قبل الشعب عبر إقتراع شهد العالم بنزاهته، وذلك أول مرة في تاريخ البلاد، والبرلمان ( مجلس نواب الشعب) منتخب هو الآخر بالطريقة ذاتها ولو إن النظام الإنتخابي الذي تم إعتماده غير ملائم بالمرة لأوضاعنا ، وتوجد معارضة حقيقية ب0ستطاعتها أن تلعب دور المراقب الجدي للسلطة ومؤسساتها، وحكومة وحدة وطنية مسؤولة أمام الشعب عن كل السياسات التي تنتهجها وتطبقها كما هو الحال في الأنظمة ذات الديمقراطيات العريقة والمتجذرة. هذا على مستوى الظاهر من المشهد لكن هل أصبحنا فعلا دولة ديمقراطية على مستوى الممارسة؟ هذا هو السؤال الذي يجب طرحه والإجابة عنه بكل موضوعية بعيدا عن تبني الشعارات البراقة التي لم تعد تقنع أحدا . من المؤسف الإعتراف بأننا لم نجن من الديمقراطية إلا مظاهرها وأشكالها أما قيمها ومبادئها فما زلنا بعيدين عنها أشواطا.