رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كأس تونس لكرة اليد: برنامج مقابلات المؤجلة للدور ربع النهائي    الاعتداء على سائق 'تاكسي' وبتر أصابعه: معطيات جديدة تفنّد رواية 'البراكاج'    4 جرحى في اصطدام بين سيارتين بهذه المنطقة..    إطلاق النار على سكّان منزل في زرمدين: القبض على المتّهم الثاني    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراعات الغرب الأخيرة بين الإخفاق والمقاومة(2) : د الطيب بيتي العلوي
نشر في الفجر نيوز يوم 21 - 05 - 2010

إخفاق تغريب العالم ليس إخفاقا للشعوب المتخلفة،إنه على وجه التحديد إخفاق الغرب وسقوطه النهائي ،ويعني بالخصوص،اخفاق ادعائه للعالمية،والاستمراررية الأبدية والمعصومية ،التي هي مأساوية وبشاعة أوضاع فترة ما بعد الإستعمارالكولونيالي، بتدميرالهويات الثقافية للشعوب ودفعها إلىالتقليد الأعمى السخيف إلى الحد الأقصى،وتهديدها المستمربالخضوع أوالحروب - الأثروبولوجي "سيرج لاتوش"من كتابه -تغريب العالم Serge Latouche – L'occidentalisation du Monde
نهاية الفكرالغربي أم نهاية الغرب؟
جميع فلسفات الغرب لها-في مسارها التاريخي الطويل-مؤسسوها ومدارسها واتجاهاتها وأتباعها من داخل الأنظومة الغربية ومن خارجها،وسيظل الغرب بسطوته الفكرية منذ الأغارقة إلىالغرب المعاصر، يبحث عن المسوغات لوضع الصياغات المتجددة والمتناقضة"للإنسان السقراطي العاقل"المبنية على حطام ركام الحيوان الإنساني"لما قبل التاريخ"بمفهوم الحضارات الروحية الشرقية،ذلك الإنسان الذي اعتقدت أمهات البشرية الثلاثةالأولى:الإغريقية والتوراتية والرومانية ،أنها وأدته"ليبدأ الغرب "التأريخ" والتأسيس للإنسان الكوني الجديد،على هدي وتوجيه وانتقائية"تاريخانية الغرب"المركزية،-بتقبيرتواريخ الأمم الأخرى"الدونية"-،مما أثارامتعاض واستغراب فلاسفة من داخل الغرب نفسه مثل"نتشه"الذي اعتبرأن"انشقاق سقراط "كان أول خطايا الغرب في سوء التوجيه البشري،والذي يمثل أول"بداية الإنحطاط الغربي"–حسب نتشه-وكان فسلة انحراف الغرب عن مسار"نقاءفطرة الإنسان"المتعارف عليها في حضارات الشرق القديمة، ودياناته ،وحضارات شعوب الأمريكيتين وإفريقيا والشعوب البائدة التي تم إسقاط ذكرها في التاريخ الغربي وفلسفاته وأصبحت نسيا منسيا
الغرب بلاد المساء:"هيدغر"(1):
إن استحداث الفلسفات الجديدة البراقة،واختلاق الأطروحات المصادمة عند حلول كل مساء–على حد تعبير"هيدغر"،لضرورة جوهرية من صلب الفكر الغربي-،كما أنها من مكونات إخفاقه أيضا-كلما تأزم هذاالغرب مع نفسه وفقد رشده،وتزعزعت ثقته بعدم تلاؤم قيمه الأساسية-التي بنىعليها تصوره الكوني منذ فجر حضارته-مع ممارساته التاريخية،أوعندما تتماس شطآن مكتسباته،وتتقلص آفاق تطلعاته،وتتكسرأمواج مصالحه على رمال العوالم البعيدة"عن التغريب"،أوكلما يُتهدد فشل فرض مشروع هجومي جديد حين تتصدع رؤاه الفكرية المتحولة والمتغيرة المستجيبة لهسترات متطلبات آنية"قانون عبادة شحنة المال والسوق"،وسادية الإستعباد وجشع الاستحواذ،التي حولت المفاهيم الغربية إلى مجرد آلة جهنمية تدميرية لإجتثات الحضارات واستأصال الثقافات،فتتقلص،بموجبها،فلسفاته الجديدة الموسمية لتتحول إلى مجرد"جعجعات عظمى Tautologie immense–حسب وصف الفيلولوجي الفرنسي الكبير"رولان بارث Roland Barthes ،حيث تتسربل مرة بالعقل، ومرات باللاعقل-ليُصيَرها-بالترغيب أو بالترهيب- إلى صنميات"تُقدس لدىالمستضعفين مآلا،والمستغفلين عقلا،والمستدرجين طمعا ،والمهرجين تحذلقا،والمدهنين والنصابين فكرا،من الثالثيين عموما والعرب خصوصا ،
وهكذا–وبمفارقة غريبة-نجد أنه ما من صيحة من الصيحات الفلسفية والفكرية والثقافية في الغرب منذ(فلسفة الكائن)لسقراط وأفلاطون وأرسطو،مرورا بفلسفة الأنوارلأواخرالقرن الثامن عشر(كانط-هيغل) وصولا إلى صيحات العبث،والعدمية،والوجودية،وكل التيارات اللاعقلانية التي جاءت كتمردعلى صرامة العقل(الكانطي-الهيغلي) وجفافه،ورفضه كأداة وحيدة للمعرفة،إلاويعبرعنها بشكل عقلاني صارم أيضا(وتلك من أعاجيب العقل الغربي)،منذ أن طرح نتشه تساؤله الكبيرفي كتابه"الفجر" قائلا:"كيف جاء العقل إلى العالم ،كاللقاء،...-بطريقة لاعقلانية-وعلينا أن نخمنه مثل"اللغز"..ذلك اللغزالذي أنتج: فلسفات اللامعنى واللاقصد واللاغاية واللامبدأ،والتأزم،والقلق،والطريق المسدود،والغثيان،والإنتحار،واللاإنتماء،إلخ ،..بعدأن فشل"العقل الدياليكتيكي الغربي القاهر"في ترشيد إنسانه ،ليقودعالمه"المتحضرحتى الثمالة"و"الديموقراطي حتى النخاع" والحداثي حتى اللاعودة،إلى حربين عبثتيتين لاعقلانيتين بشعتين جهنميتين،كان ضحيتها في الأولى والثانية،أكثرمن مائة مليون إنسان(حوالي40 مليون قتيل في الأولىو70 مليون في الثانية-حسب آخر إحصائيات اليونسكو-،ناهيك عن المعطوبين والتدميرالعمراني وبشاعاته) اللتان أنتجتا تلك الصيحات الفلسفية الجديدة المتناقضة واللاغية لما قبلها ،والتي ربت أجيال المتفلسفين الجدد الرافضين للأنظومة الغربية برمتها-حيث غرق الفكرالغربي ،بعدها،في مستنقعات أزماته الفكرية،..وصلت إلى ذروتها في الستينات والسبعينات،ليختلق الغرب،من جديد،أطروحات فلسفية هجومية جديدة، بدءاً من عام1989 ليفرض مفاهيم جديدة"لفهم العالم الجديد":نهاية التاريخ،صدام الحضارات،الفوضىالعالمية الجديدة"المسوغة للحروب الحضارية الجديدة على (الشرق /النقيض للغرب)التي تم اختيارالعراق ساحة اختبارلها،كبوابة للإكتساح الكامل لبلاد الله مشرقا ومغربا،فتحول (العالم العربي-الإسلامي )من جديد،عبرالهجمة على العراق وأفغانستان ،في الألفية الثانية،إلى مأدبة اللئام،لتتقاعص عليه كل هسترات تآمرات اللوبيات"الغربية: (العسكرية- الدينية- المالية-الإيديولوجية)-ولا تهمنا هنا تسطيحات آراء نفاة المؤامرة-ومرتعا خصبا للمشاريع السرية لمشاريع "الحكومة الخفية"عبرلصوصية الشركات المتعددة الجنسيات و"الإرتزاق الدولي"والنصب الثقافي،وعربدات برابرةعصرالتحضر والتمدن الغربي،بمساندة البغاء السياسي العربي،وخيانة وتخابث نخبهم ومثقفيهم الدائرين في الفلك الغربي وطرقه السيارة المؤدية إلىشعب المطاوح وسراديب المهالك
المرحلة الإنتقالية للحضارة الغربية من التسمم الى المسخ الحضاري:
ثم تأتي المرحلة الإنتقالية الأخيرةللفلسفات الغربية وأطروحاته الهجومية التي خلقت الحروب والأزمات المالية والاجتماعية والأخلاقية،مخلفة وراءها"الفراغ"و"الفوضى"التي لا مخرج منها،سوىالمزيد من"عبقريات الأزمات والحروب"المؤدية إلىالترنح البشري والإنتحارالكوكبي،علىهدي أكذوبات التوليفات الغربية الجديدة : ادعاءات أوباما(التغييرية –الإصلاحية)-التي أصبحت المنقبة الأمريكية الكونية الجديدة- وساديات ناتانياهوالتوراتية،وأكاذيب وترقيعات مجموعة بروكسل،يلخصها لنا المفكرالفرنسي الإستراتيجي الكبير"فيليب سولرس"برصده لمجريات الأمورالدولية،بعد الهجمة على العراق،بهذه العبارة الشهيرة:"لقد قيل لنا أن الديموقراطية انتصرت،والمستقبل سوف يكون للعلم ولحقوق الانسان،وأن العقل انتصر،والتاريخ بلغ نهايته،وحالما ننظر من حولنا،نلاحظ أن الواقع لا يتوافق البتة مع الشعارات المرفوعة :فالتزمت انتشربشكل مخيف،والخرافات والمعتقدات الزائفة اكتست القلوب والعقول والأزمات تفاقمت، وكل الأطروحات تبخرت ،لتعلن موت لانسان... وإلى الأبد.."حيث انتقل العالم بعيد الهجمة على العراق من"التغريب" Ooccidenatalisation إلى التسمم الغربي Occidenttoxication ليصل إلى المسخ الحضاري عبر مشاريع الحروب المقبلة–التي هي مطلب حيوي للولايات المتحدة وإسرائيل-والتي لا مناص منها لاستمرارية الحضارية الغربية
وهاهي الأحداث اليومية الدولية الخطيرة تتدفق في أيامنا هذه تباعا،وتتلاحق التحولات بيننا سراعا،وبأشكال فجائية غيرمسبوقة يصعب استيعابها والسيطرةعليها،أوإستجلاء تبعاتها المهولة علىالبشرية،..مقابل غياب أية ادعاءات حلول مطروحة لهذه المستجدات المربكة في مراكز البحوث،سوى إمطارنا بشلالات اللف والدوران،وطرح أشتات رؤىً لا راتق لها،واجتهادات مجزَأة لا جامع لها،وترقيعات سياسية وثقافية واقتصادية لاسند لها سوى الشتات الفكري والتحايل السياسي،فبدأت التنظيرات الغربية-على جميع المستويات- تتراجع حثيثا عن يقينياتها،وتتحول إلى شوارد وأنظارهجينة لاناظم لها سوىالهجانة،وممارسة الشطح ،والهلوسة"النرفانية،والقفز "السوبرماني"على المشاكل والمعضلات إلى الأمام-بتصديرها إلى الخارج لخلق مشاكل وتوترات خارجية هنا وهناك،بنفس الأخطاء التاريخية الفادحة
وهاهم خبراء الفكروالإقتصاد والسياسة والأناسة والبيئة في أوروربا الغربية(ونحن في عام 2010)،يتخارسون أمام أزمات دولهم،بعيداعن عجائب وغرائب ادعاءات علوم أناسة الغرب منذ القرن الثامن عشر،التي لم يعد لها أي أثر في الغرب منذ السبعينات،(إلا عند نخبنا) فإذا بالغرب يتحدث اليوم عبر صحفه ومجلاته اليوميةعن :"الشرخ الخطير"و"سقوط برج بابل العظيم"و"البوكاليبس"و"المصير المحتوم"و"الكابوس الثقيل"و"جحيم الحضارة"و"نهاية السراب"و"المستنقع العفن"وغيرها من التوصيفات التي لاعلاقة لها بالنزعات الكارثية، والإرتعاب من المجهول،ونهاية العالم (التوراتية) التي سادت أدبيات مفكري ما بعد الحربين الذين وصفوا-زمنها-ب"الرجعيين"والمرتعبين والمهزوزين والحالمين والرومانسيين ذوي الأرواح الحزينة،والمبشرين بالدراما الكونية ونهاية البشرية،أوأولائك المثاليين الذين كانوايبنون التاريخ على مبادئ روحية،وعلى ضوء استقراءات واستنتاجات عبر(جمع عبرة)التاريخ مثل"بليزباسكال"أو"زفالد شبلنغر"أو"سويدنبرغ"أو"أرنولد توينبي"وغيرهم، حيث تحققت"سوداووية تنبؤاتهم"عبرصرخات تحذيرات الإقتصاديين والصحفيين والإعلاميين، والمفكرين، والتحليلات النقدية اليومية للجرائدوالمجلات الأكثرانتشارا،والأكثرجدية ،البعيدة عن الإفتتان أوالتباكي أوالتلذذ"بكفكفة نحيب الرجل الأبيض"حسب تعبيرالمفكروالأكاديمي الفرنسي الكبيرالثاقب النظر"أليكسيس دوطوكفيل"الذي حث الأوروبيين بعد تجربته(كباحث أنثروبولوجي في الولايات المتحدة بعد اختبار تجربتها"الديموقراطية الجديدة")علىالتفكيرالجاد بالكف عن متابعة حلم الإفتتان بخلود الحضارة الغربية التي انهارت حصونها في جحيم بلاد "العم سام"، بعد أن انتقل إليها مشعل "حكمة الرجل الأبيض"الذي اكتسح القارة الجديدة(أمريكا) ليخطط لنظاميه :الحضاري والاجتماعي الجديدين،على أساس ارتكاب"الخطيئة الأصلية الكبرى"حسب تعبير-غارودي-التي اقترف بموجبها منقبتين أساسيتين هما:
-الإبادة الجماعية للسكان الأصليين، الذي وصفه "طوكفيل"Tocquevilleبدعابة مريرة ب"الزحف المنتصر الوحشي لحضارة الرجل الابيض" عبر الفلاة" حيث لم يتبق من مجموع 100 مليون من الهنود الحمر في الامريكيتين سوى 10 ملايين حيث تمت ابادتهم في ظرف اقل من قرن واحد
-منقبة التأصيل المذهبي للعنصرية والقهر"ضد مواطنيه من السود الذين ساهموا في حروب التحرير ضد الانجليز مع جورج واشنطن(الذي الذي تنكر لهم وقلب لهم ظهر المجن فور التحرر)، حيث ستكون هذه "الخطيئة الأصلية"السياسة الثابثة والرسمية للولايات المتحدة منذ واشنطن،إلى أوباما،مع التغيير والتعديل في الفروع لا في الأصول، بذلك النهج الذي ألهم"الدولة العصرية الديموقراطية (العبرية-الغربية): إسرائيل"،اللتان ترتبطان –بحكم تاريخ نشأتهما وعقيدتهما(التوارتية-البروتستانتية)-بأواصرعقدية وفلسفية لن تنفصم عراها، إلى أن يأتي الله أمرا كان مفعولا
للبحث صلة
(1)-انظر:Martin Heidegger ما هو التفكير:؟ Qu'est ce que pencer حيث يعتبر ان الغرب هو تلك البلاد الأسطورية التي تولد فيها الفلسفات مع حلول كل مساء
------------------------------------------------------------------------
وأجمعت التحليلات الصحفية الرصينة في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية على الاعتراف " بالفشل المطبق في ايجاد المنافذ والمخارج"كما عبر عنها طوماس فريدمان ThomasFridman محرر (النيويورك تايمز) بقوله: انه لا بد ان يدفع الجميع ثمنها-"- ومضيفا باسلولب عدمي قاتم" لقد ماتت الفارة الصغيرة الاسطورية ولم تعد قادرة على ان تحمل الينا ،كما كان في السابق"قطعة نقد" واحدةلتضعها آمنة تحت وسائدنا ونحن نيام ن اسنان الرضاعة واضراس العقل، ولعل هذه الازمات ستحفرهم الى الكف بعدم الايمان ب"الحكايا" القديمة ، تلخصها أكبرالمجلات الأسبوعية التحليلية جدية:Le Courrierrier international–عدد -19-12من شهر ماي 2010 في عددها الخاص حول ملف"نهاية أوروبا"الآباء–بالمعنى القدحي التي تعني:النهاية الابدية لنوستالجيا أوروبا"بابا وماما،التي لن تعود أبدا"حيث يستهل مديرها Philippe Thureau-Dangin افتتاحية الملف ،بعبارة مصادمة ورهيبة،بقوله :أن أوروبا ينقصها اليوم-تقريبا- كل شيء: وتحتاج إلى تغييركل شيئ:
دساتير متجددة واضحة
،قائد "كاريزماتيك" :يلم المتفرقات،ويدعم المشتركات،ويسد الثغرات،ويكشف الريب ويجلي المتشابهات
إجراءات جريئة أكثر ديموقراطية(مما يعني انتفاء الديموقراطية الحقيقية في الدساتيرالأوروبية الحالية)
رؤية واضحة ومحددة لأولويات المصالح الحيوية الأوروبية( الإشارة من بعيد إلىارتباط الأولويات الأوروبية الحالية (لأوروبا ماستريك) بمصالح اللوبيات (الإسرائيلو-أمريكية)
ماهي الدروس والعبر التي يمكن استخلاصها
الإجتماعية والمالية مثل اليونان وإيسلاندا وإسبانيا والبرتغال وبعض دول البولونيكس"–والقائمة ستطال المزيد من البلدان الهشة اقتصاديا داخل"مجموعة أثرياء بروكسل"-في القريب العاجل-أما الدول الأوروبية السلافية الفقيرة،المتفتحة حديثاعلى"ألوهية السوق،وربوبية المال الليبيرالية "فقد أُسندت إلى مهاجريها الفارين من براثين الفقرإلى"مشاريع"السقوط في جحيم العنصرية والتهميش والتحقيروالبطالة،لمارسة كل حثالات الأعمال التي كان يقوم بها المهاجرون العرب والأفارقة،لإحلالهم مكانهم بالتدريج،علما بأن مصيردولهم التي كانت تدورفي الفلك الإشتراكي أوالسوفياتي،قد تقررمستقبلها-مسبقا-في نهاية القرن الماضي في(حرب البوسنة والهرسك) ليرمي بها إلى المصيرالمجهول،باللعبة القذرة (الأورو-أمريكية) قصد إعادة بلقنة الواجهة الشرقية لاوروبا لإحكام تطبيق الدب الأبيض الروسي ومراقبة الذئب الاغبر التركي عن كثب (بعبع الغرب الى عشرينات القرن لحوالي ثمانية قرون)
-،بينما يتهدد اليوم أثرياء دول أوروبا كابوس الإرتعاب من التدحرج إلى المستويات الإجتماعية المتدنية لسمج دول مجاهيل أرباض إفريقيا السوداء التي تترجمها–عمليا-النزول اليومي إلى الشوارع لأكثر من المليونين من المتمردين الشباب في اليونان وأوروبا،للتعبيرعن مناهضتهم لكل الإصلاحات العشوائية الإرتجالية الصادرةعن عباقرة التخطيط الأوروبيين الساعين إ ولإخراجها من دائرة "الأورو"و خنقها بالديون ،للرمي بها في غياهيب التخلف الثالثي –قرن شعارات الحداثة والفقيرة،والرمي بها في غياهيب التخلف الثالثي،الذين كان تمردهم في الستينات نتيجة الشبع والتخمة والسأم والقلق والفراغ والتيه والبحث عن حلول لأزمات الروح ،بينما يتمرد شبابهم اليوم ليحقق مطلبا واحدا :job and job and job ولا شيئ غيرjob،بعد ان انسدت امامهم كل الآفاق التي رسمتها اطروحات ما بعد الحرب الكبرى حول الرفاه الأبدي والحرية المطلقة والعيش الرغيد والاغتراف من اللذات الأبيقورية القصوى فإذا بمدنه الكبرىتتحول الى مشاهد درامية وبلزاكية مفجعة مصادمة لمظاهرالتسول المُذلة لإدعاءات"قيم التنوير"...والفقر الجماعي المخزي المرتسم في معظم أحياء باريس الفقيرة التي تخفي الوجه الآخر البشع لقيم"العقد الاجتماعي.". الذي كم تنادت الجمعيات الحقوقية تطالب بعض الحكومة الفرنسية منذ احداث الشغب الذي هددت كيان فرنسا كله عام 2006لمراجعتها لكونها لا تستجيب للمعطيات الجديدة ولمتطلبات الاجناس المختلفة التي تعيش في أو روبا.وما تستنبث هذه المظاهرالجديدة من معضلات(سوسيو-سيكولوجية)تربك الأبحاث الإجتماعية، نتيجة"الصدمة"و"الشرخ"والخوف من المجهول،التي تذكرأجيال الخمسينات والستينات بكتابات ارتعابات كباررومانسيي القرن التاسع عشرمثل:فيكتورهيغو،شاتوبريان،زولا،وديكنز،وغيرهم، وكبار"الرافضين مثل:بيكيت،كافكا،هيمنغواي،رابلي ،برنارد شو،وآخرون،ولا يزال المسنون الذين ولدوا في الثلاثينات والأربعينات،يسترجعون معانى معاناة الفاقة وخذلان الخلان والعشيرة والاقربين،والحرمان من التكافل الاجتماعي والمحبة بين الناس،بعد أن أُكرهواعلى التخلي عنها كقيم"تقليدية مسيحية دينية متخلفة ظلامية "خلصتهم الثورة الفرنسية وقيم "الجمهورية الحداثية والتنويرية"من ربقتها وأركيتها إلىغيررجعة، وياليت أنبياء العقد الاجتماعي:(فولتير-روسو- مونتيسكيو- ديدرو) يبعثون اليوم من جديد في فرنسا،ليشهدوا ما وصل إليه ثلثي سكان باريس وضواحيها(معقل منقبة الثورة الفرنسية الكبرى)- ذات الأزيد من العشرة ملايين-التي يعاني معظم سكانها من شيوع وطغيان المظاهر التالية:
- مظاهر المسغبة والضياع والجهل والأمية والتهميش،والتسكع والصعلكة التي تطال معظم الشباب من الاصل الفرنسي او من ابناء الجيل الثاني او الثالث من المهاجرين الذين يشكلون النسبة الاعلى للساكنة الباريسية والذين يتهددون النمو الديموغرافي مستقبلا وقلب انماط العيش في فرنسا وزعزعة تقاليدها الموروثة التي تقض مضجع ساركوزي وشعثه اكثر من الملفات الاقتصادية وغيرها(وهي من الملفات المسكوت عنها من طرف كل الاطياف السياسية ، والقنبلة الموقوتة التي تهدد الكيان الفرنسي وقيم الجمهورية الخامسة برمتها ما لم يتم وضع عقد اجتماعي جديد على ضوء المعطيات الاثنية والثقافية والدينية الجديدة التي لا علاقة لها بمعطيات "العقد الاجتماعي" للقرن التاسع عشر وفترته الكولونيالية )" ولكل زمان ومكان اقضيته ورجاله" حسب مقولة الامام مالك
-اتساع مجالات ما يسمىب (جغرافيات التخصص للمناطق): ولكل منطقة رجالها وتنظيماتها واتباعها وروادها وقواننينها:
مناطق توزيع الجريمة المنظمة في احياء شمال باريس الفقيرة
مناطق شبكات أنواع الدعارات الجديدة(شورارع وزقق ونوادي ومطاعم ومقاهي)
مناطق وبؤربيع المخدرات ومناطق دعارة الاطفال ، مادام الغرب يتنقل بالانسان –حسب هواه-في مراحل الغرب الانتقالية من (حيوان مينافيزيقي الى حيون عاقل ،وحيون اجتماعي ،حيوان مدني وهكذا الى ان أوصلوه الىحيوان إقتصادي في الثمانينات H omo Economecusت ثم انزلوه بعد التسعينات الى حيوان استهلاكي تبعا لمقولة العولمة والدفع بالبشرية الى السقوط في براثين الليبرالية الشرسة الجديدة التي أدت الى الأزمات المالية والإقتصادية الحالية "ليطوروا" الانسان –حسب قوانين "التطورية السوسيولوجية الداروينية' او بالاحرى انزاله الى ادنى المستويات البهيمية "الانسان الايروتيكي" Homo Erotecusو للدفع بالبشرية في حمأة فنون الرفث والخنا الجديدة الملازمة لتعاطي المخدرات والدعارة والغلمة ،التي طالت الكبير والصغير وهيجت العقول وسكنت الارواح ،حيث تحولت هذه الثقافة الجديدة الى مفاهيم وسلوكيات عائلية جديدة تقوم القنوات ووسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة بمهمة التطبيع معها ( أصبحت أسواق المخدرات والقوادة والدعارة باشكالها القديمة والجديدة، المصادرالأولى للإرتزاق لأعلى نسبة من الشباب الفرنسي ويرعاها سياسيون من اليمين واليسارسواء من أجل الإثراء المادي أوالمكسب السياسي) وذاك من اهم المشاريع المتبقية التي يرشحها الغرب للدول النامية، ولذا، فمن الطبيعي رعايةوحماية وتشجيع مثل هذه الممارسات في الدول الفقيرة وخاصة الدول العربية الثرية ( دول البترودولار) والدول العربية الكبرى التي فيها اكبر نسبة من الشباب في العالم (مصر الجزائر المغرب) التي تتماشى وما يسمى بالبغاء السياسي
-تشجيع التعاطي الجديد لما يسمى ب" المخدرات اللطيفة"( الكانابيس) Drogues douces بين الأحداث بسن قوانين جديدة قصد تيسير استهلاكها علنا والترخيص بتعاطيها (في (مجموعة بروكسل) وخاصة في ( فرنسا وسويسرا وهولاندا وبلجيك)ا ،والعمل علىترويجها بين القاصرين تحت دعاوى صرفهم عن استهلاك المخدرات "القوية"Drogues dures – علما بانهم يتحولون الى مستهلكين وزبائن مدمنين محتملين مستقبلا- (أكثرمن 90بالمائةمن القاصرين يتعاطون المخدرات وأنواع الدعارات والإيروتيكيات الجديدة في باريس وضواحيها-مابين المستهلكين والبائعين)ومايتلوذلك من كل أنواع الإنحطاطات الخلقية المعقدة(سيكو-سوسيولوجية) التي لا يوجد اي ملف جاد لمعالجتها سواء على مستوى الادارة المركزية بمقر محموعة بروكسل او على مستوى الحكومات الاوروبية.او على مستوى المنطمة الدولية (اليونسكو)....وذاك أيضا من اهم "مشاريعهم الحضارية" المقترحة للعالم الثالث كحلول معضلات الشباب العالمي
-تزايد العنف في معظم المؤسسات التعليمية ضد المدرسين والمديرين والإداريين،مما يدعوإلى توظيف حراس أمنيين داخل الفصول لحماية المعلمين- مع تفاقم نسبة الهدرالمدرسي والإعاقات الإدراكية المستعصية التي لم ُيتوصل إلى فهمها،أوإيجاد حلول لها... وذاك مشروعهم المستقبلي للمؤسسات التربوية في عوالم المتخلفين
-
-تصاعد ظواهرأجتماعية معقدة لشرائح شبابية جديدة تربك مراكزالبحوث الإجتماعية، حيث يتم الحديث اليوم في فرنسا عن "ثقافتين": ثقافة النخبة الباريسية الشابة الثرية الاوروبية العرق " La culture parisenne de souche و"ثقافة الضواحي" او ثقافة الصامتين والمهمشيين والأعراق الدنيا الفرنسية من الاصول (الغير-اوروبية –غربية) من عرب وافارقة واسويين وغجر وسلاف-مادامت الاعراق السلافية مايزال ينظر اليها في اوروبا الغربية ،حتى اليوم ونحن في القرن الواحد واالعشرين على انها أعراق دونية-التي هي اغالبية العظمى من الساكنة التي ستكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهرالبعير،بينما يقوم السياسيون الأوروبيون في كل عواصم المجموعة الأوربية–يمنة ويسرة-بإلإجماع المشبوه بممارسة اللعبة القذرة الجديدة في مناقشاتهم البرلمانيةبإلهاء شعوبهم بالمناقشات الهستيرية بإعادة استلهام قوانين نابليون القديمة حول تأويلات"الرموزالدينية الظاهرية"les signes ostantaoires religieusesلسن قوانين منع الحجاب والنقاب الذي"لايتناسب"وقيم الجمهورية العليا و"ربوبية العلمانيات-والغرب يتحدث عن العلمانية بالجمع وما يزل عباقرتنا العرب يتحدثون عنها بالمفرد-التي حولت البرلمانات الأوربية إلى منابرفقهية،ومجاميع كلامية عقائدية سواء:"للأصوليات العلمانية الإستأصالية الجديدة" او التطرفات اليمينية الصاعدة المتسترة وراء ما يسمى بالاحزاب الديموقراطية الليبرالية الجديدة"لصرف قطيع البشر المضبعين الأوروبيين عن التفكيرالجاد في معضلاتهم،وسترأخطاء الساسة والقادة والإقتصاديين والمنظرين للتبرير"الإيديولوجي الجديد"–بعد نهاية الإيديولوجيات كما يدعون- لتهيئة العقول الأوروبية المرتعبة من"الإرهاب الاسلامي"لشن الحروب الحضارية القادمةالفاصلة مع"الشرق الشرير"-سواء أكان مسلما أو بوذيا أوكونفوشيوسيا أوبراهماتيا أوأرثوذوكسيا-بقيادة التوليفة الصليبية الجديدة للقرن الواحد والعشري:(الاسرائيلية-الاوروبية -الأمريكية )…وتلك مشاريع سياساتهم المستقبلية،وبرامج علوم أناساتهم،من أجل دمج رعاياهم من الأعراق والملل الأخرىالغير(مسيحية-يهودية) عبر: التدجين ! التهميش ! الإقصاء ! الإستأصال !ولا شيء غير ذلك !!!
ماذا تبقى للغرب من مشاريع"حضارية انسانية مستقبلية"…للبشرية؟؟؟
مقاربة انثروبو-تاريخية
اتي حين على الحضارة الغربية حين من الدهر ولم تعد شيئا، فلقد ولى باليقين الكامل زمن الحقائق اليقينية التي كانت تذكي من الحماس الغربي للمزيد من السيطرة وخاصة بعد انهيار الامبراطوريات الاستعمارية السابقة التي انهكتها حروب المنافسات الجشعة فيما بينها و تحت ضريات حروب التحرير الوطنية للدول المستعمرة سابقا
ولذا،يبدواليوم-أكثرمن أي وقت مضى،أن أزمنة الهيمنة الغربية قد شارفت على نهايتها،بعد استنفاذ الغرب لكل أرصدته التنظيرية،ونضوب معينه الفكري والفلسفي والاقتصادي والسياسي بشكل لايماري فيه باحث جاد،..فتولد من رحم الغرب نفسه طائفة من المفكرين الذين يعون اليوم واقع المصيرالواضح لإنهيار حضارتهم ،بعد تراجع هجومية ادعائية عالمية وصلاحيات وصوابية اطروحات وخطابات"النهايات"و"المابعد"و"اللاءات"التي استحدثت المزيد من الأغلوطات في فهم وترشيد"العالم الجديد"التي جبًت ما قبلها من رؤى وفلسفات وإيديولوجيات ،اتسمت باليقينية في زمنها،وأطاحت بالمعسكرات الإشتراكية عبرالإطاحة بالإتحاد السوفياتي(الرائد للدول اشتراكية والثورية) وتم القضاء على أطروحاته وأحلام تطلعاته التي لا يزال البعض من الحالمين يعانون من"نوستالجيا"علمية الشيوعية وقدسية رؤيتها،وأزلية صلاحيتها لكل زمان ومكان–التي تبنتها روسيا البيضاءعبرالثورة البولشفية كرؤية كونية جديدة لها،وكرسالة إنسانية الىالعالم (التي كان ماوتسيي تونغ يتقي أحابيلها كإمبريالية قيصرية متسربلة بمسوح "إنسانوية ماركسية"أكثرمما كان يتخوف من الغرب الإمبريالي-حسب وصيته لابنته قبيل موته- حيث كان الإتحاد السوفياتي-الذي انهار-ذلك الوجه الآخر للغرب المتمردعلى نفسه عبرالماركسية،والعائد اليوم إلىالساحة العالمية عبرالبوابة الشرقية،-بالتنافس مع تركيا وإيران–كعدويين عتيدين تاريخيين للقيصرية الروسية وخاصة تركيا-(لاقتسام الكعكعة الجديدة لعالم ما بعد الإتحاد السوفياتي السابق،وللعالم المتشظي اليوم،إستعداداَلما بعد الأمركة الأكيدة القادمة) ببراغماتية جديدة مبهمة ومتخابثة،على شكل قيصرية وأرثوذوكسية مسيحية متجددة،بعد موات بولشفيته وستالينيته و"إشتراكيته العلمية اللينينية"التي لم تعد تهزأعطاف أحد في الغرب،أوفي روسيا،أوتحرك أشجان الديموقراطييين أوالليبيراليين أوالمهمشين أوالفوضويين أوالمثاليين أوالصامتين على السواء في كافة الغرب،من موسكوإلى سيدني،...ويُصنف ما بعد الإتحاد السوفياتي اليوم في الكراسات المدرسية في الغرب–جغرافيا وتاريخيا وثقافيا- ضمن الأنظمة الشمولية التاريخية السابقة،وكبرى فاشيات القرن العشرين،وكنموذج لفشل أوهام طوباويات"جنة البروليتاريا الموعودة على الأرض"حيث تطوحت أحلام الروس السلاف مرتين في غضون أقل من قرن، للمنافسة على الإستفادة من لعبة اقتسام كعكة العالم الذي بدأ الغرب:(الكاثوليكي -الكنسي-العلماني -الدنويوي) يخطط لها بدءا من عام1800 : الذي سجل الفترة الحاسمة في مسارالغرب الإمبريالي الذي اتسع فيه الخيال الخصب للملحمة الاستعمارية الكبرى،حيث لم تكن أطروحات الأنوارالألمانية،والتنويرالفرنسي المبشرة ب"أحسن العوالم"Le meilleur desmondesبعد خمسينات القرن الثامن عشرسوى دعما لحصرية قدرة الغرب على التنظير و"العقلنة"rationalisation اللتان أججتا لقيام التنظير المؤسساتي للعنصرية المقيتة لاحقا عبرالكولونياليات الإستعمارية ،وأطروحة "حق الرجل الأبيض" في تحضير وترشيد الشعوب
رجمها–عمليا-النزول اليومي لأكثر من المليونين من المتمردين الجدد الشباب في اليونان وأوروبا ، مما يذكر أوروبيي القرن الواحد والعشرين –قرن شعارات الحداثة والرفاه والوفرة الإقتصادية-الذي تحولت مدنه الكبرىإلى مشاهد درامية مفجعة مصادمة لمظاهر التسول المذلة لإدعاءات "قيم التنوير"، والفقر الجماعي المخزي لقيم"العقد الاجتماعي"،وما تستنبث هذه المظاهر الجديدة من معضلات (سوسيو-سيكولوجية) نتيجة"الصدمة" و"الشرخ" والخوف من المجهول،التي تذكرهم بكتابات ارتعابات كبار رومانسيي القرن التاسع عشرمثل:فيكتورهيغو،شاتوبريان،زولا،وديكنز،وغيرهم، وكبار"الرافضين مثل:بيكيت،كافكا،هيمنغواي،رابلي ،برنارد شو،وآخرون، ولا يزال المسنون الذين ولدوا في الثلاثينات والأربعينات،يسترجعون معانى معاناة الفاقة وخذلان الخلان والعشيرة والاقربين، والحرمان من التكافل الاجتماعي والمحبة بين الناس، بعد ان أُكرهواعلى التخلي عنها كقيم"تقليدية مسيحية دينية متخلفة ظلامية "خلصتهم الثورة الفرنسية وقيم "الجمهورية الحداثية والتنويرية"من ربقتها إلىغيررجعة، وياليت أنبياء العقد الاجتماعي(فولتير-روسو- مونتيسكيو- ديدرو) يبعثون اليوم من جديد في فرنسا،ليشهدوا ما وصل إليه ثلثي سكان باريس وضواحيها- ذات الأزيد من العشرة ملايين-من:
- مظاهر المسغبة والضياع والجهل والأمية والتهميش،
-اتساع مجال جغرافية الجريمة والإتجاربالمخدرات التي طالت فرنسا من أقصى الجنوب (مارسيليا) إلى كالي ودنكرك بأقصى الشمال (حيث أصبحت سوق المخدرات المصدرالأول للإرتزاق لأعلى نسبة من الشباب الفرنسي ويرعاها سياسيون من اليمين واليسار)،
-تزايد تعاطي كل أنواع لمخدرات بين الأحداث،وترويجها بين القاصرين–كزبائن مدمنين مستقبلا- في المدارس الإبتدائية والثانوية (أكثرمن 90بالمائةمن القاصرين يتعاطون المخدرات وأنواع الدعارات والإيروتيكيات الجديدة في باريس وضواحيها)ومايتلوذلك من كل أنواع الإنحطاطات الخلقية المعقدة(سيكو-سوسيولوجية) وذاك هو"المشروع الحضاري"إلي يقترحه الغرب حاليا لأبناء أبناء العالم الثالث)
تزايد العنف في معظم المؤسسات التعليمية ضد المدرسين والمديرين، مما يدعوإلى توظيف حراس أمنيين داخل الفصول لحماية المعلمين- وذاك مشروعهم المستقبلي للمؤسسات التربوية في عوالم المتخلفين
تزايد غياب أبسط الشروط المعيشية الإنسانية للغالبية العظمى للسكان في بلد"الأنوار-وذلك الوجه الخفي القبيح المستورالذي تصدم بشاعته في مقاطعات باريس الشمالية ومعظم ضواحيها القريبة التي أصبحت مجرد بؤرتفرخ الإجرام والإنحراف والتخلف والفقر–ويطلق عليها سوسيولوجيا ب"ثقافة الضواحي"
تصاعد ظواهرأجتماعية معقدة لشرائح شبابية جديدة تربك مراكزالبحوث الإجتماعية،التي ستكون بمثابة القشة التي ستقصم ظهرالبعير،بينما يقوم السياسيون الأوروبيون في كل عواصم المجموعة الأوربية–يمنة ويسرة-بإلإجماع المشبوه بممارسة اللعبة القذرة الجديدة في مناقشاتهم البرلمانيةبإلهاء شعوبهم بالمناقشات الهستيرية بإعادة استلهام قوانين نابليون القديمة حول تأويلات "الرموز الدينية الظاهرية"les signes ostantaoires religieusesلسن قوانين منع الحجاب والنقاب الذي"لايتناسب"وقيم الجمهورية العليا و"ربوبية العلمانيات-والغرب يتحدث عن العلمانية بالجمع وما يزل عباقرتنا العرب يتحدثون عنها بالمفرد-التي حولت البرلمانات الأوربية إلى منابرفقهية، ومجاميع كلامية عقائدية" للاصوليات العلمانية الإستأصالية الجديدة"لصرف قطيع الأوروبيين عن التفكيرالجاد في معضلاتهم،وسترأخطاء الساسة والقادة والإقتصاديين والمنظرين للتبرير"الإيديولوجي الجديد"–بعد نهاية الإيديولوجيات كما يدعون- لتهيئة العقول الأوروبية المرتعبة من "الإرهاب الاسلامي" لشن الحروب الحضارية القادمةالفاصلة مع "الشرق الشرير"-سواء اكان مسلما أو بوذيا أوكونفوشيوسيا أوبراهماتيا أوأرثوذوكسيا-بقيادة التوليفة الصليبية الجديدة للقرن الواحد والعشرين(التوراتية-البروتستانتية-الانجيلية) :(الاسرائيلو-أمريكية )…
فماذا تبقى للغرب من مشاريع"حضارية انسانية"؟…
ومما لاغروفيه،فإن لكل أزمنة أقضيتها،ولكل أقضية رجالها،ولكل أمكنة أناسها-حسب مقولة الامام مالك-وذاك منطق قانون التداول بين الأمم والحضارات،ومبدأ التدافع الفطري بين البشر،مثل تعاقب الفصول والليل والنهار،قبل ظهورالفلاسفة والأطروحات ونقائضها،...وبالتالي فلقد أتىعلى الغرب حين من الدهر ولم يعد شيئا،ولذايبدواليوم-أكثرمن أي وقت مضى،أن أزمنة الهيمنة الغربية قد شارفت على نهايتها،بعد استنفاذ الغرب لكل أرصدته التنظيرية،ونضوب معينه الفكري والفلسفي والاقتصادي والسياسي بشكل لايماري فيه باحث جاد،..فتولد من رحم الغرب نفسه طائفة من المفكرين الذين يعون اليوم واقع المصيرالواضح لإنهيار حضارتهم ،بعد تراجع هجومية ادعائية عالمية وصلاحيات وصوابية اطروحات وخطابات"النهايات"و"المابعد"و"اللاءات"التي استحدثت المزيد من الأغلوطات في فهم وترشيد"العالم الجديد"التي جبًت ما قبلها من رؤى وفلسفات وإيديولوجيات ،اتسمت باليقينية في زمنها،وأطاحت بالمعسكرات الإشتراكية عبرالإطاحة بالإتحاد السوفياتي(الرائد للدول اشتراكية والثورية) وتم القضاء على أطروحاته وأحلام تطلعاته التي لا يزال البعض من الحالمين يعانون من"نوستالجيا"علمية الشيوعية وقدسية رؤيتها،وأزلية صلاحيتها لكل زمان ومكان–التي تبنتها روسيا البيضاءعبرالثورة البولشفية كرؤية كونية جديدة لها،وكرسالة إنسانية الىالعالم (التي كان ماوتسيي تونغ يتقي أحابيلها كإمبريالية قيصرية متسربلة بمسوح "إنسانوية ماركسية"أكثرمما كان يتخوف من الغرب الإمبريالي-حسب وصيته لابنته قبيل موته- حيث كان الإتحاد السوفياتي-الذي انهار-ذلك الوجه الآخر للغرب المتمرد على نفسه عبرالماركسية،والعائد اليوم إلىالساحة العالمية عبرالبوابة الشرقية،-بالتنافس مع تركيا وإيران–كعدويين عتيدين تاريخيين للقيصرية الروسية وخاصة تركيا-(لاقتسام الكعكعة الجديدة لعالم ما بعد الإتحاد السوفياتي السابق،وللعالم المتشظي اليوم،إستعداداَلما بعد الأمركة الأكيدة القادمة) ببراغماتية جديدة مبهمة ومتخابثة،على شكل قيصرية وأرثوذوكسية مسيحية متجددة،بعد موات بولشفيته وستالينيته و"إشتراكيته العلمية اللينينية"التي لم تعد تهزأعطاف أحد في الغرب،أوفي روسيا،أوتحرك أشجان الديموقراطييين أوالليبيراليين أوالمهمشين أوالفوضويين أوالمثاليين أوالصامتين على السواء في كافة الغرب،من موسكوإلى سيدني،...ويُصنف ما بعد الإتحاد السوفياتي اليوم في الكراسات المدرسية في الغرب–جغرافيا وتاريخيا وثقافيا- ضمن الأنظمة الشمولية التاريخية السابقة،وكبرى فاشيات القرن العشرين،وكنموذج لفشل أوهام طوباويات"جنة البروليتاريا الموعودة على الأرض"حيث تطوحت أحلام الروس السلاف مرتين في غضون أقل من قرن، للمنافسة على الإستفادة من لعبة اقتسام كعكة العالم الذي بدأ الغرب:(الكاثوليكي -الكنسي-العلماني -الدنويوي) يخطط لها بدءا من عام1800 : الذي سجل الفترة الحاسمة في مسارالغرب الإمبريالي الذي اتسع فيه الخيال الخصب للملحمة الاستعمارية الكبرى،حيث لم تكن أطروحات الأنوارالألمانية،والتنويرالفرنسي المبشرة ب"أحسن العوالم"Le meilleur desmondesبعد خمسينات القرن الثامن عشرسوى دعما لحصرية قدرة الغرب على التنظير و"العقلنة
"rationalisation اللتان أججتا لقيام التنظير المؤسساتي للعنصرية المقيتة لاحقا عبرالكولونياليات الإستعمارية ،وأطروحة "حق الرجل الأبيض" في تحضير وترشيد الشعوب
د.الطيب بيتي / مغربي /باحث أنثروبولوجي مقيم بباريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.