الحرية وحقوق الإنسان والعدالة والتنمية المستدامة والديمقراطية، هذه المصطلحات التي نستلهمها من وراء البحار وتحديدا من الغرب وهي التّي تحمل في ظاهرها كلّ الخير لفائدة الانسانية ولكن الغرب الذي "ابتدعها" يكيل في شأنها بميزان المكيالين فالساحة الفلسطينية أقوى مثال على الممارسة الحقيقية لهذه القيم و هذه المصطلحات وما السجون الصهيونية التي تغصّ بالأسرى الفلسطينيين والقمع ضد المواطن العادي في الشارع لفلسطيني ومصادرة أبسط الحريات لديه إلا دليل على فداحة ممارسة هذه المصطلحات التّي يبدو أنّ معانيها تحدّد انطلاقا من العنصر الجغرافي والعرقي والديني والمصلحي وحتّى اللغوي ولون البشرة والانتماء... وما يحيّرني شخصيا هو المصطلح الرنان والجميل الذي اجتاح عالمنا العربي منذ 7 سنوات تقريبا، هذا المصطلح الذي صفّق له العرب قبل الغرب وانساقوا له انسياق الأعمى ألا وهو "الربيع العربي" وما تعنيه كلمة "ربيع" من السعادة والورود والزهور وراحة البال والإقبال على الحياة بصفاء كيف لا وهو الذي يسبق فصل الصيف، صيف البحر والاستجمام والسمر والسهر .. إلاّ أنّ هذا "الربيع العربي" الذي ابتدعه لنا الغرب كان خريفا معربدا ومكفهرا ومغبرا يزرع الحرائق أينما ما حلّ ويزرع الموت والخراب أينما ما مرّ ويقصف الأرواح البشرية بلا رحمة على الملل فساءت أوضاع العرب وخلّف في ظهرانيها الفتن والمحن والكرب وما جرى و يجري في العراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان ومصر وغيرها من الأوطان العربية من قتل على الهوية والتهجير القسري والقضاء في لحظة مجون وجنون على تاريخ وحضارة تلك الأوطان لا يقبل شرحا ولا تفسيرا في معنى هذا "الربيع" الذي أضحى بمثابة فصل الشتاء الممطر برعده وبرقه وجبروته ورياحه وعواصفه فاقتلعت من جرائه الشجر ومات البشر وحل الخراب والدمار وانتهكت كرامة كلّ ما هو حي فهل بعد هذا مازلنا نصدق فصول السنة وكذب البشر..؟؟؟ وبالعودة إلى المصطلحات الرنانة القادمة من الغرب هل أصبحت تعني عكس معناها اللفظي لتصبح الحرية عبودية والديمقراطية دكتاتورية والكرامة مذّلة وإهانة وحقوق الانسان سجون وسلب للحريات وامتهان ؟؟ وبالتالي نسأل هل هي هدايا الغرب المسمومة ؟؟ وعلينا التعامل معها بحذر وروية حتّى لا نسقط في فخ هذه البليّة؟؟ ولكن السؤال الأهم هل قدرنا أن نصدّق هذه المصطلحات القادمة من الغرب الكاذب الكذوب ونروجها بين أهالينا وأبنائنا لنستيقظ على فظاعة أثارها خرابا وقتلا ونهبا لمدخراتنا وخيراتنا وقد صدق أجدادنا حين قالوا "اللّي جايك من الغرب ما يفرح القلب"...